أنت هنا

لماذا يلحدون؟!
20 رجب 1433
موقع المسلم

للسؤال أكثر من إجابة، وأكثر من زاوية..

 

نحن هنا إزاء ظاهرة أطلت بوجهها الكالح في بلاد الحرمين الشريفين، بما استدعته من هبة مباركة من علماء وشيوخ هذه البلاد لإطلاق البيان للناس عن هذه الموجة الخبيثة التي يراد لها أن تتفاقم وتزحف أكثر، لتصل لأكثر من شاطئ هادئ في بلاد المسلمين..

 

أول ما يتبادر إلى الذهن أن تلك البلاد بعيدة كل البعد عن هذا الإلحاد، وهذه الزندقة التي اشرأبت برغم الأحكام الصارمة التي تتوعد أصحابها، والثقافة الدينية التي تربى عليها أبناء الجيل المسلم في هذه البلاد، لكن حصل ما حصل..

 

ما الذي حصل تحديداً؟ إنها قلة في الحقيقة، لكنها زاعقة، على أصابع اليد الواحدة، لكنها تتلقى تطمينات من أطراف خارجية بأنها ستكون بمنأى عن أي عقاب تحت طائلة "حرية الرأي والتعبير" التي جعلت قاصرة على هذا اللون الإجرامي من التعبير، وصارت سيفاً مسلطاً على كل دولة لا يراد لها أن تعيش حرية منضبطة بقواعد شرعها وقيمها، بل يعمل المغرضون على إقران الحرية بهذا التجديف والهرطقة والإلحاد، ليكون ـ وحده ـ معصوماً من أية مساءلة تحت مظلة دولية تفرضها قرارات أممية تسمح بالإلحاد وتأذن له بالانتشار في بلاد الإسلام.

إنهم يلحدون، لأن ثقافتهم الدينية لم تعد كتلك التي كانت لدى السابقين، فقد تقلصت بعض روافد الخير، وتراجعت حظوظهم من العلم والفهم وروعة البيان، وانكمشت المحاضن التربوية، وتغيرت الأحلام والطموحات.

 

إنهم يلحدون، لأنهم قد ضلوا طريق المعرفة، حين صار الابتعاث فوضوياً لا يقتصر على مجالات محدودة وبظروف معينة وبشروط صارمة، وأضحى الحلم وهماً، والتقدم غرباً، بكل ما تعنيه الكلمة، وما تحمله من خلط واعتساف.

 

إنهم يلحدون، ليثبتوا أنهم مثقفون ونخبويون، يقرؤون في تراث الإغريق والرومان، ويستدعون أساطير صراع الآلهة ـ المزعومة ـ من الإنسان، ونجاح الأخير في الانتصار عليها! حيث يصبح حينها الإبحار في فنون العلم الشرعية ضرباً من ضروب الرجعية والانكفاء!

 

إنهم يلحدون، لأن قلوبهم قد عشقت العبودية لكل ما هو متغرب وخارجي؛ فصاروا يخجلون من قيمهم ودينهم، ويرون في سخرية الغربيين على انسلاخهم من تحت نظارات الإعجاب، برهاناً على تقدميتهم وثقافتهم التي لا يشق لها غبار!  

 

إنهم يلحدون، لأن الذين يقودونهم كالخراف ـ بل هم أضل ـ يريدون أن يكسروا حاجزاً في النفوس بنشر مثل هذا الإلحاد، وتلك الهرطقة؛ فتصبح قلوب الناس كالكوز مجخياً لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً، ولا سبيل سوى كسر الحاجز الأعلى، وهو بسب الذات الإلهية، وشتم خير البرية صلى الله عليه وسلم، والتهوين من شأن كتاب الله عز وجل.

 

إنهم يلحدون، ليصيروا "رواداً" يشار إليهم بالبنان، كمناضلي رأي، ويعلنوا فسقهم ليتبعهم غوغاء آخرون!!

 

إنهم يلحدون، لأن من يحشرونهم إلى مستنقعات الخزي والشنار يحسدوننا على دين عظيم؛ فيريدون الثأر منا بتنجيس بعض أبناء جلدتنا.. فيضحكون منا ومنهم..

 

نعم، تراهم يبكون كمداً حين ينتشر دين الحق في بلدانهم، ويدخل الناس في دين الله أفواجاً؛ فيصرخون ـ كما الشيطان يوم الزحف ـ ها قد قد خلفنا فيكم مسخاً يشبهونكم شكلاً لكنهم بعيدين عنكم بعد المشرقين..
هي صرخة اليائسين إذن؛ فدين الحق ظاهر ولو كره الكافرون..