أنت هنا

انفضاض البازار الصفوي بفلسطين
14 محرم 1434
موقع المسلم

سبحان من يُغَيّر ولا يتغير!!
فلو أن كاتباً ساخراً كتب منذ شهور معدودات هذا المشهد الحافل بالمفارقات بعد عودة التهدئة بين غزة المرابطة والعدو الصهيوني، لقيل:إنه خصب الخيال وجامح التصور!!

فما أشد البون بين تصريحات رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية عن " امتنانه للذين وقفوا مع أهل غزة في مواجهة العدوان الصهيوني-وقد خص إيران ثم مصر بالاسم- وبين مسارعة قائد ما يسمى الحرس الثوري الإيراني إلى التبرؤ من " تهمة" تسليح ثوار غزة بصواريخ بلغ مداها 75 كيلو متراً، بينما كان ادعاء أمور كهذه أنشودة يومية تثير الضجر، بسبب تكرارها المقيت صباح مساء، على ألسنة قيادات الدولة المجوسية الجديدة وأدواتها وأبواقها في الشام والعراق ولبنان، من ساسة وذوي عمائم مأجورة وأقلام تعمل بنظام المتعة( المال في مقابل التخلي عن الشرف لوقت محدد)!!

فما الذي تبدل حتى أصبح موضع المفاخرة بالصدق النادر والكذب الشائع، أصبح محل سخط وإنكار عاجل، ممن ظلوا يفترون على الله الكذب فيزعمون أنهم "محور الممانعة والمقاومة"؟

ربما يأتي الانقلاب الجذري لدى القوم نتيجة سعي حركة حماس الجلي إلى النأي عن علاقتها الخاصة مع ملالي الصفويين الجدد، بالرغم من كلمات هنية التي قد يكون اضطر إلى قولها لإرضائهم أو لتقليص حجم غضبهم، أو لعدم استفزاز حركة الجهاد التابعة لهم. فطهران تريد بذلك إشعار سادتها في تل أبيب وواشنطن أنها لم تعد قادرة على ممارسة ضغط فعلي على حماس، مثلما كانت تفعل في السنوات الماضية.

في الوقت ذاته، ينبغي للمتابع الموضوعي أن يلحظ بعين يقظة تأكيد ناشطين بارزين في حماس أن الأسلحة التي تصدت بها المقاومة الباسلة في غزة لعدوان يهود، جميعها من صنع محلي وتطوير على أيدي خبراء فلسطينيين يقيمون في القطاع المُحَاصَر منذ سنين.وقد سبقت هذه التأكيدات حصول التهدئة بل إن أصحابها أطلقوها في الساعات الأولى من المواجهة التي انتهت بفضل الله تعالى إلى إرغام المجرم نتنياهو على قبول الشروط القاسية التي أصرت عليها فصائل المقاومة للقبول بالتهدئة!!

وبعبارة أكثر وضوحاً: ربما يكون الجنرال الصفوي صادقاً-وهو كذوب-في نفيه تسليح حماس وأشقائها في غزة، لكن الأمر الذي تعنينا دلالته هو التبرؤ الفوري والشديد اللهجة على رؤوس الأشهاد، في حين كانت إمبراطورية الملالي تزهو من قبل بفرية كهذه تصب في تعزيز أسطورة كونها " قلعة المقاومة والممانعة" ضد " الاستكبار العالمي".

أما ذروة الغيظ الصفوي فتتجلى في "فزعة" نتنياهو لخادمه بشار بافتعال عدوان على غزة يخطف الأضواء ويخفف عن عصابات بشار ضغوط صور مجازره، والأدهى مشاركة الاحتلال الصهيوني والاحتلال الأسدي في قتل مسلمين وعرب في وقت واحد!! فسلاح النظام الوحيد الذي يحتكر تجارة المقاومة والممانعة، لم يسدد رصاصة واحدة إلى العدو الذي يحتل الجولان، كما بهتت هرطقات نصر الله عن غزة لأنه كسيده الإيراني وحليفه بشار، لم يقدم لأبطال غزة سوى صواريخ الكلام الفارغ!!

بل إن أبواق النظام الأسدي الفضائية والعنكبوتية والورقية أسهمت في تعرية نظامها من خلال نشرها مشاعر التشفي الرخيص في أهل غزة، بما يستدعي إلى الذاكرة غلاة عملاء المجوسية الجديدة في العراق الحالي، الذين أعلنوا بصفاقة دعاءهم للإرهابي شارون-بالاسم-أن ينصره الله على الشعب الفلسطيني في عدوانه على جنين ومخيمها قبل بضع سنوات، في توقيت تزامن مع الغزو الصليبي للعراق بدعوة وتنسيق تامين مع الولي الفقيه في قم!!وقد أعقب ذلك البهتان الفاضح حملة استئصال للوجود الفلسطيني في العراق، تماماً مثلما يفعل اليوم الجزار بشار ضد المخيمات الفلسطينية في سوريا، بعد طرد حركة حماس لرفضها مضاهاة الدور الإجرامي لحزب اللات والعزى بقيادة حسن نصر الله.

لقد ارتاحت الأمة أخيراً من الاتجار الصفوي المخادع بقضية المسلمين الكبرى، وها هي العلاقة السوية بين مناضلي فلسطين الشرفاء وحاضنتهم العربية والإسلامية تتحرر من تلك العلاقة الشاذة، والتي لم تؤازر فلسطين بغير الكلام الزائف.