مـذكــرات أسـيــــر !
19 ذو الحجه 1433
معتز شاهين

ما زلت أذكر تلك الأوقات السالفة .. بينما الصورة تهتز أمامي , ولجاج البحر الهائج يحوطني !

 

كانت ذكراها لا تزال في مخيلتي، ترنو إلى بين حين وآخر، أحاول السيطرة على نفسي كلما تذكرتها , لكم سعيت إليها متخيلاً أني لا أستطيع العيش بدونها، وكنت أشتاق لها كلما غبت عنها، فأهرب لها لأضع كل همومي فيها، كم كنت أظنها جميلة تلك اللحظات، ولكنها للأسف أعقبتها حسرات !!

 
نعم كنت أسيرا لها ، ألهتني مشاعر اللذة المؤقتة بها ا، ولكن معها أيضًا عشت في ظلمة قلب ، وضيق صدر , وعدم بركة رزق ..

 

 

كم تمنيت تركها بينما أنا والغ فيها ا، وفي كل مرة أقول غدًا أتركها، وكان غدًا هذا لا يأتي ايبدا  !  تلعب بي , وتذهب بي يمينًا ويسارًا، وتعلن في كل حين هيمنتها على قلبي الاسير ..

 

 

 
رحت انظر إلى حالي وأقول لنفسي ما ذلك الكم من المعاصي الذي أثقل قلبي، وصارت نفسي أسيرة  لها ؟!

 

 

 لا حول لي ولا قوة، هل هكذا صيرت نفسي ( عبدًا ) بعدما كنت ( سيد ) نفسي ! ما أيأسني وما أحلك أيام حياتي إن بقيت مع تلك المعاصي ، نعم سأتركها وسأنتصر لما تبقى من كرامتي وإنسانيتي، إذا كان لا يزال فيهم بقية ..

 

 

 لذا أعلنت راية العصيان على نفسي ، وقررت الخروج عن حب المعاصي كلها.

 

 
ولكن كيف لنفس تمرست في تلك اللذة أن تهُب لتخرج من قفص العشق والوله هذا ؛ لدنيا السعة والرحب والإيمان؟! هل تستطيع بمفردها ذلك؟!

 

 

لقد أرغمتني تلك المعاصي على محبتها حتى صرت ضعيفاً لا أقوى على تركها لحالي، كيف الخلاص؟! وأين حبل النجاة؟!

 

 
وجدتني أبكي على حالي وعلى نفسي ولكنه بكاء مكتوم ، لا روح فيه ولا حياة ، أين دمعي الفياض من قبل، هل أبكاني حب المعاصي حتى انتهى الدمع؟! أم هل انتهى قلبي؟! أم هل صار حب المعصية هو قلبي ذاته؟!

 

 
ما الخلاص لقلب أعياه حب يكرهه ويتمنى زواله ؟! عجيب هو حال قلوب العاصين , يحبون من في حبه الشقاء ويهيمون بأوجاع تجعلهم يعيشون وهما لا نهاية له , ويغفلون عمن بحبه السعادة والنجاة والسند والعون 

 

 

لجأت إليك ياربي , وبكيت بين يديك , راجيا أن تبصرني بحالي , وتهديني لرشدي , وتقوني على ترك المعاصي .. فليس لي قوة إلا بك , وليس لي حول إلا بمعونتك ياأرحم الراحمين

 

 

لقد علمت أنه " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه "  , وايقنت أن حب الله إذا ملأ القلب خرج منه حب الملاهي والمعاصي والمغافل  , وأنه لاسبيل إلا بتخليص قلبي لحب من يستحق العبودية والمحبة ..حبا يملك علي فؤادي , ويملأ نفسي نورا وهداية ..

 

 

حب يبقى أثره الصالح في جنباتي ، أرتكن نحوه , ملجأ ظهري إليه , ينير بصيرتي , ويبارك رزقي , ويقود سبيلي

 

إليك لجات ياربي .. بعدما صرت اسيرا لذنبي وهواي , فعافني من أسر الدنيا وشهواتها , وانعم علي بنورانية سبيلك , واجعلني في عداد عبادك الصالحين