8 شعبان 1433

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله أرجو منكم إرشادي.. أنا امرأة متزوجة منذ 8 سنوات، ولم يرزقنا الله الذرية والحمد لله على كل حال، وهذه مشكله بحد ذاتها، لها أحداث مع زوجي لكن المهم الآن أن زوجي لا يصلي الصلاة جماعة في المسجد وإنما يؤديها في البيت؛ بالرغم من أنه إنسان متعلم وهو غير مقتنع بوجوبها ويقول إن لديه أدلة على أنها سنة، أخبرته مراراً وتكراراً بمدى أهميتها لكنه لا يستجيب وأخبرته إذا أراد الله ورزقنا الذرية فكيف سيكون قدوة لأولاده؟! قال لي: سأخبرهم بأدلتي.. يا إلهي!! بدل أن يشعر بالتقصير سيربي أولاده على ذلك.. أنا أشعر بالاختناق من بعض تصرفاته أريده أن يخرج يغير من مكانه يخرج للصلاة لكن لا حياة لمن تنادي.. كما أن هناك أشياء أخرى أستحي من ذكرها وأيضا لا أشعر تجاهه بأي حب، وأعرف أن الحياة الزوجية قائمه على الود والرحمة وليس الحب؛ لكني أشعر بالضيق كلما اقترب مني.. أيضا أشعر أن الاحترام بيننا قل.. هذا غير عصبيته أنا لا أنكر أن لديه إيجابيات لكن تصرفاته تصيبني بالعصبية.. أرشدوني ماذا أفعل معه وكيف أتصرف؟ وما حكم الصلاة جماعه في المسجد للرجال؟ وشكراً.

