6 شعبان 1433

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. الإخوة الفضلاء...
أنا خالاتي لسن متدينات.. ولكن يتميزن بوجود ارتباط جيد بينهن... وكل واحدة منهن تعاني من مشاكل داخل بيتها.. وهن يتهكمن بالنصائح ولا يبالين بها..
ولكن دخلت امرأة بينهن وهي تحاول الآن التفريق بينهن؛ من خلال نقل كلام كل واحدة للأخرى مع التلبيس!
فما رأيكم؟ هل أواجههن وأحذرهن منها أم ماذا؟

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبا بك أخي الكريم في موقع المسلم، وشكر الله لك ثقتك وحرصك على طلب المشورة.
المشكلة التي تطرحها أخي تتمثل في دخول امرأة بين خالاتك تحاول التفريق بينهن من خلال نقل كلام كل واحدة للأخرى مع التلبيس، وأنت في حيرة تجاه التصرف الصحيح لصرف كيدها عنهم.
بداية.. شكر الله لك هذا الحرص، وبارك فيك؛ فقد جمعت بذلك بين عملين عظيمين في الإسلام؛ صلة الرحم والإصلاح بين الناس، قال الله جل وعلا: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء : 114)، وقال سبحانه: {فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (الأنفال/1).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة" (رواه أحمد وصححه الألباني). وقال صلى الله عليه وسلم: "ما عمل ابن آدم شيئاً أفضل من الصلاة، وصلاح ذات البين، وخلقِ حسن" (كما لدى البيهقي، وصححه الألباني).
وأما صلة الرحم فالنصوص في شأنها كثيرة مستفيضة، كما لا يخفى عليك، وثوابها معجل في الدنيا والأخرى.
ثم أقول لك أخي:
ابدأ من الأصل.. لا الفرع!
والأصل هنا هو تذكير خالاتك بما جاء في الوعيد على فساد ذات البين، والسعي بين الناس بالنميمة.
والفرع هو هذه الحالة الطارئة من وجود هذه المفسدة التي تسعى للتفريق بينهن.
فإذا نجحت في تعزيز الأصل في قلوبهن؛ طغى على الفرع ومحاه بإذن الله تعالى.
فاحمل معك في زيارة لخالاتك بعض المطويات في فضل صلاح ذات البين، والعكس (جزاء فساد ذات البين)، وحول آفات اللسان ومنها النميمة، دون حديث مباشر معهن فيها.
وفي زيارة أخرى: استثمر مناسبة أثناء الكلام للحديث حول ما جاء في ذم النميمة والإفساد بين الناس والوعيد على ذلك، وكيف أن حق النمام المفسد أن لا تقبل الشهادة، ومن ثم فجزاؤه أن نكذبه فيما يقول، ولا نبني عليه أي غل أو غيظ تجاه أحد.
وفي زيارة ثالثة.. وبحكمة وذكاء.. اقصص عليهن قصصا من المأثور والواقع في عدة جوانب، وأدرج بينها قصصا في هذا الشأن: عاقبة الإفساد بين الناس، ورفض الأتقياء لمن يسعى عندهم بالنميمة.
حتى إذا غرست غرسا تطمئن إليه في نفوس الخالات الكريمات؛ فيمكنك الانتقال لمرحلة المفاتحة والمصارحة بأنك سمعت شيئا عن توتر في العلاقات، ونما لعلمك وجود من تسعى للإفساد بينهن؛ ومن ثم تستند لرصيد المواعظ والقصص في تذكيرهن بالتصرف الصحيح تجاه هذه المرأة، وطردها من حياتهن.
واستعن في ذلك كله بالدعاء والصبر؛ فالزمن جزء من العلاج، وما لا يدرك كله لا يترك جله، وأنت في كل أحوالك (بإذن الله) مشكور مأجور؛ فلا تمل ولا تكل من هذا الخير العظيم.
وفقك الله وكتب أجرك وبارك فيك.