ما هو المطلوب من الإسلاميين في مصر ؟
7 رجب 1433
حمزة إسماعيل أبو شنب

لقد سجلت نتائج الانتخابات المصرية مؤشرات تحتاج إلى وقوف الجميع عندها وشد الأحزمة في مواجهتها بعد أن أصبحت جولة الإعادة بين الدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين  وبين الفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء لمصر في عهد مبارك والمدعوم من عناصر وقيادات الحزب الوطني المنحل ، مما يجعل جميع القوى التي شاركت في الثورة تقف موقفاً لتحدد فيه خيارها ، ولعل الإسلاميين قد أعلنوا الدعم للدكتور مرسي عبر كل من ابن جماعة الإخوان السابق الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح ومن خلال تأييد الجماعة الإسلامية وحزب النور السلفيين ، لكن هذا الأمر غير كافٍ فالمطلوب من الإسلاميين أكثر من عبارات التأييد ومن كلمات المناصرة .  

إذن ما هو المطلوب من الإسلاميين ؟

لو عدنا إلى نتائج الانتخابات في محاولة لقراءة بعض أرقامها لوجدنا أن التيارات السلفية لم تقم بالواجب المطلوب منها في معركة الرئاسة وتركت الأمر لرغبات المؤيدين والعناصر ولم يسجل لها حضور على الساحة الانتخابية ، وهي التي أعلن معظم تياراتها وأحزابها دعم الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح إلا أنها لم تعمل بكلمة الدعم التي أعطتها له ، وهذا كان واضحاً في نتائج محافظة الإسكندرية وهي معقل الإسلاميين بالعموم والسلفيين بالخصوص ، فكان تفوق المرشح الناصري حمدين صباحي فيها بنسبة كبيرة جداً عن أبوالفتوح وهذا يعزز أن التيار السلفي لم يعمل لصالحه بالصورة التي كانت متوقعة منهم .

 

أما الآن فهم أمام معركة حاسمة لا تقبل التأويل أو القسمة فإما نجاح الثورة  أو يعود النظام القديم بوجه مختلف ، لذلك المطلوب الآن من القوى السلفية كافة و على رأسهم حزب النور والجماعة الإسلامية العمل ضمن حملة الدكتور مرسي بكافة أشكالها وعبر جميع النواب في مجلس الشعب حتى تتمكن من إعادة الكتلة الانتخابية التي صوتت لها من العودة إلى الصندوق الانتخابي والإدلاء بالصوت للدكتور مرسي وهذا كفيل بأن يشكل جبهة ضمان وقوة لا تقبل الانكسار .    

 

أما جماعة الإخوان المسلمين فهي أمام خيارات لا بد من أن تعمل بها ولا يمكن تجاهلها وهي :
العمل على المصالحة التامة والاعتذار للدكتور عبد المنعم أبوالفتوح والاعتراف بالخطأ تجاه التعامل معه خلال الفترة الماضية فجميع من يعرف أبوالفتوح مقتنع أنه سيقدم على دعم مرسي مرشح الثورة في وجه مرشح النظام السابق ، وهذا ليس الجانب المهم فالعلاقة بين الجماعة وأبو الفتوح والهجوم الذي تعرض له من قبل الجماعة واستغلال الإعلام الليبرالي لهذه القطيعة جعل البعض في الشارع المصري يتخوف من الإخوان وطريقة التعامل مع الآخرين ، فالعديد من المصريين وأبناء الاخوان  يعتبرون الدكتور أبو الفتوح بمثابة المؤسس الثاني لجماعة الإخوان المسلمين فالمصالحة وإعادة الاعتبار له سيعزز بشكل قوي الدكتور مرسي في جولة الإعادة .

 

ومن المهم للجماعة أن تعيد النظر في الأرقام الانتخابية وتبحث عن سبب التراجع في عدد الأصوات و عزوف بعض الناخبين عن النزول للاقتراع ومعرفة التراجع الذي حدث وجعلها تخسر في العديد من المحافظات التي صوتت للإخوان في الانتخابات البرلمانية قبل أشهر وتسأل:  لماذا لم تصوت لهم في الرئاسة ؟ ومن المهم إعادة ترتيب ومعرفة أين يكمن التراجع والخلل الذي أصاب الجماعة .

 

أما على الجانب الآخر فهناك قوة حلت ثالثة وانتصرت في معقل الإسلاميين و في أكبر محافظتين : الإسكندرية والقاهرة لذلك من المهم البحث مع هذه القوى على القواسم المشتركة مع الإسلاميين ، فالتنازل في هذه المرحلة أمر مطلوب بما لا يمس الأسس العقائدية ، ولعل الحوارات التي تجريها الجماعة الآن تأتي في هذا السياق ولكن المطلوب هو صورة صياغية أكثر فعالية ففكرة تشكيل مجلس رئاسي بين مرسي وأبو الفتوح وصباحين ترسم ملامح الخارطة المصرية وتشارك الجميع في إدارة الدولة ، وأعتقد أن ذلك سوف يساعد كثيراً  في نزع فتيل من يحاول العمل على التشويش على الإسلاميين وسيوقف الحرب عليهم من غالب القوى الليبرالية والمسماة قوى ثورية والتي هي الآن في أكثر المواقف حرجاً ، حيث أنها أمام خيار واحد إما مع الثورة والتصويت لمرسي وإما ضد الثورة والتحالف مع شفيق وهذا مستبعد ، والحديث عن مقاطعة التصويت في جولة الإعادة لا يمكن أن يعبر عن انتماء إنما يعبر عن البحث عن مكاسب ثورية والنصيب من الكعكة وهو ما أفسد مصر طوال الفترة الماضية .

 

إذن مصر الآن أمام مفترق طرق فإما الثورة وإنجازاتها وإما العودة إلى النظام القديم ، لذلك أجدد الدعوة للإسلاميين بأن يعملوا على قدم وساق وجنباً إلى جنب حتى يتمكن مرسي من حسم الإعادة .