دور العلماء الربانيين في انهيار الأنظمة المستبدة
19 ربيع الأول 1433
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

يظل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "أفضل الجهاد كلمة حق عن سلطان جائر" نبراسا للعلماء الربانيين الذين يقومون بواجبهم في إرشاد الامة ونصحها وانتشالها من براثن الحكام الطغاة الذين تسلطوا على رقابهم بقوة السلاح وبالعمالة للخارج..

 

إن الفتوى التي أصدرها 107 من علماء الامة بضرورة إسقاط نظام بشار الاسد ودعم الجيش السوري الحر الذي يتصدى لجرائمه, وتحريم الانضمام لجيشه الذي يمارس أبشع أنواع التعذيب والقتل على مرأى ومسمع من العالم , هذه الفتوى زلزلت نظام بشار المتصدع والمشرف على الانهيار وأصابته بالاضطراب وبدأ في تجييش أولياؤه لكي يردوا عليها بالباطل حيث ادعوا زورا وبهتانا أنها السبب في سفك دماء الابريان وكأن بشار طوال 10 أشهر كان يسفك العصير واللبن في شوارع حمص وإدلب والزبداني, ولم يقتل أكثر من 7000 بحسب مصادر حقوقية دولية, أكثرهم من النساء والاطفال وأن معظم هؤلاء قتلوا قبل أن يطلق الثوار رصاصة واحدة تجاه زبانية النظام..

 

إن نظام بشار عندما تعرض للهجمات التي قام بها الجيش الحر والعناصر المنشقة الموالية له في حلب ركز على أنها جاءت كرد لفتوى علماء المسلمين وقبل ذلك جيش كتابه وبعض مدعي العلم للهجوم على الشيخ الفرضاوي الذي دعا لنصرة الشعب السوري ضد بطش بشار..

 

لقد اعادت فتوى العلماء الاخيرة ضد النظام السوري للأذهان مواقفهم المجيدة عبر التاريخ حيث كان الحكام يخشون كلمة أو فتوى منهم في أي قضية, ويعملون لهم ألف حساب قبل أن يتخذوا أي خطوة من الخطوات, حتى تمكنت بعض الانظمة اليسارية في العصر الحديث من احتواء عدد كبير منهم وقتل وتشريد عدد آخر وإبعاد الناس عنهم عن طريق تشويه صورتهم في الإعلام الذي كان يسخر من المشايخ ويصورهم بشكل مزري ففقدت كثير من الشعوب ثقتها فيهم وأصبحوا مادة للضحك حتى تمكنت الصحوة الإسلامية رويدا رويدا من استعادة الهيبة المنشودة لعلماء الدين..

 

وقد كان للعلماء دور مؤثر ولا شك في نجاح الثورات العربية حيث خرجت مجموعة من الفتاوى من جهات عديدة تؤيد هذه الثورات وتطالب بمنح الشعوب حريتها وتحرم سفك دماء الابرياء بغير حق , وتحذر الجنود من طاعة اوامر قادتهم في معصية الله, وهو ما كان له أثر كبير في الانشقاقات التي شهدتها الجيوش في بعض البلدان مثل اليمن وليبيا وسوريا, كما أن تاييد العلماء المعروفين بالعلم والعمل لهذه الثورات شجعها على الصبر والصمود..

 

لقد ظن بعض العلماء لوقت طويل أن كلامهم في السياسة من الامور التي تؤدي إلى "الفتنة" ولكن ما اتضح هو أن الفتنة الحقيقية هي السكوت على الظلم والفساد حتى يستشري ويتحول إلى وحش كاسر يفتك بالبلاد والعباد ناهيك عن التخاذل في النصح والدعوة لتطبيق شرع الله تحت حجج واهية مثل أن "أكثر الاحكام مطبقة" ـ في اشارة للاحوال الشخصية ـ  أو أن الامر يحتاج لوقت وتدرج فمرت عشرات السنين ولم يات الوقت المناسب حتى الآن إلى أن فاض الكيل وانكشف المستور...

 

إن دور العلماء المؤثر والمنشود لن يتأتى بالعمل الفردي ولكنه يحتاج إلى تكتلات وروابط لتنسيق الجهود والعمل المشترك وحتى تكون للفتوى التأثير المطلوب ويعظم أثرها في نفوس الشعوب, ونحن نرى الآن عدة روابط واتحادات تسير في هذا الطريق مصاحبة لصحوة الشعوب العربية والاسلامية في طريقها نحو اختيار حكامها بشكل حر ودون ضغوط خارجية أو قمع داخلي.