الصدام بين الإسلاميين والعسكر بمصر
6 جمادى الأول 1433
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

اندلعت حرب تصريحات متبادلة بين الإسلاميين في مصر ممثلين في جماعة الإخوان المسلمين ـ الذين يشكلون أغلبية البرلمان ـ من جهة, والمجلس العسكري الحاكم من جهة أخرى؛ على خلفية محاولة سحب الثقة من حكومة الدكتور كمال الجنزوري التي شهدت البلاد في عهدها حالة شديدة من التردي على جميع المستويات, ورغم محاولات التهدئة من جانب الطرفين إلا أن المؤكد أن حالة الوفاق التي كانت بادية إلى وقت قريب بينهما بدأت في التلاشي كما هو متوقع, لقد أصدرت جماعة الإخوان بيانا أدانت فيه التمسك بحكومة الجنزوري واتهمت المجلس بدعم الفاشلين وشككت في نوايا المجلس خلال الفترة القادمة, بينما رد المجلس مدافعا عن نفسه, مؤكدا أنه يسعى لحماية الثورة, وكان قبل ذلك قد تسربت معلومات عن تهديد العسكري بحل البرلمان... والمدقق في مجريات الامور يجد أن السبب ليس كما يظهر هو حكومة الجنزوري فهي حكومة مؤقتة لن تبقى أكثر من شهرين قادمين وبعدها ستقدم استقالتها عندما ينتخب رئيس جديد للجمهورية ولكن حقيقة الخلاف أعمق من ذلك بكثير ...

 

في الفترة الماضية كثر الكلام حول مرشح توافقي للرئاسة بين القوى التي قامت بثورة 25 يناير ولكن نظرا لتباعد الرؤى بين الإسلاميين والعلمانيين لم يتم التوصل لهذا المرشح, في نفس الوقت انتشرت شائعات عن مرشح توافقي بين جماعة الإخوان والمجلس العسكري بحيث يسيطر الإخوان على البرلمان والحكومة القادمة ويسيطر العسكري على منصب الرئاسة عن طريق مرشح مقرب منهم مثل عمرو موسى ولكن يبدو أن هذه المحاولة التوافقية قوبلت بالعديد من العثرات ومن أهمها أن الإخوان تعرضوا لانتقادات حادة ليس فقط من الاتجاهات الإسلامية الاخرى ومن بقية القوى المشاركة في الثورة بل أيضا من داخل الجماعة حيث يرى عدد كبير من شباب الجماعة أن هذا سيؤدي إلى ضياع الثمار الحقيقية للثورة ويرى بعضهم أن الاولى أن يتم الدفع بمرشح من الجماعة أو على الاقل تأييد القيادي السابق بالجماعة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والذي يحظى بتقدير الكثير من شباب الثور حتى من غير الإسلاميين كما يحظى بتأييد عدد من الشخصيات البارزة المقربة من الجماعة مثل الشيخ يوسف القرضاوي, أيضا من العثرات التي قابلت التوافق بين الإخوان والعسكر ـ كما يبدو ـ خوف الإخوان من تكرار ما حدث في عهد الرئيس الاسبق جمال عبد الناصر عندما استخدم شعبيتهم في بداية ثورة 23 يوليو 1952, ثم انقلب عليهم وزج بهم في السجون وأعدم العشرات من قياداتهم, كما يظهر أيضا أن اسم المرشح كان احد عوامل عدم التوافق فالجماعة لا تريد أن تضع يدها مع أحد من المحسوبين على النظام السابق كما أن لها تحفظات على الكثير من الشخصيات السياسية المقربة من العسكري والتي تبدو كاستنساخ لرجال مبارك..

 

ياتي ذلك في وقت اندلعت معركة الدستور ما بين التيار الإسلامي والعلمانيين الذين فشلوا في الحصول على أي مكاسب بعد الثورة وأرادوا أن يضعوا دستورا على أهوائهم لمنع أي توجه إسلامي حقيقي في البلاد وشنوا حربا عنيفة على اللجنة التأسيسية..

 

المجلس العسكري من جهته دخل على الخط محاولا أن يفتح طرقا مع العلمانيين لضرب الإسلاميين في هذه المعركة...الادهى من ذلك أن الاتجاهات الإسلامية فشلت حتى الآن في اتخاذ موقف محدد من المرشح الرئاسي رغم خطورة الموقف وتعرض جميع مكاسب الثورة للضياع...

 

المشكلة الآن أن هذه المعارك وتداعياتها مع إصرار العسكري على حكومات وسياسات تنفيذية فاشلة أصاب الناس بإحباط شديد وأصبح الكثير منهم يتشكك في جدوى الثورة مع التدهور الاقتصادي والأمني المستمر والذي لا يوجد مبرر منطقي له سوى أن هناك جهات نافذة تريد تحجيم التغيير في إطار يخدم مصلحتها بعيدا عن أهداف الثورة.