9 صفر 1434

السؤال

تزوجت من امرأة صغيرة وأنجبت منها طفلة ومشكلة زوجتي هداها الله أنها تربت على أنماط من المخالفات غير الشرعية كلبس الضيق والقصير وكثرة الخروج للزيارة ووالدها ترك أمر بيته لزوجته وهي صغيرة أيضاً في السن ونادرا ما تبقى في بيتها بل كل يوم في مناسبة، حاولت وقد مضى لي سنتان أن أستصلح زوجتي وأن أبين لها خطأ فعلها لكن للأسف وجدت أن أمها تحثها على مخالفتي وتقبح لها ما أحثها عليه بل وتتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتي حاولت احتواء الأم وكنت أذكرها بالله، وكنت أظن أنه مع الأيام ستتعامل معي كأم وعمة لكن وجدتها لا تزداد إلا بغضا لي وتخبيبا لزوجتي وخاصة أني لم أسمح لها بتدخلاتها في حياتي الزوجية وكلمت زوجها لكن للأسف فيه برود وطواعية لزوجته بشكل لا يصدق. وكلما كلمت زوجتي ألا تدخل أحدا في حياتنا الزوجية توافقني قولا ثم أجدها تخبر أهلها بكل صغيرة وكبيرة وقد ذهبت بها عند أهلها لزيارتهم وأتيت لأخذها فرفضت العودة معي إلا بعد أن أعدها ألا أمنعها من حضور مناسبة في اليوم التالي مع أنها لم ترفق بحالي كوني من جدة وأهلها في مكة وأني أحضر رسالة علمية مع أني أذهب بها في الأسبوع مرة أو مرتين لأهلها لكنهم يريدونها أن تحضر كل اجتماع لهم وهذه الاجتماعات يحضرها من قريباتها من لا تحتشم في لباسها وأخلاقها مما يؤثر سلبا على زوجتي.. المهم أخبرتها أني سأحاول أني أعود بها في التالي فقالت لا بد أن أعدها فقلت إن شاء الله وعندها أخذت السماعة الأم وبدأت تطالب بإحضار ابنتها فقلت لها إن شاء الله فاتهمتني أني أعد ولا أفي فقلت لها جزاك الله خيرا، وانصرفت.. في التالي اتصلت زوجتي فلم أرد وبعدها طلبتُ أن ترجع مع أخيها فقالت لن أرجع لأنك ما رديت علي وأخي مشغول؛ فقلت لها أنا آتيك فقالت: لا أرجع إلا بشرطين أن تسمح لي أن ألبس ما أشاء وأن أحضر كل مناسبات واجتماعات أهلي؛ فحاولت مداعبة مشاعرها وإخبارها بأن الحب فوق الشروط فوافقت في البداية وطلبت العودة لكني كنت أردت تأديبها فكنت أتعلل بانشغالي حتى سافرت فلما علمت زادت في عنادها وأبت العودة.. فما رأيكم هل أطلقها؟!

