يمن ما بعد صالح.. والتحديات الأمنية المقبلة
16 ربيع الأول 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

رحل الرئيس علي عبدالله صالح إلى الولايات المتحدة بحصانة شرعية تحميه من الملاحقة وخطاب اعتذار لشعبه الذي قتل المئات منهم في الثورة تاركا اليمنيين يخطون لتحقيق ما كانوا يحلمون به من ديمقراطية واستقلال، لكنهم يواجهون تحديات أمنية كبيرة مسئول عنها أيضا النظام السابق تتركز بشكل أساسي في الحوثيين الشيعة الذين يشنون هجمات مستمرة ويخوضون معارك حاليا مع القبائل فضلا عن تنظيم القاعدة الذي سيطر في الآونة الأخيرة على بلدات يمنية ويتصاعد نفوذه بشكل كبير. وفي الوقت الذي رأى محللون أن مغادرة الرئيس اليمني وقرب انتخابات الرئاسة بمثابة انفراجة سياسية إلا أنهم توقعوا أن الأمور لن تهدأ في البلاد من الناحية العسكرية والأمنية فتركة 30 عاما ستظل لوقت طويل تربض على صدر هذا البلد، وتتطلب ما يشبه الحرب الأمنية في جبهتين الشمالية ( الحوثيين) والجنوبية ( القاعدة). وبحسب مسئوليين أمنيين فإن البلاد تواجه تحديات أمنية مع وقوفها على عتبات الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة في 21 فبراير الحالي، خاصة فيما يتعلق بالتوسع الجغرافي لعناصر تنظيم القاعدة في أكثر من منطقة يمنية والهجمات التي يشنها ضد قوات حكومية في الوسط والجنوب من خلال نصب أكمنة لدوريات الأمن وهجمات على مسئولين وحوادث الاختطاف لموظفين أجانب . المحللون قالوا إن مدن الجنوب تحولت خلال الفترة الماضية إلى بيئة خصبة لتجميع وتجنيد عناصر القاعدة التي نجحت في استغلال الأوضاع غير المستقرة في البلاد خلال الفترة الماضية لصالحها، كما أنها عملت على تغيير استراتيجيتها التي كانت تتمحور حول حرب العصابات والكمائن والتفجيرات، إلى السيطرة على مدن بكاملها، كما حدث في زنجبار وجعار، التي أصبحت قبلة عناصر القاعدة القادمة من مناطق داخلية أو من الخارج وباتت تهدد عدن، بهدف إعلان "إمارتها الإسلامية" بحد قولها . هذه التحركات بحسب ما يحذر المحللون من شأنها جذب قوى عسكرية دولية بالقرب من المياه الإقليمية اليمنية على رأسها الولايات المتحدة، مشيرين إلى أن تحركات أمريكا العسكرية حالياً يحكمها السباق على انتخابات الرئاسة، ويأتي بعد إعلان انتصارها على القاعدة في أفغانستان واليمن ونجاحها في عملياتها العسكرية السرية، التي أدت إلى مقتل أسامة بن لادن وأنور العولقي حيث ستكون الاستعدادات لمرحلة ما بعد وصول أعضاء القاعدة شرق إفريقيا أو في حال استقرار البعض منهم في اليمن، وبذلك سيكون اليمن والصومال ساحة الصراع مع القاعدة في الأشهر القادمة . وتشتبه الأجهزة اليمنية الرسمية بوقوف القاعدة وراء مقتل نحو 70 من رجال الأمن بينهم ما يقارب من 20 فردا ينتمون لجهاز الأمن السياسي في عمليات وقع معظمها في المحافظات الشرقية والجنوبية بين يناير 2011 ويناير 2012، ويقدر هذا العدد بنحو 25 % من قتلى الأجهزة الأمنية في حوادث مختلفة منذ اندلاع الثورة الشعبية المطالبة بإسقاط صالح الذي طالما استخدم القاعدة كفزاعة لتخويف اليمنيين من الفوضى وانفلات الأمن. ومن جهة أخرى، فالاشتباكات العنيفة بين الحوثيين والسكان المحليين أو القبائل المناصرة للسلفيين لا تنقطع منذ فترة ، ويستخدم الحوثيون أسلحة ثقيلة فيما يشبه الحرب في منطقة دماج وحجة والجوف الذين تكبدوا فيها خسائر فادحة، كما أن الحوثيين يفرضون منذ أشهر سيطرتهم الكاملة على محافظة صعدة التي خرجت كليا عن سيطرة الحكومة المركزية بصنعاء. ويتهم الحوثيون السكان المحليين بتلقي الدعم من أحزاب المعارضة لمهاجمتهم، فيما يتهم السكان المحليون الحوثيين بتلقي الدعم من نظام صالح، ومن إيران لزعزعة استقرار البلاد واجهاض المبادرة الخليجية ( التي قضت بخروج صالح) والانتخابات الرئاسية. وقد اعترف زعيم الحوثيين في اليمن عبد الملك الحوثي ضمنا بدعم إيران لحركته الشيعية التي تشن هجماتها ضد السلفيين في صعدة، حيث أشاد بما أسماه "دور إيران في دعم قضايا العالم الاسلامي والوقوف الى جانب الشعوب المظلومة",على حد وصفه. هذه المخاطر الأمنية سواء من جانب القاعدة أو الحوثيين تؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادى في البلاد لتتسبب في المزيد من المعاناة الانسانية للشعب اليمني خاصة مع توقعات بتصاعد نفوذ القاعدة أو ما ستجلبه من تدخل دولي استعماري أو تصعيد المواجهات بين الحوثيين والقبائل السلفية التي قد تمتد في الأيام القادمة إلى محافظات ومناطق أخرى وما تجلبه أيضا من تصاعد للنفوذ الإيراني والخطر الشيعي في اليمن.