24 ربيع الأول 1434

السؤال

السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: لديَّ مشكلة أتعبتني كثيراً، فأنا رجل ملتزم (مطوِّع) ومتزوِّج وعندي ابنة وابن، والثَّالث في الطَّريق إن شاء الله، وزوجتي -حفظها الله- ليست مقصِّرة معي، ولكن طاقتها الجنسيَّة محدودة، وكم حاولت أن أتجاوز هذا الأمر، ولا ألقي له بالاً، ولكن للأسف فإنَّ الأمر يتردَّد عليَّ كثيراً، ورغبتي وحاجتي الجنسيَّة دائماً ما تؤرقني، وللأسف وقع ما لم يكن في الحسبان، فقد تجاوزت حدود الله في الخلوات، بدخولي في المواقع الإباحيَّة، وأسرفت على نفسي كثيراً، ويعلم الله بأنِّي بلغت من الألم والضِّيق مالا يعلمه إلا الله تعالى، تبت واستغفرت، وعاودت الذَّنب، وتبت واستغفرت، وعاودت الذَّنب، وتبت واستغفرت، وعاودت الذَّنب كثيراً، وتأثَّرت حياتي الدِّينيَّة كثيراً، وقصَّرت في عبادتي وأعمالي الدَّعويَّة بشكل ملحوظ، ومازلت ذلك الرَّجل الملتزم بهيئته، الخاوي من معاني الالتزام والاستقامة، وصلت إلى قناعة، بأنَّ الحلَّ الوحيد لحالتي التي أمرُّ بها أن أتزوَّج وأعدِّد، وبدأت وتكلَّمت في موضوع الزَّواج من الثَّانية مع والدتي -حفظها الله- وذلك لوفاة الوالد -رحمه الله تعالى- ولكن واجهت منها رفضاً شديداً وتأنيباً ومعاتبة، وكيف بهذه السُّهولة أفكر في الزَّواج على زوجتي الأولى ؟. وبصراحة أُصبت بانزعاج كبير جداً، من موقف الوالدة مع أنِّي أخبرتها بالمبرِّرات، وحاجتي الملحَّة للزَّواج بأخرى، وأنَّي على شفا حفرة من المعصية، علماً بأنَّ زوجتي الأولى ابنة عمٍّ للوالدة، ومن قرابتها، ثمَّ إنِّي توقَّفت عن الكلام في الموضوع مع الوالدة، حتَّى لا تنزعج، وبطلب منها، وبعدها حاولت أثير الموضوع مع الزَّوجة، وأبدي لها رغبتي في الحرص على الذُّرية، ولم أتطرَّق للقضايا الجنسيَّة، حفاظاً على مشاعرها، ولكن للأسف أيضاً كان هناك انزعاج كبير من الزَّوجة، وأقسمت بألا تعيش معي في حال تزوُّجي بالثَّانية، ولن تفكِّر في العواقب حتَّى لو على ضاع أبناؤها، فأهمُّ شيء أن تعيش حياتها كما ذكرت، وأنَّها تعرف من نفسها بأنها لا ولن تطيق الحياة معي، في مشاركة غيرها لي في الحياة.
شيخي الحبيب: أنا بين برِّ الوالدة، وحفاظي على بيتي وأبنائي، وبين أن أنجو بنفسي، حتَّى لو تكلَّفت من الخسائر ما تكلَّفت، وكثيراً والله ما أتذكر قوله تعالى:(كلُّ نفسٍ بما كسبت رهينة)، وقوله تعالى: (وكلُّهم آتيه يوم القيامة فرداً)، وأقول في نفسي كلُّهم لن يحاسبوا إلا بأعمالهم، وأنا من سيحاسب بعمله، إن خيراً فخير، وإن شراً فأسال الله أن يتجاوز عنِّي، ولا أدري ما السَّبيل الى الخلاص من الحيرة التي أعيشها، أسال الله أن يفرِّج همِّي، وهمَّ كلِّ مهموم، وأن يجعل الآخرة أكبر همِّنا، ومبلغ علمنا، ولا تنساني من دعوة صادقة في ظهر الغيب، أيُّها الشَّيخ الحبيب.

