قم يا أبا إسحاق الحوينى
2 رجب 1433
محمد موافي

وعليك السلام ، أيها الشيخ الجليل، ستقوم، وتدافع عن سُنة حبيبك وحبيبنا، ستقوم وتغوص فى بحور، يقولون إنها صفراء الورق من طول الزمان، وأقول إنها صفراء من ذهب حروف الراحلين الباقين الكرام. ستقوم، وستبقى؛ لأن الراحلين هم هؤلاء الذين يضربون فى الصحف مرحًا، وفى الفضائيات صخبًا، ويتصورون أنهم على شىء، مع أنك أنت الذى على شىء، وهم مجرد دخان نرجيلة كسلى.

 

   فأنت على شىء، وقيل لنا: إن هذا الشىء جمر من محبة، يستمسك به الغرباء، وقيل لنا إنه وقاية من رباط، يمنع الضرر عند زوغان البشر، ويكشف الغمة عند خذلان البني آدميين، فأنت على شىء؛ لأنك على درب المحبين تسير، ولعطر كلام مَن لا ينطق عن الهوى، يصيبك الشوق، ويضنيك الهوى، فتقول فيه كلامًا جميلاً، كابتسامتك الجميلة، يا رائع الأدب ويا شهى النوادر.

 

       عرفتُ الشيخ أبا إسحاق الحوينى، سرًا منفردًا فى بيتى، أو مع كاسيت سيارتى، ولا يعرفنى الشيخ، وكم تمنيت لو عرف كم أحبه فى الله، وكم سرقت منه دروبًا من رشاقة همهمات الأولين. وكم خالفت ما كان يقول، وكم انتقدت كثيرًا من تصرفات مريديه، وكم وكم وكم، ولكن سأكتب عشرات (كم)، وكم أحبه فى الله.

    يا شيخ، ستقوم ممسكًا لنا برغيف خبز من بيت الإمام أحمد، وستقوم لتُسكت عنا كلبًا على باب بيت يحيى بن مَعين، كان يؤدب طلبة العلم المغامرين، ستقوم وتصاحب ابن قُدامة وهو يمشى فوق الماء، ستقوم ليعلم الجميع أننا أمة الكرامة، وأمة الكرامات.
يا أيها الشيخ الجليل، قد يعتل الجسد، وسوف أصدق هذا، وقد ينخفض الضغط، وقد لا أفهم  هذا، وقد ترقد بمستشفى، ويبلغنا الشيخ يعقوب على لسانك كلام محبة، وسوف أرتعد لهذا، ولكن ما لا أصدقه، ولن أصدقه، هو أن الصوت الساكن شبابى وفتوتى، قد يمسه الوهن، وأن اللسان الجسور، قد تعرقله فتنُ جسورِ حياتنا المصبوغة بموجات الفتن.

 

 وستقوم لتنقل لنا على الهواء مباشرة وحصريًا، وقائع يوم محمدى، وتفاصيل ليلة ليلاء فى بيت النبى، صلى الله عليه وسلم، ستقوم لتستضيف لنا أبا زرع وأم زرع، وتشرح لنا كيف هى أحوال النساء، وأحوالنا، وستقوم ممسكًا  بعقولنا التى تشبه لحم جمل غث وستنزل بنا من فوق رأس جبل وعر، وتمر بنا رشيقًا لطيفًا، كما مس الأرنب، بكل ريح زرنب، وحينما تضج الفتن من حولنا وتملأ المَبارِك، سنشهد أننا لن نكون إبلاً هَوالك؛ لأن أمثالك بيننا.

 

عجيب أمر الحوينى، يرتفع ضغطنا من كل شىء حولنا، وينخفض ضغطه، فننتبه، وكأن مريض الجسد صحيح القلب، يريد أن يعادل لنا ضغط مصر، فى أيامها الحارة المتقلبة الساخنة الباردة، التى هى كل شىء وضده، وكل اتجاه وعكسه، وعجيب أمر الحوينى، يمرض ولا يعرف أن هناك ملايين تحبه، وسوف تمرض بمرضه، وتعتل بعلته، وعجيب أمر الحوينى، كيف لا يعلم أنى أحبه، مع أنى أحبه، كيف يستسلم لسرير المرض، مع أن هناك مئات الآلاف من صفحات المحبة وسِيَر الأولين، تشتاق انعكاس الضوء عبْر نظارته.
يا أيها الرجل الذى عن شرع أحمد لا يميل
يا صخب قعقعة السيوف الهادرات كما الصهيل
يا صوت حسان أتاهم للنِّزَال
يا أيها الرجل الذى قد ضاق ذُرعًا
بامتهان عقول أشباه الرجال
يا أيها الرجل
قم
فمصر لا تستأهلْ منك سكوتك
شفاك الله يا سيدى

 

[email protected]

المصدر/ المصريون