26 ذو الحجه 1433

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المعضلة التي أعانيها هي أخي، فهو يرافق أختي التي تدرس بمدينة أخرى وتقيم فيها، كان شاباً خلوقاً حيياً حافظاً للقرآن، يرتاد الحلقات، وتحوَّل الآن في الظروف التي تهيأت له من بعد مراقبة الوالدين وتركه للدراسة وتفرغه للإنترنت، تحوَّل إلى عكس ما كان عليه فقد أصبح يستمع الغناء، ويتعرف على الفتيات، ويدخل على المواقع الإباحية، ويحتفظ بكم هائل من الصور والمقاطع السيئة المخلة!! اكتشفت أختي كل ذلك وتحققت من بعض الأمور، وبعدما حدثتني قلت لها: لا تواجهيه أبداً حتى نستشير؛ فماذا نفعل برأيكم؟ والله إننا في هم وغم تجاهه ليس باليسير، والمشكلة أنه يتظاهر أمامنا بالصلاح، ويقدح في المنحرفين وشباب الجيل؛ فبماذا تنصحونا؟ جزاكم الله خيراً.

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

السائل الكريم
مشاكل التربية لا تنقطع عبر سني العمر، وفي كل مرحلة مشكلات شهيرة معروفة متداولة، وما ذكرته في سؤالك هو مشكلة معروفة من تلك المشكلات.
والواقع الذي تعيشه بعض البيوت للأسف أنها تحكم على أبنائها حكما عاما ظاهريا، نعم قد تقدم له بعض الفضائل وتيسر له بعض أعمال الخير، لكنها قد تظنه بذلك صالحا طائعا قانتا، خصوصا والأبناء في تلك المراحل يكونون أذكياء متمرسين على المداراة والالتفاف، وقد يظهرون أمام أسرهم وذويهم بصورة لا غبار عليها فعندئذ يطمئن الوالدان ويغفلان عن أبنائهم.
الصواب إذن أن تستمر عملية المتابعة لهم ولا تنقطع حتى نطمئن تماما من استقامتهم، وعندئذ نحملهم مسئولية بناء بيت جديد يكونون فيه هم القادة.
على وجه آخر يجب علينا ألا نفزع عند اكتشاف الانحراف، فالجميع معرض للانحراف بدرجاته المختلفة، والمربى الناجح هو الذي يستطيع اكتشاف الانحراف بعلاماته وفي بدايات تكوينه ولا يدع الأمر للمواقف والمفاجآت.
وفي حالتنا التي بين أيدينا نرى أن عليك عدة أمور هامة:
أولها التأثير البيئي، إذ عليك البحث عن السلبيات الموجودة في مكان إقامته مما يدعوه إلى الذنب والانحراف، سواء من المؤثرات المؤسسية، أو من أثر الأصدقاء المنحرفين.
ثم التأثير النفسي، إذ علينا دراسة سبب ما دعاه إلى ذلك من شعور نفسي، سواء بالانطواء أو الوحدة أو الوحشة أو غيره.
وعلينا في ذلك أن ندون تلك الملاحظات، عبر فهم ذلك من مدرسيه ومن مدير حلقته القرآنية ثم من أصدقائه وهكذا.
ثم لنبحث عن المؤثرين فيه ممن يمكنهم أن يقوموا سلوكه، وهؤلاء قد يصلح منهم صديق صالح مقرب أو أخصائي اجتماعي متمرس، أو مرب خبير، أو داعية يجد له قدرا ويكن له احتراما وتقديرا في قلبه.
ثم لنبدأ مرحلة التطبيق، فنخطو نحو إبعاده عن أصدقائه المنحرفين أو الداعين للانحراف، ثم عن البيئة الانحرافية فلنغير السكن والجيرة وغيره ويبدو أن سكنه وحده أو قضاءه وقتا طويلا وحده كان من أسباب ذلك، ثم نقيم مراقبة للكمبيوتر وغيره بأن نضعه في مكان ظاهر بحيث يكون تحت عين من هم بالبيت، ثم ليبدأ أثر الصديق الحسن والمربي الجيد فيدعونه إلى بيئة إيمانية من درس علم أو لقاءات خير أيا كانت..
كل ذلك مع استخدام وسائل الوعظ والإرشاد والتعليم بأثر الذنب وخطره عليه، ويجب أن يكون ذلك صادرا من خبير تربوي عارف بما يفعل، ولا يصدر ممن يشتهرون بالغضب أو الشدة أو الغلظة في التعامل خشية النفور وخشية أن نرغمه على عمل لا يقنع به قلبه فيقوم بعمله في السر أو الخفاء، فإننا نريد تغيير قناعات الفتى وليس فقط تغيير سلوكه.
وقبل كل ما سبق وبعده نريد ربط الفتى بربه سبحانه وتقييمه لما فعل من ناحية كونه عصى ربه وينبغي عليه التوبة والاستغفار وأن الله سبحانه رحيم قريب مجيب قابل التوب.