أجاب عنها:
سعد العثمان

الجواب

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه...
ألخِّصُ لك - أخي الفاضل - جواب استشارتك في النِّقاط الآتية:
أولاً: أشكرك على ثقتك، بموقع المسلم، ومتابعتك له، ونسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يجعلنا أهلاًّ لهذه الثِّقة، وأن يجعلَ في كلامنا الأثر، وأن يتقبَّل منا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها كلَّها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها حظَّاً لمخلوق..آمين.
ثانياً: أنت تذكر – أخي الحبيب – أنَّك رجل ملتزم بدينك، ومن رجال الدَّعوة، وتعاني من شبق جنسيٍّ، وزوجتك لا تكفيك، وترغب في التَّعدد، ولرفض والدتك وزوجتك للتَّعدد، لجأت إلى المواقع الإباحيَّة لتفريغ شبقك الجنسيِّ، ولا تعيب على زوجتك بشيء سوى أنَّ طاقتها الجنسيَّة محدودة وضعيفة، وتذكر أنَّك حريص على أسرتك وأولادك، وأنَّ زوجتك لها صلة قرابة بوالدتك.
لا تقلق أخي " كلُّ مشكلة لها حلٌّ " ، فزوجتك ليست الوحيدة والفريدة في هذا الزَّمان، التي فيها ضعفٌ جنسيٌّ، ولست الوحيد الذي يذنب من البشر، فكلُّ ابن آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التَّوابون.
ثالثاً: قال الله تعالى: ( وقدِّموا لأنفسكم ) البقرة: 223.
إنَّ المرأة تحتاج إلى وقت كافٍ، كي تتحرَّك رغبتها؛ فلا بدَّ من أن يقدِّم الزَّوج قبل الوقاع، قدراً كافياً من الكلام الغزليِّ، والمديح والثَّناء على جمالها وزينتها، ثمَّ يتقرب إليها وشيئاً فشيئاً حتَّى يشعر بتجاوبها معه ، فقد يكون السَّبب في البرود الجنسيِّ للزَّوجة، هو ضعف الثَّقافة الجنسيَّة لدى الرَّجل، ومع مرور الزَّمن تقلُّ رغبة الزَّوجة في مواقعة زوجها الجاهل بأصول القرب إليها ، وهذا خطأ فادح له نتائج عكسيَّة جداً على الحياة الزَّوجيَّة.
رابعاً: قال صلّى الله عليه وسلَّم:( إنَّ الله أنزل الدَّاء والدَّواء، وجعل لكلِّ داءٍ دواءٌ) صححه الألباني.
أنصحك بالذَّهاب إلى طبيب مختصٍّ في الأمراض الجنسيَّة والتَّناسليَّة، واستشره في حالة زوجتك، ولا تعدم من نصيحة قد تفيد في علاج ما أنت فيه، وعلى العموم هناك وصفة طبيَّة طبيعيَّة، أنصح زوجتك ونفسك بتناولها: البلح يعتبر من أكثر الثِّمار تغذية للبدن، فقد ثبت أنَّه مقوٍّ للعضلات والأعصاب، ومؤخِّر لمظاهر الشَّيخوخة، وتضاهي قيمته الغذائيَّة بعض أنواع اللُّحوم والأسماك، حيث يحتوى على كميَّة كبيرة من الفوسفور، وعلى كميَّة عالية من الفيتامينات. ولكن! لكي يكون التَّمر غذاء كاملاً ومقوِّياً جنسياً، فقط أضف إليه اللَّبن، وإذا أضيف إليه كذلك القرفة والحليب، وإذا أديم استعماله على الرِّيق جفِّف مادَّة الدُّود. كما أنَّ التَّمر أيضاً مقوٍّ للكبد وملين للطَّبع، ويزيد فى القدرة على المعاشرة الجنسيَّة، ولا سيَّما مع حبِّ الصَّنوبر. ومن مميِّزات التَّمر أيضاً، أنَّه من الثِّمار المهمَّة فى تكوين السَّائل المنوى عند الرَّجل، ومغذٍّ للأعصاب والخلايا الجنسيَّة عند كلٍّ من المرأة والرَّجل.
