29 محرم 1434

السؤال

أنا أم، زوجت ولدي من فتاة هي بنت عمي، سألت عنها جيدا فقالوا إن بها عيوب، لكنني لم أتوقع أنها لهذه الدرجة.
..بعد الزواج من ابني اكتشفت فيها خصالا لم أرها في قرابتنا!
أولاً عندما طلبت منها رؤية شريط زفافها رفضت، وقالت: لا يخصكم! والمعتاد عندنا أن أهل الزوج يرون شريط زفاف زوجة الابن.
وثانياً بعد زواجها كانت لا تساعد في شئون البيت عندما تأتيني مدعوة، وهي من بداية زواجها لا تقدرني ولا تحشمني، وتستهزئ ببناتي بالشكل واللبس، وتكذب علينا عند زوجها، وتشترط خادمه وهي بنت ولم تنجب ولم تتعود في بيت أهلها على الخدم.
وقالت لولدي: إنها حلمت بي بأنني شريرة تريد إيذاءها، وأنا استغربت أنها حلمت هذا الحلم بعد اليوم الذي سردت عندها حلماً مشابهاً، وأنا أحس أنها كاذبة، وتريد إبعاد ولدي عني،.. أريد نصيحة أعمل بها، لأني ظُلِمت من أم زوجي وزوجة ولدي!

