الشخصية العدوانية وطرائق العلاج التربوي
27 محرم 1434
د. خالد رُوشه

[email protected] يحتار كثير من المربين في التعامل مع شخصية الابناء أو الطلاب عندما تظهر منهم بوادر العدوانية والاعتداء على الآخرين وحب الابتداء بالظلم والضرب والاستيلاء على حاجة الآخرين بالقوة , وإرغام الآخرين برأيه مع إهمال حاجة الآخرين والاستهانة بآلامهم .. وغيره ويحتاج المربون ابتداء أن تكون لهم بوصلة علمية واضحة في دراسة الحالة وتشخيص المرض ومن ثم الابتداء في خطوات متتالية ومتتابعة للعلاج ثم تقويم النتائج .. أولا : اسباب تكوين الشخصية العدوانية : اختلفت نظريات العلماء في تفسير السلوك العدواني وأسبابه .. - ففسرها البعض على اساس الغريزة , ويرى هؤلاء – ومنهم سيجموند فرويد - أن العدوانية شىء فطري تجاه الآخرين فيرى أن الإنسان قد يكره أخاه بالفطرة وأن وراء المحبة الظاهرة للناس عداء فطري داخلي , فالظلم والقهر من طبائع النفس وإنما وظيفة المجتمع تهذيب ذلك - وفسرها آخرون بالإحباط , فقالوا أن الإنسان بطبعه ليس عدوانيا وإنما يتفجرالعدوان بالإحباط , ومنهم البروفيسيرة الانجليزية " كايتن إل " , فهم يقولون أن الغضب هو سبب العدوان , وأن الغضب ينشأ عندما لا تتحقق أماني الإنسان - وآخرون رأوا أن العدوان إنما هو سلوك متعلم من خلال التعايش والصراع المجتمعي للفرد أثناء حياته , ومن ابرز من قال ذلك باترسون وباندورا وغيرهم - ويرى جليفورد أن العدوانية سمة شخصية تمتد في البعد بينها وبين الصداقة والمحبة , والناس يتفاوتون في ذلك بقدر قدرتهم على مقاومة رغباتهم الداخلية ومواقفهم المختلفة وبالاستقراء البحثي يمكننا الوصول إلى أن طبيعة الإنسان الأصلية ليست عدوانية وليست على الجانب الآخر خانعة أو ضعيفة , ولكن لدى كل امرى قابلية ذاتية تختلف عن الآخر وتزيد الحوادث الحياتية والخلطة المجتمعية والتكوين الذاتي المصطحبة والمبادىء الذاتية والقدرة على ترويض الذات .. ثانيا : أسباب العدوانية نستطيع إذن الوقوف بوضوح على أهم أسباب العدوانية الحديثة والتي يمكن أن يتصف بها أبناؤنا أو طلابنا .. 1- قد تظهر العدوانية عندما يتعرض الطفل للفشل المتكرر نتيجة طموحات مرتفعة لايستطيع الوصول إليها 2- وقد تظهر العدوانية أيضا عندما يتبلور لدى الابناء أهداف غير واقعية , يجنح بها الخيال أو يتمناها العقل 3- كذلك تزداد النزعة العدوانية المختبئة ظهورا عندما يتحداها المحيطون ويشيرون إليها بالمقت والكراهية 4- طبيعة المجتمع الحديث في سرعة دورانه وسحقه للشخصيات التي لا تستطيع التكيف معه 5- المادية الشديدة التي تتصف بها بعض المجتمعات مع إهمال الجوانب الروحية 6- خفاء التعاليم الإيمانية والقيم والمبادىء العلوية , والتي جاء بها الأنبياء عليهم السلام هدى ورحمة للناس ودفعا للظلم بينهم والعدوان ثالثا : علامات الشخصية العدوانية : - تتصف الشخصية العدوانية عادة بالقلق والاضطراب وعدم السكينة - كما تتصف بحب الذات وزيادة الرغبة في تقدير الآخرين له - وتتصف كذلك بحب قضاء اللحظة وتغير المزاج من حالة لأخرى بسرعة والرغبة في المزاح - يبحث العدواني دائما عن كبش فداء في كل حالة يمر بها - عدم الشعور بالأمن رابعا : دلائل سلوكية للعدوانية : نستطيع عن طريق الاستقراء الوقوف على عدة دلائل سلوكية في المواقف المختلفة على العدوانية ومنها : - كثرة الجدل وعدم القدرة على تهدئة الحوار - سرعة الاستفزاز وصعوبة السيطرة على الانفعال - الصراحة الزائدة , فقد يصرح لأصدقائه بالكره لمجرد موقف - كثرة الاشتباك بالايدي - كثرة الغيرة الداخلية - حدة الطباع - سوء فهم الآخرين وإساءة الظن بهم خامسا : وسائل علاجية : 1- من أهم الوسائل التي تؤثر في نجاح العلاج هو ملاحظة المرض في بدايات نشأته , ويقع ذلك على عاتق المربين في المرحلة الأسرية الأولى ومرحلة الابتدائي 2- ينبغي على المربين ترسيخ مفاهيم العفو والصفح والتغافر والتواد والتحابب في نفوس الابناء والطلاب بصورة مكثفة ومتتابعة بحسب ما يناسب قدراتهم 3- كذلك من المهم ترسيخ مفاهيم الحوار وتقدير رأي الآخرين واحترام سلوك الآخر وحقهم في التعبير والتصرف بما لايضر 4- ترسيخ مفاهيم الرضا والقناعة ومفاهيم التصالح الذاتي , فإنها ستؤثر على ضعف مشاعر الغيرة والرغبة في سحق الآخرين 5- على الوالدين دور كبير جدا في العدل بين الابناء , فالحرمان أو عدم الموازنة في العطاء يولد الغيرة والكره الذين هما من أسباب انبعاث العدوانية 6- سرعة التدخل عند الخلافات 7- الاهتمام بالتأثير الإيماني والعقيدة في القضاء والقدر والرزق ومثاله 8- تبدو ههنا أهمية كبيرة للدورات الروحية التطبيقية كالمواعظ والارتباط بالمساجد وحضور دروس العلم والتربية