3 ذو الحجه 1434

السؤال

السَّلام عليكم ورحمة وبركاته: مشكلتي مع زوجتي، أنَّها عندما يحدث بيننا خلاف، أو مشكلة بسيطة، تطلب منَّي الطَّلاق لأكثر من مرَّة، مع أنَّ الأمر لا يحتمل الطَّلاق، ومشكلتي معها أيضاً أنَّها عصبية جداً، لدرجة أنَّها لا تحترمني، وتتلفَّظ بألفاظ جداً سيئة، بحيث أنَّها تشتكي لأهلها في كلِّ خلاف يقع بيننا، حتَّى أنَّها آخر مشكلة حدثت في العيد، أنَّها قد اشترت هديَّة لأمِّي، وبعدما قدَّمتها بساعة، أرجعت الهديَّة في شنطتها، وبدون علم أمِّي، حتَّى أنَّ أمِّي قد تعجَّبت من فعلها، وغضبت عليها، ولم تخبرها بذلك، وهذا يدلُّ على أنَّها لم تحترم أمِّي، مع أنَّ أمِّي لا تعاملها إلا بالطِّيب والاحترام، وبعد فعلها هذا، ذهبت بها الى أهلها لأخبرهم عن كلِّ المشاكل التي صدرت منها، وعن الهديَّة التي قدَّمتها لأمِّي، وهي الآن تطلب منِّي الطَّلاق، بسبب أنِّي أخبرت أهلها، مع أنَّ أهلها، أقرُّوا بأنَّها مخطئة بكلِّ تصرفاتها، وأنا الآن لديَّ بنت منها، فهل أطلِّقها؟. مع العلم أنِّي أدعو الله بأن يستبدلني خيراً منها.

