معركة حلب .. "حرب استنزاف" قد تطول
14 رمضان 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

معركة تلو الأخرى واشتباكات ليل نهار وقصف بالطائرات والمدافع يعقبها مواجهات بالدبابات.. هكذا استمرت الأحوال منذ انتقال ما أطلق عليه البعض جولة الحسم في ثورة سوريا إلى مدينة حلب بين المقاومة والجيش السوري، لكنها يبدو أنها ستستمر لوقت طويل بحسب ما ذهب إليه متابعون للشأن السوري.

وفي الوقت الذي يستمر القصف بالطائرات ونيران المدفعية على أحياء مختلفة في حلب منذ أيام ، متزامنا مع معارك للسيطرة على مناطق حيوية في البلاد يقول مقاتلو الجيش السوري الحر إن قوات بشار الأسد تتراجع ، بعد أن مني بخسائر فادحة في الأرواح والأسلحة والدبابات، وأنهم باتوا يسيطرون على 60% من المدينة.

وأصبحت المعركة من أجل السيطرة على حلب محور تركيز الثورة التي تفجرت قبل 16 شهرا ضد الأسد حيث يواجه مقاتلو المعارضة قوات الحكومة التي تعززها المدفعية وطائرات الهليكوبتر الحربية ، وهو ما يرجح أن تكون معركة طويلة الأمد قد تستمر لأسابيع.

وفي الوقت الذي يقول الجيش الحر إنهم سيحولون حلب إلى "مقبرة" لحكومة الأسد، كان للأحداث في المدينة ثمن فادح بالنسبة لسكان المدينة البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة والتي فر بسببها آلاف السكان ومن تبقى منهم يعانون نقصا في الغذاء والوقود والخطر الدائم المتمثل في الإصابة أو الموت.

وتشير مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين في جنيف إلى أن ما يصل إلى 18 ألف شخص اضطروا إلى مغادرة منازلهم في حلب وإن كثيرا من السكان الفزعين يلتمسون المأوى في مدارس ومساجد ومبان عامة.

كما اتهمت منظمة العفو في تقرير جديد القوات السورية بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في حلب، مشيرة إلى استخدام قوات الأمن والشبيحة الذخيرة الحّية ضد المظاهرات السلمية وقتل وجرح المتظاهرين والمارة، بمن فيهم الأطفال، وملاحقة الجرحى والممرضات والأطباء الذين عالجوهم.

كما أوضحت أن قوات بشار تجبر عائلات المتظاهرين والمارة الذين قُتلوا برصاص قوات الأمن السورية على توقيع إفادات بأن عصابات إرهابية مسلحة قتلت أبناءها، فضلا عن الانتهاكات المنهجية بما في ذلك الاستهداف المتعمّد للمتظاهرين السلميين ، ومطاردة الجرحى منهم، والاستخدام الروتيني للتعذيب، واستهداف الأطباء الذين يُعالجون المتظاهرين الجرحى، والاعتقالات التعسفية، وحالات الاختفاء القسري.

وبحسب متابعين للشأن السوري فإن ما يحدث في حلب يعتبر بمثابة حرب استنزاف يقودها الجيش السوري الحر بإمكانيات متواضعة ضد قوات نظامية لا تتورع عن استعمال كل ترسانتها البرية والجوية لإطالة أمدها، وسط مخاوف من استخدام الأسد إمكاناته الكيميائية أكبر ليتفاقم الوضع بشكل أخطر.

ووفقا للمصادر ذاتها فإن الجيش الحر يسعى لاستنزاف وإنهاك جيش بشار من منطقة إلى أخرى، في الوقت الذي يحاول الأسد أن يظهر بمظهر من يسيطر على الوضع الميداني، بعد السيطرة الواضحة للجيش السوري الحر على المعابر الحدودية، وتوالي الانشقاقات العسكرية والدبلوماسية.

كما أن معركة الحسم في حلب قد تطول لعدة عوامل أخرى، وعلى رأسها تردد حلفاء الثورة من جهة في دعم المعارضة بإرسال أسلحة أو ما شابه، ودعم الغرب من جهة أخرى بشكل مباشر أو غير مباشر للنظام السوري الذي قتل أكثر من 20 ألف سوري طيلة عام ونصق من عمر الثورة.

فهل ستكون بالفعل معركة حلب هي حسم للثورة السورية -وإن كانت ستستغرق وقتا كبيرا على ما يبدو- أم ستكون جولة تمهد لمعركة أكثر حسما ، وفي كلتا الحالتين قد يطول عمر الثورة السورية ومعه نظام بشار الأسد.