هل تمنع إيران وروسيا "الأسد" من السقوط؟
16 ربيع الأول 1433
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

الدعم الذي يجده النظام النصيري الدموي في سوريا من إيران وروسيا والذي ظهر بوضوح عبر الفيتو الروسي في مجلس الامن والمعلومات عن تدفق آلاف العناصر من الحرس الثوري الإيران إلى دمشق, بدأ يثير قلق البعض حول إمكانية أن يؤدي ذلك إلى عدم سقوط نظام الأسد والحفاظ عليه, رغم الاحتجاجات العاصفة التي تشهدها معظم المحافظات السورية ومئات القتلى الذين يتساقطون برصاص شبيحته واجهزته الامنية, إلا أن الحقيقة أن إيران وروسيا كلاهما يعلمان جيدا أن بشار الأسد أيامه في الحكم أصبحت معدودة وكل ما يسعيان إليه الآن هو الحفاظ على ولاء النظام القادم في سوريا لهما؛ فالخوف من نظام سني يرعب إيران ووجود نظام منفتح وحر يثير قلق موسكو التي تعودت على بيع أسلحتها القديمة بأغلى الاسعار وبالامر المباشر من رأس النظام وهو أمر لم يعد مقبولا بعد انهيار معظم الانظمة الشيوعية والاشتراكية التي كانت تدور في الفلك الروسي, كما أن الضربة التي أصابتها إثر انهيار نظام القذافي في ليبيا جعلتها أكثر تشددا بشأن سوريا وأصبحت تشعر بمزيد من التهميش في الشرق الاوسط الذي كان أحد معاقلها الرئيسية إبان الحرب الباردة وقبلها..

 

إن عزلة رئيس النظام السوري المتهاوي بشار الاسد تزداد يوما بعد يوم فلقد طردت دول الخليج وتونس سفراءه كما سحبت العديد من الدول الغربية سفراءها من دمشق وأغلقت مقار بعثاتها الدبلوماسية, وفي الطريق المزيد من الدول كما أن التصريحات المنددة بممارساته القمعية خصوصا بعد مذابح حمص لم تعد قاصرة على بلاد بعينها حتى الجامعة العربية التي كان يتدثر بها الأسد لكي يخفي جرائمه من خلال مراقبيها جمدت بعثتها بعد الفضائح التي انتشرت على لسان المراقبين المنسحبين وندد أمينها العام بمذابح حمص الاخيرة بعد أن أزكمت رائحتها الانوف...

 

بشار يظن أنه يمكن أن يفلت بمجازره كما فعل أبوه من قبل في حماة وهي سذاجة مفرطة فعجلة الزمن لا تعود للخلف وفي عهد والده لم يكن هناك هذه الثورة الاعلامية من انترنت وقنوات فضائية و"موبيلات" تحمل أدق الكاميرات, مما يكشف أدق التفاصيل في لحظتها, كما أن في عهد والده اقتصرت الانتفاضة على حماة وحدها أما الآن فقد انتفض الشعب كله في كافة المناطق متأثرا بالربيع العربي الذي أسقط عددا من أعتى الانظمة المستبدة في تونس وليبيا ومصر...

 

إن إيران رغم فجاجة خطابها ومحاولتها إظهار قوة مصطنعة من خلال مناورات عسكرية وتصريحات عنترية إلا أنها تعاني من أزمات اقتصادية وسياسية شديدة بعد تزايد العقوبات الغربية وشمولها لقطاع النفط الحيوي الذي تعتمد عليه طهران في تمويل أنشطتها المشبوهة لخدمة أهدافها التوسعية ودعم أوليائها في المنطقة, كما أن العداء تجاه إيران في محيطها العربي يزداد بعد موقفها المخزي من الثورة السورية رغم ادعاءاتها المستمرة بأنها مع منح الشعوب حريتها لاختيار حكامها, وايضا مع تهديداتها المستمرة لدول الخليج العربي, أضف إلى ذلك الصراعات الداخلية على الحكم بين أنصار الرئيس الحالي أحمدي نجاد وأنصار المرشد الاعلى علي خامنئي مع تزايد ضغوط المعارضة التي ترى أن النظام الايراني يوشك على السقوط جراء الاستبداد المتزايد وهو ما جعل كبار المسؤولين في البلاد يحذرون من مخاطر شديدة متوقعة خلال الانتخابات التشريعية القادمة.. أما روسيا فلن تستطيع الاستمرار في دعمها لنظام متهاوي أكثر من ذلك خصوصا إذا شددت الدول الغربية من ضغوطها الاقتصادية عليها فهي تعلم أن قدرتها على المناورة مع الغرب محدودة بعد أن فقدت الكثير من قوتها العسكرية والسياسية وأصبحت لا تملك في جعبتها سوى بضعة دول فاشلة لا تسمن ولا تغني من جوع وأن مصالحها مع الغرب على المدى الطويل هي الابقى والانفع مهما  كانت الخلافات بينهما...

 

وملخص القول أن الرهان الحقيقي في الازمة السورية ليس على  الشرق ولا حتى الغرب ولكن على اصرار الشعب السوري على موقفه والذي سيجبر الجميع على التخلي عن النظام القمعي ونفض أيديهم من جرائمه وهو أمر أصبح واضحا تماما من خلال رصد تطور الاحداث, في نفس الوقت لا يمكن تجاهل تزايد الانشقاقات التي تحدث في الجيش والمرشحة للزيادة بقوة خلال الفترة القادمة مع توقع انشقاقات داخل منظومة الحكم العلوية نفسها  في محاولة لإنقاذ مصالحها ولعل ما ذكرته بعض المصادر عن خلافات بين ماهر وبشار وإطلاق ماهر النار على الشرع وعزل ماهر عن منصبه ليؤكد أن تفتيت النظام من الداخل أصبح أقرب من أي وقت مضى, وهو ما جرأ الجيش الحر على اقتحام العاصمة وتنفيذ عدة هجمات ضد عصابات الاسد.