أجاب عنها:
سعد العثمان

الجواب

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه...
أخي الفاضل: أشكرك على ثقتك، بموقع المسلم، ومتابعتك له، ونسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يجعلنا أهلاً لهذه الثِّقة، وأن يجعلَ في كلامنا الأثر، وأن يتقبَّل منا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها كلَّها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها حظَّاً لمخلوق..آمين.
أخي الكريم: أنت تذكر أنَّ زوجتك تطلب منك طلاقها لأتفه الأسباب، وأنَّها عصبية، وتتلفَّظ عليك بألفاظ سيئة، وتنقل ما يحدث بينكما إلى أهلها، وذكرت آخر مشكلة منها حادثة هدية أمك في العيد، وتصرُّف زوجتك القبيح مع أمك في تقديمها للهدية وأخذها لها من دون علم والدتك، مع معاملة والدتك الطَّيبة لها، ولك من هذه الزَّوجة بنت، وتسأل هل تطلقها أم لا؟. اهدأ أخي ولا تتعب نفسك في التَّفكير بإيجاد حلٍّ لمشكلتك، فإخوانك في موقع المسلم قد كفوك الأمر، وقد أحسنت صنعاً بإرسال استشارتك لهم، وعلاج مشكلتك يكون باتباعك للتوجيهات الآتية:
أولاً: قال الله تعالى: (فاصبر صبرًا جميلا)المعارج: 5.
الصَّبر الجميل: هو الذي لا جزع فيه، ولا شكوى لغير الله. وقيل: هو أن يكون صاحب المصيبة في القوم لا يُدرى من هو.(الجامع لأحكام القرآن للقرطبي). والصَّبر مثل اسمه مرٌّ مذاقه، لكنَّ عواقبه أحلى من العسل، فأوصيك بالصَّبر على خلق زوجتك، واحتسب الأجر على صبرك عند الله، وثق بأنَّك الرَّابح في نهاية المطاف، إمَّا أن تفهم وتعقل زوجتك في الدُّنيا، وإمَّا ستجد عاقبة صبرك عليها في الآخرة أجراً وثواباً، واعلم أنَّه لا يخلو بيت واحد من المشاكل، حتَّى بيت النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم وصلت إحدى مشاكله إلى حدِّ طلاق بعض نسائه، كما هو مثبت في سورة التَّحريم، فالمرأة في هذا الجانب تحركها مشاعرها وفقط لا عقلها، ولذلك جعل الله عصمة الطَّلاق بيد الرَّجل، وبعض النساء لضيق تفكيرها، وقصر نظرها، تطلب الطَّلاق من زوجها، والبعض يطلبن الطَّلاق ليرين مكانتهن ومنزلتهن عند أزواجهن، فهذا الخلق ليس في زوجتك فقط، بل هو موجود عند سائر النِّساء.
ثانياً: تعاهد زوجتك بالموعظة.
ذكِّر زوجتك، وكرِّر على مسامعها أحاديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الآتية:
1- (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا في غَيْرِ ما بَأْسٍ، فَحَرَامٌ عليها رَائِحَةُ الْجَنَّةِ) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
2- (لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) رواه الترمذي، وصحَّحه الألباني.
3- (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض، دخلت الجنة)رواه الترمذي، وقال: حديث حسن).
فتكرار هذه الأحاديث وتخويفها بالله، وتذكيرها بمفاسد وعواقب الطَّلاق، خاصَّة ولها بنت ستسأل عنها أمام الله لو ضيَّعتها بسبب الطَّلاق، وحاول أن تقدَّم لها النَّصيحة بأشكال مختلفة، وبأوقات مناسبة، واطلب تكرار النَّصيحة لها من أقاربك وأقاربها، وممَّن لها علاقة ودِّيَّة معها كأمِّها وأبيها وإخوتها وصديقاتها، وليكن ذلك بطريقة ذكيَّة، بحيث لا تعلم أنَّك وراء ترتيب ذلك.
ثالثاً: عالج مشكلاتك الزَّوجيَّة في غرفة نومك.
ارى أنك قد أخطأت بعرض تصرُّفات زوجتك، ونشر غسيلها عند أهلها، وكان الأولى أن تعالج أخطاءها بينك وبينها، فبالممارسة والخبرة والتَّجربة، رأينا أنَّه كلَّما دخل شخص جديد في علاج ما يحصل من خلاف بين الزَّوجين، زاد دخول ذلك الشَّخص التَّنافر بين الزَّوجين، ورأينا في الحقيقة والواقع أنَّ جلوس الزَّوجين في غرفة النَّوم لوحدهما يتحاوران ويتناقشان في مشكلتهما، لا يخرجان إلا وقد تمَّ حلُّ تلك المشكلة، فقد تحلُّ بنكتة، أو ابتسامة، أو كلمة طيِّبة، أو قبلة تقدير واحترام.
رابعًا: كيفما تعامل زوجتك تعاملك.
معظم النِّساء تفكِّر قبل زواجها بطريقة معاملة زوجها، تفكِّر بالطَّريقة التي تسعده بها، كيف ستستقبله؟ وكيف ستحدثه؟ وكيف ستمازحه؟ وكيف ستخدمه؟.. فلا تنس أنَّ زوج المرأة منها بمكان لا يصله أحد، فالمرأة قبل أن تتزوَّج تعدُّ نفسها لزوجها، وتعتبره هو غاية هدفها وغايتها في الحياة، نفسيَّتها مهيئة لهذا، ولكن هناك أخطاء تقع من الزَّوج تغيِّر من نفسيَّة زوجته، وتجعلها تصطدم به، وتتحطَّم آمالها وأحلامها به، وأنت – عزيزي - قد تكون ممن وقع بمثل هذا، فراجع نفسك، وانظر أين الخطأ فيك تجاه زوجتك، وابدأ بمعالجته فوراً، قبل فوات الأوان، ولو أنَّك عاملت أمَّها معاملة طيبة، وكذلك بقيَّة أهلها، فلن تقصر هي مع أمِّك وأهلك، ستقول في نفسها يومًا ما، هو يحترم أمي وأهلي، وأنا لا أحترم أمَّه وأهله، ومع مرور الزَّمن تراجع نفسها، وتعود إلى جادة الصَّواب.
خامسًا: الرَّاجع في هديته كالرَّاجع في قيئه.
قال صلَّى الله عليه وسلم: (مثل الذي يعطي العطية، ثم يعود فيها كمثل الكلب، يأكل حتى إذا شبع قاء، ثم يعود في قيئه فيأكله) حديث صحيح، اقرأ أخي الكريم هذا الحديث على زوجتك، وبيَّن لها خطورة وقبح معاملتها لأمِّك، في مسألة هديتها ورجوعها فيها.
سادسًا: أوصيك بالدُّعاء.
استعن على خلق زوجتك السَّيئ بالدُّعاء، فقلبها بيد الله، فادع الله أن يصلح لك زوجتك، وتخيَّر المكان والزَّمان المناسبين لإجابة الدُّعاء، كوقت السَّحر في الحرم المكي بجوار الكعبة واقفاً عند الملتزم، المكان الذي تسكب فيه العبرات، لعلَّ الله يصلح لك النِّية والزَّوجة والذُّريَّة.
سابعًا: آخر العلاج الكي.
بعد كل ما ذكرت لك من جرعات العلاج، إن لم تستقم على الجادة فأخبرها بموقفك بوضوح، وشعورك، وما تجده منها، والخيارات التي أمامك للحل، وفهمها انها بتلك الطريقة تضطرك أن تبحث عن راحتك في خيارات أخرى قد تكون قاسية عليها..!