إيران .. "الأخ الأكبر" ينقذ المالكي!
22 رجب 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

جاءت أزمة سحب الثقة من حكومة الطائفي نوري المالكي في العراق لتؤكد مرة أخرى مدى النفوذ الإيراني داخل بلاد الرافدين ومحاولات تدخل طهران لدعم رجلها الشيعي من خلال ممارسة الضغوط لمنع سحب الثقة منه وهو المتهم بالديكتاتورية والتفرد بالسلطة.

 

وتستمر الأزمة السياسية بعد إعلان الرئيس العراقي جلال طالباني أن معارضي المالكي لم يتمكنوا من جمع أصوات كافية لسحب الثقة عن حكومته، حيث إن الكتل السياسية المعارضة لأداء حكومة المالكي لم تستطع جمع توقيعات أكثر من نصف عدد نواب البرلمان (325 عضوا) المطالبة بسحب الثقة.

 

وتتطلب عملية سحب الثقة عن المالكي أن يقدم رئيس الجمهورية طلبا إلى مجلس النواب بسحب الثقة، ليتم بعدها تصويت أعضاء المجلس البالغ عددهم 325 نائبا على الطلب. وإذا ما حصل الطلب على نصف عدد الأعضاء وزاد عليه بصوت واحد فإن عملية سحب الثقة ستكون شرعية.

 

عدم سحب الثقة من المالكي رفضته القوى المعارضة له وهي الكتلة العراقية السنية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي وقوى كردية يدعمها رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني بالإضافة إلى التيار الصدري، حيث تحدثوا عن ضغوط إيرانية مورست لعدم سحب الثقة من المالكي.
وأكد زعيم القائمة العراقية إياد علاوي تصميم حلفائه على سحب الثقة من رئيس الوزراء نظرا لنهج المالكي في إدارة السلطة والتوجه بالبلاد نحو الديكتاتورية فضلا عن استحواذه على معظم المناصب الحساسة في الدولة.

 

واتهم علاوي جهات خارجية بينها إيران بالتلاعب بنتائج الانتخابات الماضية ما اضطر قائمته إلى التنازل عن استحقاقها الانتخابي، محذرا الدول العربية والإقليمية ودول العالم من التدخل في الشأن العراقي لأنه أمر يخص العراقيين فقط، حسب قوله.

 

وعن أسباب الفشل في سحب الثقة من الحكومة، تشير تقارير صحفية إلى أنه بعد جمع أكثر من نصف أعضاء مجلس النواب الذين يطالبون بتغيير المالكي وإسقاطه عن رئاسة الحكومة، حيث تجاوز العدد 170 نائباً وهو أكثر مما طلبه الطالباني الذي اشترط جمع أكثر من 163 صوتاً لسحب الثقة من المالكي وحكومته، تحركت إيران فاستدعت الصدر الذي يمتلك تياره أربعين صوتاً إلى طهران وطلبت منه الانسحاب من تكتل التحالف الكردستاني والعراقية لإفشال محاولة إسقاط المالكي.

 

وقبل أن يصل الصدر إلى طهران كانت إيران قد قطعت مساعداتها المالية والعسكرية للتيار الصدري من أجل ممارسة ضغط مضاعف على الصدر والذي سيحصل على إغراءات وتنازلات من المالكي لإبقاء دعمه له، بحسب المصادر ذاتها.

 

ويتوقع مراقبون أن يتراجع الصدر بالفعل عن تحالفه مع العراقية والأكراد، وهو الذي سبق له التراجع عن دعم إياد علاوي والذي أتاح للمالكي تشكيل حكومته الحالية.

كما تحدث النائب عن التحالف الكردستاني فرهاد أتروشي عن قيام طالباني بالانحياز إلى جانب المالكي بعد ممارسة ضغوطات عليه من قبل إيران بما في ذلك التهديد باستخدام القوة العسكرية ضد إقليم كردستان العراق".

 

ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز"الأمريكية إيران بأنها "الأخ الأكبر" لحكومة رئيس الوزراء "، حيث تحاول "إيران الحفاظ على تحالف المالكي من الانقسام".

 

وبحسب الصحيفة فإن "إيران تبدو مستميتة لإنقاذ الإدارة الائتلافية، التي ساعدت هي في تكوينها أواخر 2010، حيث تستخدم نفوذها الديني والمالي في محاولة لمنع معارضي المالكي من النجاح في سحب الثقة عنه.

 

واعتبرت نيويورك تايمز أن " انهيار حكومة المالكي سيكون ضربة كبيرة للنظام الحاكم في ايران الغاضبة أصلا بشأن مستقبل حليفها الكبير في الشرق الأوسط أي الرئيس السوري بشار الأسد".

 

ويشير خبراء إلى أن لإيران قوة سياسية كبيرة في العراق، وأنها تحاول بكل جهدها إبقاء المالكي في السلطة، فهي تخاف من أن سقوط المالكي بالإضافة الى مصير الأسد المجهول في سوريا قد يضطران إيران للبحث عن وجوه جديدة "غير ودودة"، بحد قولهم.

 

يذكر أنه في إبريل الماضي تم الترحيب بالمالكي خلال زيارة إلى طهران التي أمضى فيها وقتا كناشط معارض للرئيس الراحل صدام حسين. وفي مارس الماضي، منحت إيران مكافأة أكبر للمالكي وهي اجراء المحادثات النووية مع دول العالم في بغداد كدلالة على أنها رمز للانتعاش البطيء بعد عقود من الحرب وكنموذج يحتذى به للعلاقات الوثيقة مع إيران".

 

وفي النهاية ينتصر المالكي في معركة سحب الثقة بفضل مساعدة إيران، وقد دعا بلهجة الفائز خصومه إلى الحوار لإيجاد حل للأزمة ، متحدثا عن "عوامل وأطراف خارجية، تستهدف العملية السياسية".

 

لكن هل سيغير المالكي من نهجه وممارسته للسلطة للخروج من الأزمة الحالية مع خصومه أم سيصبح أكثر دكتاتورية حتى مع شركائه وهو الذي اطمأن لدعم إيران الأعمى له مادام هذا يحقق مصالحه ومصالحها؟