28 ذو القعدة 1434

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ماذا أفعل مع والدي الذي يبلغ من العمر 78 عام، فهو قاس جبار في المنزل، لا يرحم والدتي أبدا وتتعرض للضرب منه دائماً، ونحن الآن فتيات الكبيرة منا تبلغ من العمر 27 عاماً، لا يقدم لنا المصروف إلا في العيد وبعد إلحاح!! لا يعطينا إلا القليل رغم أنه ميسور الحال جداً، يرفض كلَّ مَن يتقدم لنا من رجال سوى أبناء العم، ولنا تجربة سيئة مع زواج الأقارب، كثيراً ما نتعرض للضرب منه والألفاظ القبيحة رغم أنه يحادث كثيراً من النساء اللاتي لا تخفن الله بعذب الحديث وأفحشه. وعندما يجدنا مجتمعات نحو والدتي يزداد غضبه أما في المجتمعات العائلية كثيرا ما يحرجنا بالسب أو الضرب، فنحن من البشر ولا نستطيع تحمل ذلك؛ فكيف نتحمل ذلك؟

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

الابنة السائلة:
اختلف الزمان فالماضي ليس كالحاضر، وكذلك اختلفت عقول البشر، لكن هناك أعراف لازال الكثيرون يتوارثوها منها أن الابنة أحق بها ابن عمها ولا يأخذها غيره لكن في هذا الزمان ذابت هذه الأعراف وتغيرت الأمور.
أما العنف والشدة والضرب والتوبيخ والتجريح في التجمعات... نعم إنها أمور صعبة ولديك الحق في التظلم، لكن قد يغيب عنك بعض الأمور منها:
- أن والدك وصل من العمر 78 عاما، وهذا العمر ليس قليلا فلم يبق قدر ما مضى، فلابد أن تعلمي جيدا أن والدك في عده التنازلي وهذا أمر لابد من معرفته، فهو الآن ضيف عندكن جميعا فهل تريدين إكرام ضيفك في أيامه الباقية أم تريدون أن تقسوا عليه في آخر أيامه؟
- إن الوالدين نعمة كبيرة من الله لا تستطيعين معرفة قيمتها والإحساس بها إلا بعد الحرمان منها، وقد أوصانا الله – تعالي بهم وخاصة في كبرهما بالإحسان والعطف وخفض الجناح إليهما فقد قال تعالى: {إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}،،،
ومن هذه الآيات العبر والحديث الصريح بالإكرام والإحسان لا الإساءة، فعليكن أيتها الفتيات التقرب لذلك الأب بتقديم الحنان الذي لابد أن يشعر به منكن والعطف وتقديم الهدايا له والمزاح معه وعليكن ترك ما يحزنه منكن ربما ذلك الأسلوب يدفعه لتغيير طريقته في المعاملة معكن.
- أيضا عليكن أن تعلمن أن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم أوصانا بأنه قد خاب وخسر من أدرك أبويه أو كلاهما ولم يدخل الجنة، أي حرم من برهما وضاعت عليه فرصة البر التي تستوجب له دخول الجنة من خلاله، فإن كنتن تردن الجنة فلابد من البحث عن كل مصدر لبر الوالد مهما كان يقدم إليكم من إساءة فإنك أيتها الفتاة العاقلة الذكية واسعة الفهم كيف لا تستطيعين الوصول إلى أبيك؟!
- وإن كنا لا نجبرك على قبول الزواج بابن العم لكن حاولي أن تضعي لنفسك فرصة للقبول به بأن تنظري جيدا في أمره، ربما تجدين فيه الرجل المناسب كزوج، فإن كان غير ذلك فوضحي لوالدك بأسلوب طيب هادئ أنك حاولت تلبية رغبته لكن الزواج لابد له من القبول، بالإضافة إلى محاولة استعطافه في الحديث ليشعر منك بأنك تريدين تلبية كل رغباته.
- أيضا حاولوا تقديم كلمات الحب اللفظية له، مثلا "إنك أحسن وأعظم أب في الدنيا" أو "ربنا يخليك لنا يا أبي الحبيب بالخير والعمل الصالح" أو "البيت ينير بوجودك يا والدي".
إن الكلام الطيب والأسلوب الحسن في الحديث يلين الحديد أيتها الابنة.
- أيضا عليك أن تعلمي أن السن الكبير والتقدم في العمر فيما بعد السبعين يحتاج لطريقة التعامل الهادئة... اللينة... أي تأخذي والدك على هواه إلا فيما يغضب الله تعالى منك، فالأب المسن يحتاج للتعامل وكأنك تتعاملين مع طفلك الصغير..... انظري كيف تتعامل الأم مع صغيرها كي ترضيه... هكذا لابد أن ترضي الوالد.
- كما عليك أن تعلمي كم كان والدك صابرا عليكن جميعا في صغركم وما ناله من التعب الشديد في تربيتكم وتحمل الكثير من أجلكن فكيف لا تصبرن عليه الآن، فهو الآن محتاج منك صبرا لرعايته على أكمل وجه.
- كما عليك تقديم النصح له بطريق غير مباشر في كيفية الوصول لرضا الله تعالي بالبعد عن ما يغضبه سبحانه، ويكون ذلك مثلاَ عن تشغيل القنوات الإسلامية لعله يسمع شيئاً ينتفع به أو يقع في قلبه فيعود إلى صوابه.
الابنة السائلة.. إنها وصية الله تعالى {وبالوالدين إحساناً}، ووصى أيضا سبحانه {وصاحبهما في الدنيا معروفا}.
ووصية النبي صلى الله عليه وسلم بأن رعاية الوالدين تفوق الحج والجهاد، بل جعل لهم الأولوية لما لهما من الفضل.
فكيف بعد هذه الوصايا؟!
عليك استخدام كل الوسائل للوصول إلى قلوبهما مهما كلفك الأمر من العناء والتعب، إن ذلك باب لك للفوز برضى الله تعالى وباب لك من الخروج من كل أزمات الدنيا وباب لك في زيادة الرزق الوفير، وباب لك في تحقيق كل آمالك بدعائهم. وباب لك في السعادة في الدنيا والآخرة.
هذه ثمار بر الوالدين.. ألا تحبين الفوز بها!!