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين أما بعد:
حياك الله أخي الكريم وأسال الله أن يجري الحق على ألسنتنا وقلوبنا وان يرضينا جميعا بما قسم لنا، كما نشكر لك أخي الكريم تواصلك مع موقع المسلم وثقتك به وبمستشاريه، ويجب أن يتنبه الجميع أننا نجيب على الاستشارات بحسب روايات من يرسل لنا، فنجيب على قدر ما أرسل ولا نحكم على احد، فلسنا نعلم الغيب ولا ندرك من تلك القضايا أكثر مما يرد لنا من سؤال السائل والعهدة أمام الله عليه:
وبعد أخي الفاضل:
كثيرا ما تعترضنا المشكلات في الحياة، وليس لمجرد ظهور مشكلة في الحياة الزوجية دليلا على أن الحياة قد انتهت، فينبغي أن نقدر لكل شيء قدره ونستعين بالله على مشكلاتنا ونكثر من ذكره ونتضرع إليه وندعوه دعاء المضطرين، فه وأحق من يجيب دعاء كل مضطر فقد قال سبحانه: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}، ولكل مشكلة حل بإذن الله:
وأجمل ردي – أخي الكريم - في عدة نقاط :
- إن ما تفعله مع زوجتك بمتابعة ملابسها ورفض ما تلبسه مما يخالف أوامر الله سبحانه هو أمر محمود منك، بل هو عين واجبك أمام ربك سبحانه، فقد جعلك الله قيما عليها فالرجال قوامون على النساء، وهو عين قيامك بواجبك كراع كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، ويعتبر تقصير وإهمال كل زوج في متابعة أهل بيته – زوجة وأبناء – من التقصير الذي سيحاسب عليه أمام الله، فمعك الحق الكامل فيما تفعل:
- يجب أن تستمر على ذلك مع زوجتك وأهل بيتك سواء رضوا بذلك أم لم يرضوا، فغدا ستقف بين يدي ربك وسيسألك عنهم وعن مدى دورك في تقويمهم، فلا تنازل عن واجب كلفك الله، فالمسلم ليس مخيرا في فعل الواجبات أ وتركها:
- اعلم – أخي – أن المسلم مطالب بأداء واجباته ومثاب على أدائها سواء تحقق المراد منها أم لم يتحقق، فثواب ما تقوم به يتحصل لك بأدائك لواجبك ولا يقترن بالتزام وطاعة من تدعوه:
- اعلم أخي أن الهداية بيد الله سبحانه {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّد فِي السَّمَاء}، ولست مطالبا إلا بالعمل فقط وأجرك على الله سبحانه
- الناس بصفة عامة، والزوجة بصفة خاصة قد لا يصلحها أسلوب واحد في الدعوة إلى الله سبحانه، فلابد عليك من تنوع وسائل الترغيب والترهيب، ترغيبا في طاعته سبحانه ورجاء المثوبة وترهيبا منه سبحانه وخشية عقوبته، وينبغي عليك معها أن تنوع أساليبك في دعوتها فلا تقصُرها على الشدة والأوامر فقط بل تنوع معها وتنقل بين اللين والشدة وبين الاقتراب والابتعاد وانظر إلى ما تحبه – في غير معصية الله - فاجعله منه ترغيبا وترهيبا لها، لترى منك إقبالا عند اقترابها من أوامر الله وابتعادا عند تباعدها عنه:
- إن ثلاثة أرباع مشكلتك أخي تكمن في هذا الذهاب المتكرر لبيت أهل زوجتك، فلم تستطع زوجتك للان أن تتخلص من سيطرة هذا البيت ولا من سيطرة الأفكار التي استقته منه، وينبغي عليك أن تحاول الفصل بين الوسطين، فهناك وسط للبناء تحاول فيه أن تبني فيها قيما جديدة وهناك وسط للهدم يهدم كل ما تبينه مع حب زوجتك وارتباطها بمكان الهدم، فينبغي عليك تقليل وقت الزيارة وتباعدها لفترة حتى تتخلص زوجتك من هذه الأفكار، ولا يعني هذا طلب بقطيعة رحم – حاش لله – ولكن التقليل قدر الإمكان بلا قطيعة رحم أمر مطلوب خاص بك في هذا الوقت:
- إن أول مشكلة تواجه الناس في حياتهم هي الفراغ فقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ)، فلا شك أن هذا الفراغ يدفع الإنسان للبحث عن أي شيء يشغله حتى ل وكان باطلا فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فحاول أن توجد لزوجتك بيئة صالحة تعرفها عليهم وتنخرط معهم وتنشغل بمثل قضاياهم، فهذا سيخفف عنك كثيرا وسيكون معك أعوان عليها لزيادة معاول البناء في مواجهة معاول الهدم فيها:
- لا تتسرع باتخاذ قرار الطلاق واجعله آخر الحلول إن لم يصلح حل آخر، فهناك من الحلول الكثير ولعل زوجتك لن تعدم رجلا صالحا عاقلا في أسرتها الكبيرة من أعمام وأخوال، فيمكنك بعد استنفاذك للوسائل السابقة الاستعانة بهم بعد الله سبحانه لشرح موقفيكما ليكونا على بينة وليساعدا بنصح أ وتوجيه لزوجتك لعل أمرها ينصلح، فإذا لم يُجد حل من كل هذه الحلول، فلا سبيل إلا إلى الحل الأخير الذي لا يحبه أحد ولكنه حل شرعي مباح.
وفي النهاية أعتقد أن زوجتك بمرور الوقت قد يزيد اهتمامها بطفلتها وربما إنْ رزقكما الله بغيرها فربما تنشغل بهم عن أسرتها الكبيرة وتنشغل عن نفسها قليلا، ربما ساعتها تجد تغييرا كبيرا في زوجتك.
أسأل الله أن يصلحك ويصلح زوجك وان يبارك لكما.