ليبيا الجديدة.. تخلصت من القذافي لتقع في براثن التفتيت
11 ربيع الثاني 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

مر أكثر من عام على الثورة الليبية التي أطاحت بالرئيس الراحل معمر القذافي بعدما أزهق الآلاف من أرواح شعبه الذين تطلعوا إلى الديمقراطية والحرية، وكانت نهايته أن قتل شر قتلة وترك شعبه وكله أمل في ليبيا ديمقراطية ومستقرة لكنهم لم يكن يخطر ببالهم أن يواجهوا خطرا جديدا يهدد بلادهم وهو التقسيم والتفتيت حيث تسعى الكثير من القبائل إلى تكوين فيدراليات مما يهدد بدخول البلاد إلى دوامة من العنف والحرب الأهلية. 
أحد أخطر هذه المساعي ما ذكرته مصادر ليبية عن استعداد قبائل شرق ليبيا يوم الثلاثاء المقبل لإعلان برقة الممتدة من حدود مصر في الشرق إلى سرت غربًا فيدرالية اتحادية، حيث من المتوقع الإعلان عن مجلس انتقالي وبرلمان خاص بالفيدرالية للإقليم الجديد يتمتع بسلطات إدارية ومالية واسعة، بالإضافة إلى ترشيح عدة شخصيات لتولي حقائب النفط والمالية والتعليم العالي والدفاع.

 

وبرر الساعون لتكوين هذه الفيدرالية من زعماء القبائل الشرقية ما وصفوه ب"الفشل الذريع للدولة المركزية " وراء الإعلان عن إقامة الإقليم، زاعمين أن سياسات المجلس الانتقالي الليبي "الاستبدادية" وإعادة الدولة المركزية في العاصمة طرابلس هو الذي دعا السكان المحليين إلى التفكير جديًّا في هذه الخطوة للتعبير أيضا عن رفض تهميش "الكيان الشرعي في شرق ليبيا".
وفي خطابه بمناسبة مرور عام على الثورة حذر رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفي عبد الجليل الثوار الليبيين من تقسيم البلاد إلى ما أسماها فدرالية الجهوية والقبلية، وقال "إن المخاوف سابقا كانت من تقسيم ليبيا إلى ثلاث كنفدراليات، واليوم أضحت البلاد مهددة بالتقسيم إلى مدن وقرى وقبائل وجهات".

 

وتصاعدت التحذيرات من جانب مسئوليين ليبيين حاليين وسابقين من بينهم مصطفى بن حليم - رئيس الوزراء السابق للمملكة الليبية الذي رفض النظام الفيدرالي باعتبار أنه يعمل على تقسيم وتجزئة ليبيا، وقيام جزء على حساب جزء آخر من الوطن، مشيرًا إلى أن الشعب الليبي قد قاتل نظام القذافي لأجل الوحدة واللحمة الوطنية، وأن الثورة قد خيطت بالدم الذي من خلاله تماسك الليبيون ولن يتفرقوا.

وتشير تقارير إعلامية إلى وجود خطة قديمة تهدف إلى تقسيم البلاد إلى خمسة أقاليم إدارية، هي برقة وطرابلس ومصراتة وجبل نفوسة وفزان، حيث يضم إقليم برقة المنطقة الشرقية وجميع الحقول النفطية، بينما يضم إقليم مصراتة محافظات سرت وبني وليد وترهونة وزليتن والجفرة، وذلك بهدف السيطرة على الثروات الموجودة هناك، لاسيما النفط.

 

ورغم تحذيرات رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبدالجليل من حدوث تقسيم فيدرالي أو كونفيدرالي في البلاد، إلا أن ذلك لم يحُل دون اندلاع بعض النزاعات القبلية بين الثوار وبعض العشائر، منها القتال الذي شهدته أخيراً منطقة الكفرة، وأدى إلى سقوط 100 قتيل بين الطرفين، إذ تدخلت القوات العسكرية النظامية، في حالة نادرة لتدخلها لفرض سيطرتها، لإنهاء القتال بين قبيلتي "الزوي" و"التبو" ب"الكفرة" قرب حدود ليبيا مع تشاد والسودان ومصر.

 

وتوجد التبو بالأساس في تشاد، لكنها تسكن أيضا أجزاء من جنوب ليبيا، وقد اتهمت قبيلة الزوي التبو بمهاجمة الكفرة بدعم مرتزقة من تشاد، لكن التبو قالت إنها هي التي تعرضت للهجوم، وتحدثت عن إبادة جماعية مطالبة الأمم المتحدة بالتدخل.

وبدورها ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن ليبيا تواجه خطر التفتيت والتفكك مع نية بعض الولايات والمناطق الليبية إجراء انتخابات مستقلة، محذرة من خطر آخر يدعمه يتعلق بفلول القذافي، وتحدثت عن إن "الساعدى القذافى" الموجود فى النيجر حاليا يعد من الخارج لثورة يقوم به الموالين له على نظام الحكم الحالى فى البلاد.

 

وتسببت هذه المزاعم في مزيد من الاحتقان والتوتر فى ليبيا، خصوصا أن المجلس الانتقالى الوطنى الحاكم لم يتمكن حتى الآن من بسط نفوذه على الميليشيات المتناحرة فى ليبيا.

ويطرح بعض الخبراء حلولا لخطر التفتيت من خلال الإسراع في رسم خارطة طريق لإنشاء الدّولة من خلال المجلس الوطني الانتقالي والحكومة المؤقتة، وإعلان ذلك بوضوح للشعب، ووضع جدول زمني محدد لكل مرحلة، ويتواكب معه القضاء أو احتواء المليشيات وحالة الفوضى التي خلفها الكم الهائل من السلاح المنتشر في أرجاء البلاد من خلال إنشاء جيش وأمن وطني، وتفعيل المؤسسة القضائية.
والآن وبعد الثورة العظيمة التي أطاحت بالطاغية هل يستسلم الليبيون لمخطط التقسيم والتفتيت الذي لا يقل خطورة عن قمع واستبداد معمر القذافي.