أنت هنا

ليبيا في الخيال التغريبي.. لبرالية تَرِثُ القاعدة!!
23 شعبان 1433
موقع المسلم

حتى كتابة هذه السطور لم تُعْلَن النتائج الرسمية للانتخابات النيابية في ليبيا، وإن كانت النتائج الجزئية الأولية –غير الرسمية- تشير إلى تقدم التحالف الوطني بزعامة محمود جبريل القيادي السابق في المجس الانتقالي على حساب القوى الإسلامية، لكن الغرب وعبيده في منطقتنا احتفوا أيما احتفاء بالـ"مولود" قبل التأكد منه، زاعمين أن التحالف المذكور تحالف ليبرالي،  وربما جاء هذا التلهف المثير للشفقة نتيجة إدراك هؤلاء استحالة فوز أي تيار تغريبي بالمركز الأول في أي انتخابات حرة ونزيهة تجري في أي بلد مسلم.

 

إلا أن زعيم التحالف نفسه سارع إلى التنصل من وصمة اللبرالية التي يصر الإعلام الغربي وتابِعُه التغريبي على إلصاقها به، فقد أكد جبريل تمسك التحالف الذي يقوده بالشريعة الإسلامية تمسكاً كاملاً لا مساومة عليه!! بالطبع قد يحاججنا التغريبيون بأن جبريل رجل تغريبي في جوهره، ويؤيدهم في الاتهام كثير من الليبيين الإسلاميين، ليجزموا بأن تصريحه عن التزام الشريعة الإسلامية ليس سوى" تقية" سياسية.
وبما أن منطقة السرائر ليست من شأن البشر ولا يستطيعون معرفتها يقيناً، فإن المهم هنا هو دلالة اضطرار رجل يجزم التغريبيون بأنه منهم، إلى التبرؤ من الانتماء إليهم!! وبعبارة أكثر دقة، فإن الحيوي في المسألة هو استحالة انتصار تيار تغريبي صريح في أي انتخابات حرة في أي مجتمع مسلم.فالواقعة حجة لنا عليهم!!

 

إن القوم تصرفوا بتفكيرهم الرغبوي    Wishing   Thinkingولذلك فإنهم  في ذروة هوسهم بالـ"فوز" الافتراضي النادر-لو أنه وُجِدَ-وتهليلهم المضخم له،  تجاهلوا النقطة الجوهرية التي أشرنا إليها من قبل، مثلما تعاموا عن قراءة طبيعته وبواعثه.ناهيكم عن حملاتهم المغرضة في انتخابات رئاسة الجمهورية بمصر على حملة المرشح محمد مرسي لأنها أعلنت نتائج غير سمية ولم تنتظر قرار اللجنة العليا للانتخابات.فلم يتوقف القوم في عرسهم المهزلة عند احتشاد 40 حزباً في تحالف جبريل، ولم ينظروا في الدوافع القَبَلية التي لعبت الدور الأكبر في تقدمه النسبي.

 

ولم يشأ التغريبيون التوقف أمام ملاحظة بديهية خلاصتها أن نتائج هذه الجولة الانتخابية في ليبيا تؤكد طمأنينة المجتمع هناك إلى رسوخ هويته الإسلامية، فهو لا يعاني من القلق الذي ساد مصر وتونس مثلاً على مدى ستين عاماً تقريباً!!
وهذا لا يعني التهوين من طغيان القذافي ولا من تطاوله على الثوابت الإسلامية، لكنه لم يكن يملك تنظيماً سياسياً مؤدلجاً على غرار النخبة المتغربة في مصر وتونس.
ومن جهة موازية، تراهم يأبون إقرار  إسلاميي ليبيا بالنتائج الجزئية للانتخابات حتى قبل اعتمادها رسمياً، وهو مسلك نقيضٌ لتصرف التغريبيين في سائر الانتخابات التي جرت في البلدان الأخرى وحقق الإسلاميون فيها انتصارات باهرة!!فاللا دينيون في تلك الأوضاع يشككون في النتائج بالرغم من شهادة المراقبين المحليين والأجانب بنزاهتها بعامة، ثم يأخذون في تقديم تعليلات تثير ضحك الثكالى.

 

وها هم في الحالة الليبية التي بالغوا في تزييفها مع سبق الإصرار والترصد، أرادوا منا نسيان  ادعاءاتهم النمطية التي ضجت بها وسائل الإعلام عشية الانتصار التاريخي للثورة الشعبية الليبية، وتتصدر تلك الادعاءات خرافتان أثيرتان عندهم وعند أبواقهم، هما:
1-    أن ليبيا تعج بعناصر تنظيم القاعدة!!
2-    أن الإسلاميين لا يحتكمون إلى صناديق الاقتراع بينما الذين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها هم التغريبيون وسادتهم في الغرب إزاء اي فوز إسلامي ولو كان نسبياً مثل الحالة التونسية.

 

وسبحان الله العظيم، فقد سقطت الأكذوبتان معاً بالضربة القاضية، وتكررت شماتة الأمة بالدجل التغريبي الذي يتصف أساساً بانعدام الحياء، فكيف سيوفق هؤلاء بين أسطورة تغلغل تنظيم القاعدة في ليبيا وبين فوز الذين يصفونهم بـ:اللبراليين" في أول انتخابات حرة في البلاد؟
إن المنتصر حقاً في هذه الانتخابات هو الشعب الليبي المسلم الذي يتشبث بدينه وبهويته، وإن كان يشكو من رواسب التعصب القبلي والمناطقي الذي غرسه الطاغية الهالك لكي يبقى متسلطاً على رقاب أحفاد المختار.وهذه سوف تجد علاجها بإذن الله فليبيا تزخر بالعلماء والمفكرين والساسة المخلصين.