الرق بين المسلمين والغربيين!! - 4
27 شعبان 1433
منذر الأسعد

الاتجار بالبشر وهدر كرامتهم!!

رصد المؤلف بحس مرهف ظاهرة رهيبة من سمات الاسترقاق الغربي المعاصر وإن اتخذ أشكالاً لا تتطابق بالضرورة مع الاسترقاق التقليدي القديم، وهي كما يبرهن الكاتب ثمرة مُرّة من نواتج المادية الغربية بنظرتها الاستعلائية إزاء كل الآخرين، فضلاً عن إعلائها من شأن المكاسب المادية والإسراف في إرضاء النوازع البهيمية على حساب القيم العليا والفطرة السوية. وذلك بعد أن تكلم من قبل عن السيطرة الغربية على اقتصاديات العالم والنهب المنظم لثروات الشعوب الفقيرة والضعيفة بموازين البطش العسكري.

 

فقد أكد تقرير صادر عن المجلس الأوربي لحقوق الإنسان أن أكثر من أربعة ملايين امرأة يجرى بيعهن سنوياً فى العالم، وأن كثيرات منهن يقعن ضحايا العبودية المنزلية. وَيُقَدَّرُ عدد النساء ضحايا العبودية المنزلية ببضعة آلاف فى فرنسا ومعظم المستخدمين هم من الأجانب، لكن 20 بالمائة منهم فرنسيون، والأرقام الحقيقية هي دائما أضعاف المعلنة فى تلك الحالات.

 

ومن جانبها أكدت الأمم المتحدة أن تجارة الرقيق الأبيض -كناية عن الاتجار القسري بأعراض المختَطَفات من بلدان أخرى- قد احتلت المرتبة الثالثة – بعد تهريب المخدرات والأسلحة – في سُلّم النشاطات غير الشرعية الأكثر ربحاً؛ حيث تحقق أرباحاً سنوية تقدر بـ 7 مليارات دولار. وفى الندوة التى نظمها مكتب منظمة الأمم المتحدة لمراقبة المخدرات وتفادي الجريمة في برازيليا بتاريخ 29/11/2000م - حول تجارة الرقيق والاستغلال الجنسي للبنات الفقيرات في أمريكا اللاتينية – أعلن مسئولون دوليون: أن 75 ألف برازيلية يمارسن البغاء يومياً في أوربا، وأن 15% من بائعات الهوى فى أمريكا الجنوبية هن من البرازيليات.. وأكدت المنظمة أن أكثر من أربعة ملايين امرأة يتم ترحيلهن بصورة غير قانونية كل سنة لممارسة البغاء فى بلاد أخرى.

 

وكشف تقرير نشرته محطة سي إن إن CNN الإخبارية الأمريكية فى الأول من يناير 2002م عن انتشار ظاهرة تجارة الرقيق من النساء حول العالم لاستخدامهن فى الأعمال الجنسية المحرمة، وأشار التقرير إلى أن معدلات هذه الظاهرة تزداد عامًا بعد عامٍ.. وقد أكد هذا التقرير - بناء على أبحاث قام بها فريق بحث مقره جامعة جون هوبكنز Johns Hopkins بولاية ميريلاند - أن هناك مليوني امرأة وطفلة يتم بيعهن كعبيد سنوياً، ومئة وعشرين ألف امرأة من أوربا الشرقية وروسيا والدول الفقيرة حولها يتم تهجيرهن إلى أوربا الغربية لهذا الغرض الدنيء، وأكثر من 15 ألف امرأة يتم إرسالهن إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأغلبهن من المكسيك. وتباع النساء القادمات من دول شرق آسيا فى أمريكا بستة عشر ألف دولار للواحدة ليتم استخدامهن بعد ذلك فى بيوت الدعارة والحانات!!.

 

كما أن هناك ما يقارب مئتي ألف فتاة من الاتحاد السوفيتي السابق يتم إجبارهن على ممارسة البغاء في "إسرائيل"، وعشرة آلاف طفلة سيرلانكية بين السادسة والرابعة عشرة يُجبرن على ممارسة الفاحشة.. وكذلك الحال بالنسبة لبورما التي يصل فيها الرقم كما يذكر التقرير إلى عشرين ألف حالة سنوياً...

 

وقد أعربت منظمة "يونيسيف" لرعاية الطفولة التابعة للأمم المتحدة عن قلقها إزاء العدد المتزايد من الأطفال الذين يتم الاتجار بهم فى هذه المناطق. ففي بلدان مثل بنين ومالي وتوجو يبيع الوالدان أولادهما بمبلغ 15 دولاراً تقريباً للطفل الواحد.

 

وختاماً: فلسنا ننتقص من قيمة هذا الكتاب المتميز إذا تمنينا على مؤلفه أن يحذف منه في الطبعات اللاحقة ما أورده فيه عن مأساة المسلمين في منطقتي البلقان وكشمير فهو إقحام نراه غير موفق، لعدم اتصاله بموضوع الكتاب. ولا يعني هذا التقليل من هول جرائم الغرب في حق المسلمين في البلقان وكشمير وبورما والفلبين... لكن تلك القضايا ليست من نوع الرق الذي تحدث عنه المؤلف حديثاً علمياً رائعاً فأفاد وأجاد جزاه الله خيراً.