مفتي مصر بالقدس.. زيارة "مخزية" طمأنت "إسرائيل"!
28 جمادى الأول 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

في تحد واضح لكبار علماء المسلمين، أقدم مفتي مصر الدكتور علي جمعة على فعلة وصفت ب"المخزية" عندما توجه بموافقة الكيان الصهيوني إلى مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى وهي الزيارة التي أفتى كبار العلماء وعلى رأسهم الشيخ يوسف القرضاوي بحرمة القيام بها طالما ظلت هذه المقدسات تحت الاحتلال الصهيوني.

 

وفتحت هذه الزيارة النار على مفتي مصر الذي ضرب بعرض الحائط فتاوى التحريم من جانب العلماء وجميع القوى السياسية والإسلامية في الداخل والخارج الذين اعتبروها تطبيعا مجانيا مع الكيان الصهيوني وكارثة على القضية الفلسطينية، فيما رفض الازهر بشكل رسمي زيارة القدس الشريف والمسجد الأقصى تحت الاحتلال (الاسرائيلي)".

 

وجاءت زيارة المفتي بصحبة الأمير الاردني غازي بن محمد الأربعاء ، حيث قام بافتتاح كرسي الإمام الغزالي للدراسات الإسلامية بالقدس الشريف، وبرر الشيخ علي جمعة الزيارة بقوله إنها " كانت بصفة شخصية وليست رسمية وبعيدا عن منصبه كمفتى للديار المصرية وعن مجمع البحوث الإسلامية بالازهر الشريف"، زاعما أنه "لم يحصل على تأشيرة "إسرائيلية" وأنها تمت بالتنسيق الكامل مع السلطات الاردنية التى اختارت له الزيارة" وكانت مفاجأة بالنسبة له!!

 

الانتقاد الشديد للزيارة على مستوى العلماء جاء بشكل قوي من جانب الدكتور يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين، والذي أصدر من قبل فتوى بتحريم زيارة القدس، مبديا أسفه لخروج الشيخ على جمعة بشخصه كعالم من علماء المسلمين، أو حتى بصفته مفتياً للديار المصرية، عن هذا الرأى، الذى يكاد يكون إجماعاً بين علماء الأمة الإسلامية.
وبحسب بيان الشيخ القرضاوي فإن "قضية تحريم زيارة القدس، وهى تحت الاحتلال الصهيونى، محل اتفاق وطنى، إسلامى مسيحى، فالأزهر حرمها على المسلمين فى مصر والعالم، والكنيسة الأرثوذكسية حرمتها كذلك على أتباعها"

 

وتساءل الشيخ القرضاوى، عن سر المحاولات الحثيثة من أكثر من جهة، على جعل المسلمين يزورون المسجد الأقصى، فى الوقت الذى تمنع قوات الاحتلال الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام (48) من زيارته، مشددا على أن التعامل مع الأعداء يشد من أزرهم، ويقوى اقتصادهم، ويمنحهم قدرة على استمرار العدوان ، ومن ثم فإن السفر أو السياحة إلى الأراضي المحتلة ـ لغير أبناء فلسطين ـ حرام شرعًا.

 

ومن داخل الأزهر الشريف جاءت الاستنكارات لهذه الزيارة  من عدد كبير من شيوخ الأزهر معتبرين أنها سقطة لا يمكن القبول بها أو تبريرها، وطالب البعض بعزل الشيخ علي جمعة من منصبه، مؤكدين أن زيارته وإن لم تكن بتأشيرة "إسرائيلية" فهي بإذن من الاحتلال الذي يسيطر على القدس.

 

وبدورها هاجمت الأحزاب والقوى السياسية في البلاد الزيارة وعلى رأسهم حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين (أكبر قوة سياسية في البلاد) الذي أكد في بيان "رفضه بشكل قاطع للزيارة مهما كانت المبررات " معتبرا أنها "كارثة حقيقية وضربة موجهة للجهاد الوطني الذي نجح في افشال كل محاولات التطبيع طوال السنوات الماضية"، ودعا البيان إلى مساءلة المفتي ب"الشكل الذي لا يسمح بتكرار مثل هذه المواقف من اي شخصية اعتباربة رسمية بما فيه اضرار بالقضية الفلسطينية".

 

كما شن نواب البرلمان هجوما حادا على المفتى مؤكدين أن "إسرائيل" سوف تستفيد بلا شك من هذه الزيارة إعلاميا ودعائيا ، وهو نفس الموقف الذي اتخذته بعض القوى الإسلامية في عدد من الدول العربية من بينها الأردن.

 

وانتهزت الصحف ووسائل الإعلام "الإسرائيلية" زيارة المفتى للقدس المحتلة لتتباهي وتفتخر بخطوة التطبيع التي قام بها الشيخ علي جمعة حيث وصفتها بالنادرة والتاريخية والزيارة الأولى لشخصية دينية مصرية رفيعة المستوى منذ العام 1967، مشيرة إلى أن مستشار المفتى زعم أن سبب الزيارة للقدس هو تدشين مركز إسلامي جديد والإعراب عن التضامن مع حق الفلسطينيين في القدس المحتلة.

 

وتأتي زيارة المفتي في وقت جددت الكنيسة القبطية المصرية في 14 إبريل الجاري قرار منع أتباعها من زيارة القدس بعد وفاة البابا شنودة الثالث، الذي كان أصدر أمر المنع، وذلك إثر قيام مئات المسيحيين المصريين بزيارة الأراضي المقدسة هذا العام بمناسبة ما يسمى ب"عيد الفصح".

 

الزيارة نفسها أخذت طابعا آخر من جانب عدد من الأدباء والمثقفين المصريين الذين اعتبروها زيارة سياسية بأوامر سرية، وأن هناك رغبة من المجلس العسكرى، الذى يدير البلاد، فى بعث رسالة مطمئنة إلى الولايات المتحدة و"إسرائيل" بأن الموقف بعد رحيل المخلوع "حسنى مبارك" ( الصديق الوفي للكيان) بلا مخاطر على العلاقات المصرية "الإسرائيلية"، بل إنها يمكن أن تتطور إيجابيًا إلى خطوات لم يكن مسموحًا بها من قبل.

 

فيما اعتبر البعض أن توقيت هذه الزيارة مريب، فى وقت تشهد فيه مصر بعض القلاقل في المشهد السياسي من تهديدات لانتخابات الرئاسة، وأزمة لجنة صياغة الدستور، وغيرها من القضايا، وأن الهدف من هذه الزيارة شغل الرأى العام المصرى عن القضايا الأساسية من خلال افتعال أزمات تضاف إلى تلك الموجودة الحالية من أجل تغيير مسار الثورة أو الانقلاب عليها.