"الأسد" المذعور وعروض الرحيل
1 صفر 1434
خالد مصطفى

أصبح السؤال الذي تتداوله الدوائر السياسية والصحفية العالمية والمحلية الآن إلى أين يفر بشار الأسد بعد أن تاكد الجميع من أن سقوطه أصبح مسألة وقت, تستوي في ذلك القوى الغربية التي تعارض حكمه منذ بداية الثورة أو القوى الموالية له والمتمثلة في روسيا وإيران وحزب الله اللبناني وحكومة العراق الطائفية...

 

لأول مرة يجتمع هؤلاء على نتيجة واحدة وهي أن سقوط الأسد أصبح مسألة وقت بعد أن تمكنت المعارضة من الإحاطة بالعاصمة السورية دمشق إحاطة السوار بالمعصم, واقتحام عدد كبير من وحدات المليشيات التابعة للأسد قرب مطار دمشق والسيطرة على معظم الحدود السورية مع دول الجوار بجانب تحرير أجزاء كبيرة من الأراضي السورية من أيدي شبيحة النظام النصيري وأسر عدد كبير من جنود النظام وفرار الكثير منهم إلى الخارج..

 

الائتلاف السوري المعارض الذي يضم العديد من قوى المعارضة لنظام الأسد نال اعتراف معظم الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا, كما نال اعترافا مبدأيا من الجيش الحر, وقد أكد رئيسه في تصريح مفاجئ بأن هناك عروضا تقضي بتنازل الأسد عن السلطة والمغادرة سالما ولم يوضح تفاصيل العروض وما هي الجهات التي عرضتها ولكنه أشار إلى أن الائتلاف سيدرس أية عروض جادة بهذا الصدد..

 

ولا يمكن فصل ذلك عن تصريحات الأمين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن الذي أكد فيها أن النظام السوري "قريب من الانهيار", وان سقوطه "مجرد مسألة وقت", وصاحب ذلك تخلي روسيا عن نظام الأسد حيث قال نائب وزير خارجيتها "علينا أن نواجه الأمر. النظام والحكومة يفقدان السيطرة على البلاد أكثر فأكثر, وبالتالي لا يمكننا للأسف استبعاد انتصار المعارضة" ورغم محاولات موسكو تدارك تلك التصريحات إلا أنها تدل على تغير حاد في موقفها نتيجة لموقف المعارضة المتقدم على الأرض..

 

لقد انتشرت معلومات خرجت من مصادر في الحكومة العراقية الموالية للأسد بأن هناك مفاوضات سرية تقودها إيران وروسيا مع المعارضة وأطراف غربية من أجل تأمين خروج الأسد وعائلته وأن هناك خلافات على الطريقة التي سيخرج بها وإلى أين؟..

 

طبعا هناك مخاوف من محاولة الغرب إخراج الأسد بطريقة تؤدي إلى انقسام البلاد إلى دولتين واحدة سنية وأخرى علوية وهذا إذا تم السماح له بالعبور آمن مع قواته إلى الساحل العلوي والتترس هناك مع طائفته وهو ما تخشاه المعارضة..

 

سيناريو خروج الأسد لم يصرف القوى الغربية عن التفكير في شكل النظام بعد رحيله حيث أن الدرس القاسي الذي حصل لها في تونس ومصر بعد وصول الإسلاميين للحكم وخروجهما عن السيطرة الغربية أصابها بالفزع وأصبحت  تتوجس من المعارضة السورية الإسلامية وتسعى بشتى الطرق لإقصائها وهو ما يبرر عدم دعمها للمعارضة المسلحة حتى الآن لأن الإسلاميين يشكلون جزءا رئيسيا فيها, وهو ما جعلها تضع جبهة النصرة على قوائم "الإرهاب"..

 

المعارضة المسلحة من جهتها ومع شعورها بقرب انهيار نظام الأسد أرسلت رسالة واضحة بأنها غير طامعة في حكم البلاد وأنها ستترك الأمر للسياسيين وانها تفتح صفوفها لجميع فئات وطوائف الشعب, وهو أمر مشجع للداخل والخارج معا...

 

لم يكن أحد يتصور قبل أشهر أن تصل الثورة السورية لهذا النجاح المدوي ولكن مع صبر وإصرار وصمود الشعب السوري تغيرت الموازين.. وإن غدا لناظره قريب.