19 ربيع الأول 1434

السؤال

بعد أن مَنَّ الله تعالي علي بالتوبة مما يسمى بـ "العادة السرية" التي تعرَّفْتُ عليها وحدي ولا أعرف ما سببها في البداية..
ولكن طالت المدة وأنا جاهلة للأمر ولأني كنت أحب مطالعة الكتب والمواقع الدينية اكتشفت خطئي وبعد جهد جهيد تغلبت علي الشيطان لكن بعدما استطاع النيل مني والمصيبة كانت أنني لم أعد بنتا ففقدت بكارتي، وأنا الآن في سن الزواج والخطاب يكثرون وكلما أتي واحد رددته والآخر رفضته ولا أعرف ما الحل مع المجتمع الذي لا يرحم وكيف أتصرف وأعلم جيداَ أن والدي وأهلي الذين يقفون لجنبي إن رفضت أو قبلت لن يصبروا كثيراَ وسيعتبرون تصرفي غباء ولا أستطيع فعل شيء؟

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

الأخت السائلة:
اقتضت الطبيعة البشرية إلقاء اللوم على المتهم ومحاكمته، ونسيت وأهملت المسبب الأساسي ومساعد المتهم علي ارتكاب جريمته………
ففي هذه الرسالة ليست الفتاه وحدها هي المتهمة التي يجب أن تخاف من محاكمة المجتمع الذي لا يرحم بل هي مجني عليها أيضا..
إن المتهم الأول في قضيتها هي تلك الأم التي نسيت كونها الأم والأخت والصديقة والمربية لتلك الفتاة، ونسيت أن من حقوق الأبناء علي آبائهم وأمهاتهم أن يجلسوا معهم للتعليم ثم للوعظ والإرشاد..
عليها مسئولية تعليمهم مفاهيم دينهم وتعريفهم الحلال والحرام والمستحب والمكروه فلم تكن التربية في يوم من الأيام اهتمام بألوان الطعام والشراب والملبس بل اهتمام بقلب وقالب.
إن تلك الفتاه لم تعرف أن ما تقوم به من معاص خطأ إلا بعد اطلاعها علي بعض الكتب والمواقع الدينية… فما دور تلك الأم إذن تجاه تلك الفتاه؟! وما دور مربياتها من المعلمات وغيرهن؟!
كان على الأم احتواء ابنتها فتساعدها علي قضاء صلواتها في ميعادها إذ الصلاة تنهي صاحبها عن الفحشاء والمنكر.
وكان أيضاَ عليها أن تصطحبها من صغرها إلي الدروس الدينية بالمساجد لتتعلمان كلاهما تعاليم دينهم الشرعية.
فلو تأسست البنت من صغرها علي التربية الإسلامية وعرفت الله حق المعرفة لتبت في قلبها حينذاك الخشية من الإله والخشية من معصيته.
ولعلنا نعلم أن أشد الأوقات خطراَ علي أبنائنا وبناتنا هي أوقات المراهقة ففيها يتسلط الشيطان علي النفوس الضعيفة ويجرها ولن يفلت منه سوى قوي الإيمان ومن رحم الله تعالى.
لذلك فهذه الأوقات لا تقل أهمية في الرعاية عن الرعاية في، ولكل وقت دوره في التربية ومعاملته الخاصة، فإن كان في الصغر يغلب الحزم في التعليم ففي تلك الأوقات تفضل المصاحبة بجانب الصداقة والمراقبة لأبنائنا دون أن يشعروا.
الابنة السائلة:
عندما تستحكم حلقات الأمور يذهب العبد لربه مهرولاَ مستعيناَ به طالباَ النجاة وعندئذ يعلم الله تعالي صدق الصادق وإنابة التائب الخالص فلا يتركه إلا وقد فتح أبوابه التي يفيض عليه منها ببركة رضاه وقبوله تعالي له، إننا عباد الله الضعفاء فلا يعصم منا أحد إلا بلجوئه إلى مولاه، فالذنوب تثقلنا جميعا.
ومن نعمة الله تعالي علينا أنه سبحانه ينزل ستره علي بعض عباده العصاه الذين قد علم منهم التوبة الخالصة، فاعلمي إن كانت توبتك كما ذكرت برسالتك خالصة من داخلك وصادقة فشروط التوبة ثلاث:
1- الإقلاع عن تلك المعصية التي يقوم بها العبد فوراَ
2- أن يصاحب العبد الندم علي ما قد قام به من ظلم لنفسه لوقوعه في تلك
المعصية
3-العزم علي عدم العودة لتلك المعصية مرة أخرى.
بتلك الشروط الثلاثة قد تكون التوبة نصوحا.
الأمر الثاني إذا توافرت لديك تلك الشروط فعليك اللجوء إلي الله تعالي لحل ما وقع لك نتيجة ارتكابك لتلك المعصية واللجوء له سبحانه، عن طريق كثرة الدعاء والتقرب له سبحانه بكل قربات النجاة من صلاة في مواعيدها وزيادة نوافل وصدقات وقيام ليل والتوسل والتذلل له سبحانه بأن يجعل لك مخرجاَ مما أنت فيه وحلاً، فالله سبحانه لن يردك إذا علم منك الإخلاص ورأى دمعات الندم خلال مناجاته في ذلك الوقت الذي ينزل فيه سبحانه للسماء الدنيا وهو الثلث الأخير من الليل فيعطي من يسأله ويغفر لمن يستغفره.
أما بالنسبة لخوفك أنك تأذيت فلم تصبحي بكرا، فعليك ألا تجعلي تحديد ذلك لنفسك، لكن عليك مصارحة والدتك بما أنت فيه وعليكم الذهاب إلى طبيبة مختصة هي التي تحكم عليك بعد الفحص الطبي، وربما لا يكون الأمر كما تتخيلين فعندئذ يكون الخير كله، وإن كان ما حدث لك كما توقعتِ فالطبيبة قد يكون لها سبيل في ذلك وحل.
إن الوقوف لمواجهة المشاكل هو الطريق الأوحد لعلاجها وليس الهروب والخوف منها
وعليكِ أيتها الفتاه أن تأخذي من ذلك درسا وأن تتعلمي مما أصابك وعندما يتيسر لك الزواج أن تكوني الأم التي تحتوي أولادها وتحرص على مراقبة الله وعلمي أولادك معنى كلمة الإحسان وهي أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.