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

في كثير من الأسر ما زلنا نعاني من نظرة زوجة الابن لأم زوجها ونظرة أم الزوج لزوجة ابنها.
ففي أثناء الخطبة تبدي كل واحدة تجاه الأخرى أفضل السلوكيات وتنتقى أفضل الألفاظ والتعبيرات ثم بعد ذلك نتعجب للتغير المفاجئ الصادر من كل منهما بعد زواج ذلك الابن.
ولنبدأ بزوجة الابن فإنها تعد نفسها وكأنها في صراع مع تلك الأم فتبدأ في تجنبها وتريد الانفراد بزوجها فتقدم الولاء والسعادة عندما تجده مهتما بها وبأهلها وأقاربها من خلال زيارات وهدايا ومجاملات و....و..........الخ.
لكن عندما تجده يفكر في استقبال أبويه أو أخواته أو استضافتهم ودعوتهم تنقلب الأمور ولا يظهر عليها إلا تقديم كلمات التعب.!على العكس فتجد بواعث النشاط والسرعة في دعوة أقاربها.
الأمر الآخر أنها تنسى أن هذه الأم مثل أمها وهذا الأب مثل أبيها وقد يحتاجون يوماَ لرعايتها لكنها تفضل الهروب من هذا العمل الصالح وتبخل بصحتها التي منحها الله تعالى، إن ما أقصه هو حال الكثير من زوجات الأبناء، وإن كان الخلاف لازما لا محالة فليس أقل من اتباع الحسنى في المعاملة، فالكلمة الطيبة صدقة، والابتسامة صدقة، والسؤال ولو بالهاتف أو تقديم هديه كخيط لكسب الحب والود أو مثاله..
على الجانب الآخر قد تقع بعض الأمهات في خطأ دون أن تقصد؛ فقد تصدر منها بعض المواقف بالنسبة لزوجة الابن قد تشعر بتفاوت الحنان مقارنة بأخت الزوج فتجد زوجة الابن أن هذه الأم تريح ابنتها على حسابها مما يشعل الضغينة في قلبها تجاهها وطبعا هذا الحنان أمر يخص القلب.
وكثيرٌ من الأمهات يتعمق داخلهن أن زوجة الابن هي المسئولة الأولى عن خدمتها ورعايتها والقيام بكل عمل وكأنها أتت بخادمه إلى البيت، فهذا الشعور يصل إلى زوجة الابن مما يجعلها تتبع أسلوب العناد وتتصاعد الأمور، وبدلا من أن تساعد زوجة الابن هذه الأم يحدث العكس فالأم هي التي تقوم بخدمتها عندما تتأتى لزيارتها مما يغيظ الأم وتبدأ تشعر ناحيته زوجة ابنها بشيء من التأفف والضيق.
ومما يوسع الفجوة أيضاَ أن أم الزوج قد يحدث منها أمر أيضا دون قصد وهو عدم العدل في توزيع المسؤوليات بين زوجات أبنائها فتجد أحدهما أنها تكلف بمجهود يتعبها في المقابل أن زوجة الابن الأخرى "مرتاحة" فتبدأ في الانسحاب بالتدريج وبذلك تخسر الأم زوجة الابن التي تساعدها بسبب عدم عدلها في توزيع المسؤوليات.
ويترجم انطباع الأمهات فتجد أما لا تستطيع التحمل فتصرخ في وجه ابنها (وأصبح الابن حينذاك في حيرة بين رضا أمه وبرها وبين استقرار حياته الزوجية).
ووجه آخر ترى فيه الأم شدة التبلد من زوجة ابنها لكنها تكتم كل مشاعرها داخلها حرصا على بيت ابنها من الانهيار وتتحمل كل منغصات زوجة الابن مقابل سعادة ابنها.
المشكلة هنا - بعد تغير الأزمنة - لابد أن تعقلها كل أم وتسلم بها، أن بنات الأمس غير بنات اليوم، فوسائل اليوم ( الفيس بوك والإنترنت "والتحرر الزائد والأفكار الغربية ووسائل الإعلام التي) لطالما تدس المفاهيم السيئة حتى تمكنت من وضع ذلك الحاجز بين الطرفين.
مازالت المشكلة قائمة بين الطرفين لكن كل ذلك لنقص أشياء داخلنا أهمها:
1- قرب القلوب من الله تعالى فعندما تزيد علاقة القلب بخالقه سوف تنتهي كل المشاكل بين الطرفين فتخاف أن تغتاب إحداهما الأخرى لمعرفتها بعظم نهى الله عن الغيبة،وترى كل واحدة منهن تملك نفسها عندما تغضب من سلوك ما لمعرفتها بأن المؤمن لا يغضب وترى كلا من الأخرى تحاول أن تقدم ما يسعد من حولها، فتبتسم في وجه من أمامها بنية " تبسمك في وجه أخيك صدقة "، وترى زوجة الابن تحث زوجها على بر أمه لكسب رضاها، فالقلب المؤمن الصادق يسعد صاحبه فكل عمل سوف يقدمه للآخر بنية خالصة لله تعالى سوف يجد في قلبه سعادة ينسى بها كل عناء اليوم، إن السبب الرئيس لهذه المشاكل هي قلوبنا، وليست المشاكل نفسها.
2- أم الزوج عليها أن تعامل زوجة الابن كأنها ابنتها، ففي هذه الحالة لا تنتقدها سواء قامت بمساعدتها أو لا، إذ إن الحنان هو الشيء الوحيد غير المصطنع لذلك على كل أم أن تحاول أن تحب زوجة ابنها من قلبها
3- أما زوجة الابن فعليها أن تعلم أن البيت الذي دخلته فهو أمانة بين يديها، فرعاية أم زوجها - مهما قست عليها - أمر يرفعها الله تعالى به ودفع زوجها لبر أبويه أمر سوف تجده من أبنائها عندما يكبروا فتجد كل ما تفعله يقدم إليها من جديد.
السائلة الكريمة: ذكرت برسالتك أن زوجة ابنك هي ابنة عمك فكيف لم تعرفي طباعها من قبل وهي رحمك، فصلة الأرحام تمكننا أن نصل لفهم ظروف أقاربنا ومعرفة أخلاقهم ومعالجة ما نريد منها.
وإن كانت هذه الزوجة منعت عنك شريط الزفاف لرؤيته فحاولي أن تحتويها، وتراعي طريقة تفكيرها وقلة خبرتها، وبأسلوبك الطيب مع مرور الأيام إنْ شاء الله، وكأم ذات خبرة وتجربة في الحياة تستطيعي أن تكسبي حبها فتتغير للأفضل والعشرة الطيبة كافية على أن تلين الحديد.
أما عن الأحلام التي تدعيها الزوجة فعلينا إحسان الظن بمن حولنا فربما تشكل لنا عقولنا الباطنة شيئا مقاربا، فالإنسان كثيرا ما يرى في رؤياه ما يفكر فيه نهارا، وإن كان غير ذلك فبسبب عدم سلامة الصدر الناتج من تشنج المعاملة بينكما، فالحل الوحيد في ذلك أن تجلسي مع زوجه أبنك جلسة صفاء تصرحي لها عما بداخلك وما يحزنك منها، وهي أيضا تصرح عما بداخلها وعما يحزنها منك، ولتبدؤوا صفحة جديدة يملؤها التسامح والحب والعفو فإن الله تعالى هو العفو الكريم يحب العفو فما بالنا نحن العباد.
السائلة الفاضلة..
إنها الحياة، وستنتهي، طال بنا الوقت أو قصر، فليس علينا إلا أن نزيل عن قلوبنا ضباب الكره والحزن، ونبدله بصفاء القلب وسعة الصدر والحب الصافي الخالص لله تعالى كي نرى الدنيا بلونها الزاهي بدلا من أن نراها دائما معتمة.