غزة وهواجس التبعية لمصر
20 شعبان 1433
حمزة إسماعيل أبو شنب

منذ الانسحاب "الإسرائيلي" من قطاع غزة وكل يوم نسمع أصوات ترتفع حول المخاوف من أن ترمي إسرائيل عبء قطاع غزة في أحضان مصر، وبذلك يشكل نقلة خطيرة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأن ذلك سينعكس بالسلب على القضية الوطنية وتاريخ النضال الفلسطيني حسب وجهة النظر الذي يطرحها أصحاب هذه الفكرة .

 

المتخوفون من هذه التبعية ينقسمون إلى قسمين :
الأول هم أصحاب مشروع السلطة الفلسطينية ومشروع اتفاق أوسلو وملحق اتفاق باريس الاقتصادي، والذي أعطي للاحتلال الحق بالتحكم في الاقتصاد الفلسطيني.
 والآخر هم أصحاب المشروع الوطني، الذين يروا في ذلك عودة إلى الوضع السابق أي ما قبل الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية وقطاع غزة عام 67، حيث كانت غزة تحت الحكم المصري والضفة الغربية كانت تحت الحكم الأردني .

 

ما يقدم من مبررات حول فكرة التبعية لم يرتقِ لأسباب منطقية، فنظرية أن نعفى الاحتلال من المسؤولية عن قطاع غزة هي حجة غير منطقية، فمنذ توقيع اتفاق أوسلو والاحتلال لا يتحمل أي مسئولية على أيٍّ من مناطق السلطة، بل على العكس تماماً هو مستفيد من المستهلك الفلسطيني سواء كان في قطاع غزة أو الضفة الغربية وكان يشكل له سوق تجاري، بل على العكس أصبح هذا الأمر يُستخدم كورقة ضغط على الفلسطينيين من خلال إغلاق المعابر والتحكم في عملية إدخال المواد وفي أموال السلطة التي يجبيها لها عبر التحصيل الضريبي حيث كانت ورقة ابتزاز طوال الفترة الماضية لمحمود عباس وورقة تلوّح بها إسرائيل متى تريد.

 

بعد فوز الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، عادت مرة أخرى الأصوات التي تنادي بالحذر من الانفتاح على مصر ليذكروا نفس السبب الغير مقنع، ويضاف إليه اليوم موضوع جديد منذ ست سنوات وأهل قطاع غزة يدفعون ثمن هذه المبررات، ألا وهي هذه الخطوة في الحالة الفلسطينية الحالية ستشكل تعزيز للانقسام الفلسطيني وتكريسها من خلال الانفتاح على مصر مما سيعزز موقف حماس الرافض للمصالحة .

 

مما لا ريب فيه أن المصالحة الفلسطينية هي مطلب جماهيري وضروري ولكن هذا لا يعني أن يبقى قطاع غزة رهينةً لهذه المعادلة، يعيش حالة من الحصار والمنع تحت ذريعة إنهاء الانقسام، لا يمكن أن يبقي قطاع غزة في ظل الثورات العربية وفي ظل التغير الحاصل في مصر يعيش أزمات من الوقود إلى الكهرباء إلى إعادة الإعمار ومنها إلى أزمة معبر رفح كل هذه الملفات لا يمكن أن تكون رهينة لقرار طرف من أطراف المصالحة .

 

لقد شكل قطاع غزة وما زال مركز قويّ للمقاومة الفلسطينية التي أخرجت الاحتلال من قطاع غزة عام 2005 وصمدت أمام الحرب الإسرائيلي في نهاية2008 ، وأنجز صفقة تبادل الأسري والذي كسر فيها كل القيود عام 2011، وقدم العشرات من الشهداء والآلاف من الجرحى و الكثير من الألم الذي لا يتسع المقال لذكرها ولم يحرك العالم ساكناً تجاه دولة الكيان وترك أهل قطاع غزة لمصيرهم، ونظرة العديد من أعداء مشروع المقاومة لّلحظة التي تنكسر فيها مقاومة القطاع أو تنتفض الجماهير على مشروع المقاومة؛ بسبب التضييق المعيشي والضغط النفسي عليهم من الأزمات المفتعلة المتلاحقة، ولكن كل ذلك فشل بل على العكس حققت المقاومة معادلة جديدة على الأرض وحررت أسري وأوقفت اعتداءات الاحتلال وطورت نفسها .

 

أن ما يحاول العديد تقديمه من مبررات ومسوغات لفكرة رفع الحصار عن قطاع غزة، تقف أغلبها ضمن حالة العداء للمقاومة أو حالة إفشال حماس في حكومة قطاع غزة وكلا الحالتين لم تراعي في مبرراتها المواطن الذي تنادي بحقه في حياة كريمة .
من حق كل الدول المجاورة أن تقيم علاقات تجارية مع جيرانها، وقطاع غزة قطاع محرر وقد دحر الاحتلال منه، ولم يعد يقف حائلاً بيننا وبين الجارة مصر ولا يمكن أن يذبح الشعب تحت هذا المسمي أو ذاك، فمن حق القطاع  أن يرفع عنه الحصار الذي تم فرضه بسبب الاختيار الديمقراطي الذي صوت لمشروع المقاومة .

 

لا يوجد تبعية لمصر في حالة رفع الحصار، وبدل ما نقوم بدفع الأموال للاحتلال ندفعها للجوار وبدل التبادل التجاري مع الاحتلال الذي يعتبر ارخص احتلال في العالم يتم مع الجارة مصر وتجربة كسر الجدار عام 2008 حاضر الذي دفع أهل القطاع خلال أيام قليلة  في مدينة العريش المصرية ربع مليار دولار .

رفع الحصار هو وعد انتخابي من الرئيس محمد مرسي، وهو مطلب جماهيري مصري رفعها متظاهري التحرير، ويوجد قرار عربي في جامعة الدولة العربية، بأنه دعم لمشروع مقاومة الاحتلال وأعتقد مصر ستتخذ القرار بعد زيارة الرئيس مرسي لسعودية .