10 رمضان 1434

السؤال

السلام عليكم، أنا تائهة ضائعة متعبة، أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عاما، تخرجت وعملت بشركة محترمة، وإذا بشاب أتى وأبدى إعجابه بي، أعترف أني تهاونت معه بعض الشيء، لكنني صارحت والدتي بهذا، لكنه قال لي إنه مطلق ولديه ولد وإنه لا يريدني بالحلال لكنه يريدني كصديقة فقط؛ حيث إنه يعيش في بلد أجنبية ولهم كل الحرية بالعلاقات، لكن الحمد لله الذي جعلنا مسلمين، والحمد لله الذي أبعدني عنه فوراً، وهنا بدأت حياتي بالانهيار وشعرت بالفراغ العاطفي، ثم بعد ذلك تسرعت لأضيف شاباً ملتزما - وهو زميلي في العمل أيضا - على الفيس بوك، ودخلت باسم مجهول لكنه عرفني، وشعرت بخجل شديد لا يوصف.. أنا خائفة وتائهة وثقتي بنفسي مهزوزة.. أريد أن أعرف طريقاً لأصلح حياتي للأفضل، وأتخلص من كل هذه العقبات التي وضعت نفسي بها..

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

نحمد الله تعالى على نعمة الإسلام الذي يهدينا بقيمه وبمبادئه في كل زمان ومكان فكان الحصن للمرأة المسلمة أينما كانت، ومنعها وحفظها من أن تلطخ وجهها بسودة المعصية مهما تناثرت حولها الفتن، فعلمها الخوف من الله تعالى فأحصنت نفسها، وأدبها فأحسن تأديبها وجعل قلبها حيا حييا، مراقبا ومعاتبا لها عند الخطأ..
الابنة الكريمة: بداية أقدم لك شكري على حبك للإسلام وامتثالك بقلبك إليه حتى فرق لك بين الحق والباطل، لكنني أيضا لا أخفي غضبي منك ومن سلوكك وعتابي عليك؛ إذ سمحتي لنفسك أن تقتربي مما حرمه الله ولو حتى قربا هينا..
أحب أن أعرفك أن ما تشعرينه من الضيق والهم والحزن إن كان ندما لمعصية اقترفتها وذنب فعلته فهو شيء محمود وهو داعم لتوبة، أما إن كان حزنك هذا لأجل فشلك في تجربتين، فهو أمر نفسي معتاد في مثل تلك المواقف، ولعلك أن تجعلينه لك درساً وتعليماً.
الأخت السائلة: إذا تعثر المرء فعليه أن يحاول القيام مرة ثانية وأن يسير بقوة أكثر من الأولى، والخطأ يجب أن يتبعه توبة وتعلم وتفهم لئلا يتكرر، فعندما يمرض الإنسان فهذه ليست فترة ابتلاء فقط بل يجب التعلم من محنة المرض للاستفادة منها وقت الصحة والعافية.
الابنة السائلة:
ذكرت أنك خائفة وتائهة ومهزوزة، وأذكرك بأنك مازلت تتمتعين بالسن الصغير والعمل الناجح فضلا عن الإيمان الذي بعث عندك المحافظة على نفسك من الفتن التي حولك.
أما بالنسبة للتجربة الأولى فالحمد لله لقد بصرك بالطريق وأخرجك منها بقوة ونصر على الشيطان، وفي التجربة الثانية فبمجرد خروجك منها وشعورك بالخجل كان هذا هو ثمرتها، فمن الخجل بيننا وبين أنفسنا، حياء من الله، وتأكدنا أن ما نفعله خطأ وعندما ندرك أن ما نفعله خطأ فسنحاول ألا نقع فيه مرة ثانية، فالخجل والحياء شعبة من شعب الإيمان.
فحاولي ألا تضعي نفسك في مواضع الشبهة، وإن كنت ممن يتابعون المواقع الاجتماعية فلا مانع من الحديث والحوارات مع نساء مثلك أو القيام بأمور دعوية عامة تقدم النفع والخير لمن حولك، أما محادثة الرجال والحوارات معهم فذلك لا ينفعك بأي شيء بل إن ضرره أشد بكثير عليك، واعلمي أنه إذا نفعك الحوار مرة.. قد يضرك الكثير غيرها
الابنة السائلة:
مازال المستقبل أمامك إن شاء الله فإن هاتين التجربتين ليستا نهاية التجارب بل علينا بعد ذلك أن نحكم عقولنا قبل أن نخطو خطوة واحدة في أي شيء.
فإياك أن تضعفي أمام كلمة إعجاب تائهة من جانب أي إنسان مرة ثانية، واعلمي أن ترجمة أي كلمة إعجاب هي الدخول من الباب إلى أهلك لطلبك بالحلال..

فلتكوني الفتاة المسلمة القوية التي تستطيع أن تصد الرياح المحملة بالرمال، وألا تضعفين أمام الفتن العاطفية وإن كنت تشعرين بفراغ عاطفي فإن شاء الله سوف يملأ كل فراغك هذا الزوج الذي سيتم اختيارك له ذو الخلق والدين.
يا ابنتي إن بحثتِ عن الحياة الطيبة فإن الحياة لن تكون حلوة خضراء جميلة إلا لصاحبة الدين والمطيعة لربها، أما غير الصالحات فحياتهن ضنك ومعيشتهن عمى.
فحاولي أن تعودي إلى الله تعالى، بل تفري إليه سبحانه، وتقربي إليه بصالح الأعمال كالمحافظة على صلواتك في ميعادها، وصيام بعض النوافل، وصلاة في جوف الليل، فالله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل.. يغفر لمن يستغفره، ويعطي من يسأله، ويستجيب لمن يدعوه، فعليك بالدعاء إلى الله تعالى بأن يذهب همك ويزيل غمك ويبدلك فرحا وإشراقا وسعادة فإنه قريب مجيب الدعاء..... ذلك هو الطريق الذي يصلح حياتك وآخرتك.