أجاب عنها:
أسماء عبدالرازق

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومرحباً بك في موقع المسلم.
تتلخص مشكلتك أيتها الكريمة في:
• عدم الإنجاب، وما يتبع ذلك من ضيق ومشكلات بين الزوجين.
• ترك زوجك لصلاة الجماعة وإصراره على ذلك.
• الضيق ببعض تصرفاته.
• أمور خاصة.
• لا تشعرين بالحب تجاهه.
• الإحساس بالضيق كلما اقترب منك.
• قل الاحترام بينكما.
• عصبيته.
وفي ظني أن ما سبق يمكن اختصاره في صلاته في البيت، وعدم الإنجاب، وبعض تصرفاته التي تزعجك والباقي تبعات وآثار.
o أما صلاته في البيت فلتقترحي عليه عرض ما عنده من أدلة على شيخ راسخ تثقان في علمه، وتناقشان معه هذه القضية الفقهية. يمكنكما الاستفادة من موقع البث الإسلامي الذي يبث دروس كبار المشايخ ويتيح فرصة السؤال، وكذلك التواصل عن طريق الهاتف أو أبواب الفتاوى في المواقع الإسلامية الموثوقة. المقصود أن مسائل الدين يرجع فيها لأهل التخصص، وهي ليست محلاً للأخذ والرد، والإصرار على الرأي، بل على المسلم أن يحرص على معرفة الحق، ويجتهد في اتباعه، كما أنه يرجع في المسائل الطبية للطبيب المتخصص، ولا يكتفي بظنه.
ثم لنفترض جدلاً ثبوت كونها سنة، فما أحوج المسلم للحرص على السنة ما دام قادراً على ذلك. أَوَ يتهاون المسلم الصادق في حب نبيه صلى الله عليه وسلم في الاقتداء به، واقتفاء أثره ثم يمني نفسه بصحبته في الجنة التي أعدت للمتقين؟! يكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يذر المسجد ليصلي الفريضة في حجرات نسائه. ويكفي أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يأتون في الهاجرة من أطراف المدينة ليصلوا في المسجد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل صلاة الظهر ليمكن الصحابة الكرام من إدراكه. إن كان المسلم يعجز عن الاتساء بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في اجتهادهم في العبادة، وصدعهم بالحق، ومسابقتهم في الخيرات، وخضوعهم بين يدي الله تعالى في الصلوات، فلا أقل من أن يحرص على التردد على المساجد كما كانوا يفعلون، والتشبه بالكرام فلاح، والخلاصة على فرض إنها سنة فالسنة ينبغي أن تفعل لا أن تترك وتهجر، قال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي)، قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) (الأحزاب: 21)، والله تعالى قد أثنى على رجال فقال: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) (النور: 36-37)، فليبادر إلى الخير وليغتنم العمر وليكن من أولئك الرجال.
o أما عدم الإنجاب، فقبل أن أحدثك عنه أذكرك بأن أكمل نساء العالمين، وأرفعهن درجة، فيهن اثنتان لم تكن لهما ذرية وهما آسية بنت مزاحم امرأة فرعون التي قالت لفرعون في شأن موسى: "قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً" (القصص: من الآية9)، وعائشة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها. وهكذا جل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من أمهات المؤمنين لم تكن لهن ذرية. فحتى إن قُدِّر أن الله لم يكتب لك ذرية، وأسأله أن يقر عينيك عاجلاً بها، فلك في الصالحات الكاملات الفاضلات أسوة حسنة، فاشكري الله على كل حال واغتنمي نعمة الفراغ في تحصيل العلم النافع، وفي تعليمه للنساء من حولك، وفي غيره من الأعمال التي تعود عليك بالنفع في الدارين.
وتذكري أيتها الفاضلة أنك ما تزالين في مقتبل العمر، ورغم أنك لم تذكري المسبب لتأخر الإنجاب، لكن نحن في زمان تطورت فيه العلوم والحمد لله، فلا تقنطي من رحمة الله.
كذلك استعيني بالاستغفار والدعاء، ولك في أنبياء الله تعالى أسوة حسنة، فهذا إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام دعا ربه أن يهب له من الصالحين فرزقه إسماعيل بعد الكبر فقال: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ..." (إبراهيم: من الآية39)، ثم منّ عليه وعلى زوجه سارة رغم أنها كانت عاقراً عجوزاً، فرزقهما بإسحاق، وبشرهما بيعقوب، وبارك لهما فيهم وجعلهم أنبياء. وزكريا عليه السلام دعا ربه أن يهبه ولياً رغم أنه بلغ من الكبر عتياً، وكانت امرأته عاقراً، فاستجاب الله تعالى له، ووهبه يحيى وآتاه الكتاب والحكم، وجعله باراً بهما. فاتخذي الأسباب، ولا تقنطي من رحمة الوهاب. وتأملي في حال هؤلاء الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام تدركي أن من أسباب إجابة الدعاء صدق التوكل على الله تعالى، والمسارعة في الخيرات، والإكثار من الدعاء، فقد قال تعالى: "وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ" (الأنبياء:90، 91).
o أما ما ذكرته من عصبية زوجك، وضيقك بتصرفاته، وبه كلما اقترب منك، وبالتالي قلة الاحترام بينكما لكثرة الاحتكاك، فمرده للضغط النفسي الناتج ربما عن إثارة من حولكم لموضوع الأولاد سواء بالأسئلة أو التلميحات، وطول انتظاركما. فصاحبك قد يكون مخطئاً، لكنه كذلك قد يكون ضحية لتصرفات من حوله، فتحمليه وحاولي تخليصه مما يجد. وفي ظني أن الحل الأمثل أن تجلسا مع بعضكما جلسة مصارحة تقلبان فيها الموضوع بكل جوانبه. كيف ينبغي أن تتصرفا مع هذا الابتلاء؟ ما هي الوسائل المتاحة لحل المشكلة؟ كيف يمكن تجاوز الآثار التي ترتبت على تعاملكما مع القضية فيما سبق؟ وغير ذلك.
أما موضوع الحب فلا شك أن كلا منكما يحمل للآخر مشاعر إيجابية فأنت ترين إيجابياته وتصرحين بها رغم عصبيته، ولا تفكرين في تركه، وهو متمسك بك طوال هذه السنوات، وهذه نعمة كبيرة يفقدها كثير ممن من الله عليهم بالبنين والبنات. فبادري بالتقرب إليه، والمسارعة فيما يحب، واشغليه عن التفكير بما ترينه مناسباً من برامج. وتذكري دائماً أنكما كيان واحد، وأن لكل خفقة من خفقات السعادة والفرح في فؤادك صداها القوي في فؤاده، فاحرصي حفظك الله على الخروج دائرة الضيق، والتفكير، والانشغال بالأفعال وردود الأفعال، لباحة الرضا والصبر، وتلمسي أسباب الراحة النفسية تجدينها أقرب إليك مما تتخيلين.
ألف الله بين قلبيكما، وقدر لكما الخير، ورزقكما القناعة بما يُقسم لكما، وأقر أعينكما بالبنين والبنات الصالحين الصالحات.