خامساً: قال تعالى:(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم) النور: 30.
ويقول الشَّاعر:
وكنتَ متى أرسلتَ طرفك رائداً *** لقلبك يوماً أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كلَّه أنت قادرٌ *** عليه ولا عن بعضه أنت صابر
فتنة النِّساء خطيرة جداً، حيث أوقعت في شباكها جماعة من العبَّاد والصَّالحين، حتَّى صرفتهم عن زهدهم وتنسكهم، وعبادتهم لله عزَّ وجلَّ، بل إنَّ بعضهم مرق من دين الإسلام بسبب امرأة، وما القصَّة التي اشتهر ذكرها عن جمع من أهل السِّير والتَّاريخ والتَّفسير ببعيدة عنَّا، ذكرها ابن جرير في تفسيره، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: إنَّ راهباً تعبَّد ستِّين سنة، وإنَّ الشيطان أراده فأعياه، فعمد إلى امرأة فأجنَّها، ولها إخوة، فقال لإخوتها: عليكم بهذا القسِّ فيداويها، قال فجاؤوا بها إليه فداواها، وكانت عنده، فبينما هو يوماً عندها إذ أعجبته فأتاها، فحملت فعمد إليها فقتلها، فجاء إخوتها فقال الشَّيطان للرَّاهب: أنا صاحبك، إنَّك أعييتني، أنا صنعت هذا بك فأطعني أنجك ممَّا صنعت بك، اسجد لي سجدة، فسجد له، فقال: إنِّي بريء منك، إنِّي أخاف الله ربَّ العالمين فذلك قوله تعالى: (كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَـٰنِ ٱكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنّى بريء مّنكَ إِنّى أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَـٰلَمِينَ) الحشر:16. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنَّه لم يكن كفر من مضى إلا من قبل النِّساء، وهو كفر من بقي أيضاً. وعن سعيد بن المسيب قال: ما أيس الشَّيطان من أحد قط إلا أتاه من قبل النِّساء.
فاحفظ بصرك، وليس لك أيُّ عذر في إطلاق نظرك في المواقع الإباحيَّة، فأنت بفعلك هذا تضيِّع دينك وإيمانك وأخلاقك، وتشتِّت قلبك وعقلك، ومع الوقت تقتل الغيرة فيك، ويخشى منك على حريمك وعرضك، وليس بعيداً أن يفضح أمرك، بل قد تكون فضيحتك في عقر دارك، وسط زوجتك وأولادك، وبذلك تسقط هيبتك أمامهم، لو رأوك أو كشفوا زيارتك لتلك المواقع المغضبة لربِّك، وأبى الله إلا أن يُذلَّ من عصاه، وما دمت تذنب وتتوب، ثم تعود وتندم وتستغفر، فأنت على خير، فاعقد العزم من الآن على ألا تعود أبداً للمعصية من جديد، ألا تخاف أن يقبض الله روحك وأنت تشاهد ما يغضب الله، ثمَّ تبعث يوم القيامة على ما مت عليه، فاتق الله وأقلع...
سادساً: وكلُّ كسر الدين يجبره *** وما لكسر قناة الدين جبران
حاول في علاج شبقك الجنسيِّ، بالدَّوام على الصِّيام فإنَّه وجاء، وعالج الضَّعف الجنسيَّ عند زوجتك، فإن لم يُجدِ الأمر، فليس أمامك إلا التَّعدُّد، فدينك أغلى الغوالي على الإطلاق، فأقنع والدتك في مسألة التَّعدُّد، وأقدم ولا تتردد، وإيَّاك وسلوك سبل الحرام، فثمَّ الهلاك والضَّياع.