هولندا تغطي أزمتها الاقتصادية .. بالنقاب!
7 ربيع الأول 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

يبدو أن أوروبا تريد الاستمرار بل وتصعيد موجة العداء تجاه مسلميها والعالم الإسلامي من خلال مواصلة سياسة التمييز والاضطهاد والذي تجلى أخيرا في موقف هولندا الخاص بإعلان فرض حظر للنقاب أوائل العام المقبل لتسير في نفس مسار العديد من الدول الأوروبية بهذا الشأن خاصة فرنسا، الأمر الذي أثار احتجاج وتظاهر المسلمين في هولندا ومعارضة شخصيات سياسية رأت في الخطوة تمييزا وانتقاصا من حقوق المسلمين بل غير ذات جدوى في وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية طاحنة.

فقد وافق قبل يومين مجلس الوزراء الهولندى على قانون يفرض حظر ارتداء النقاب وكل ما يغطى الوجه ، ولم تكتف وزارة الداخلية الهولندية بالقانون الجديد وفرض غرامة مالية على المسلمات اللائى يخالفن القانون تصل إلى 390 يورو "510 دولارات "، لكنها أعلنت تطبيق القانون حتى على من تحاول تغطية جزء من الوجه.

وزعمت الداخلية أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التى تنص على حرية العقيدة الدينية ، منحت الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى حرية ما تراه مناسبا، من فرض قوانين وسياسات محلية، فى حالة ما إذا كانت مخالفة أحد بنود القوانين تضر بالاستقرار الاجتماعى!.

وحاول نائب رئيس الوزراء الهولندى "ماكسيم فيرهاخين" ألا يلصق مسئولية القرار بحزب الحرية "اليمينى المتطرف"  لزعيمه جيرت فيلدرز، وادعى أنه قرار الحكومة الهولندية بأكملها وليس حزب فيلدر المعادي للإسلام، والغريب أن القانون الجديد استثنى حُرية ارتداء ملابس وأغطية الوجه فى الأعياد المسيحية الهولندية مثل ما يسمى ب" "الكرنفال و"سانت كلاوس" ، واقتصر فقط على النقاب التي ترتديه بضعة مئات من المسلمات في هولندا.

وشنت منظمات وأحزاب سياسية إسلامية بهولندا هجوما حادا على القرار باعتبار أنه يقيد حرية المسلمات وهو حق طبيعي لهن في إحدى دول الحريات وذهبوا بالقول إلى أن الحكومة تحاول التغطية على الأزمة الاقتصادية الحالية التي تمر بها البلاد بحظر ارتداء النقاب، كما شهدت العاصمة أمستردام تظاهر المئات من المسلمين  100 في العاصمة أمستردام، بسبب القرار ومازالت الكثير من المنظمات الإسلامية تستعد لتنظيم العديد من المظاهرات لرفض هذا القرار.

شخصيات مسيحية انتقدت القرار بدورها، حيث تساءل الزعيم البرلمانى لحزب (الاتحاد المسيحى الصغير) "أريه سلوب" عن الغرض من حظر ارتداء النقاب فى وقت الذى تجرى فيه تخفيضات فى الميزانية، مؤكدا أن الطريقة التى تعالج بها حكومة رئيس الوزراء مارك روتا الأزمة من خلال حظر النقاب لن تساعد أبدا، ولفت أيضا إلى أن رئيس الحكومة لم يفعل شيئا إزاء البطالة حيث يبلغ عدد العاطلين نصف مليون.

وهولندا هى ثالث دولة أوروبية تفرض حظر ارتداء النقاب، وذلك بعد كل من بلجيكا وفرنسا، (وتتجه إسبانيا والدنمرك للخطوة نفسها)، فضلا عن تنامي العداء للإسلام أو الإسلاموفوبيا في الغرب في الآونة الأخيرة من خلال ارتفاع موجة الممارسات العنصرية ضد الإسلام في جو تسوده الضغينة و الكراهية التي يؤججها اليمين المتطرف ضد المسلمين و أماكن عبادتهم.

فعلى سبيل المثال حظرت فرنسا إقامة المسلمين للصلاة في الشوارع، حيث كانت المساجد في فرنسا لا تتسع لأعداد المسلمين التي تبلغ 6 مليون مسلم؛ فيضطرون إلى الصلاة في الشوارع الجانبية للمساجد، لكن هذا السلوك أثار حفيظة المتطرفين حتى أن زعيمتهم "مارين لو بان" شبهت صلوات المسلمين في الشوارع باحتلال الجيش الألماني لفرنسا في الحرب العالمية الثانية، حتى صدر قرار بحظر الصلاة في الشوارع، فضلا عن تدنيس قبور بمقبرة المسلمين في مختلف المناطق الفرنسية من خلال كتابات مسيئة للإسلام وحرق مساجد وأماكن العبادة.

إلا أن هذه العدواة وموجة الإسلاموفوبيا لم تمنع من تزايد أعداد المعتنقين للإسلام، في أنحاء أوروبا ففي بريطانيا مثلا كشفت دراسة بريطانية حديثة أن "عدد الأشخاص الذين يعتنقون الإسلام في بريطانيا ارتفع من ستة آلاف في عام 2001 إلى نحو عشرة آلاف في عام 2010 وأن نسبة 62% منهم من الإناث".

وبالعودة إلى القرار الأخير بحظر النقاب في هولندا، وردود الفعل الغاضبة من جانب المسلمين، فهناك تساؤل هل من الممكن أن تتصاعد الاحتجاجات في هولندا وباقي دول أوروبا من جانب المسلمين وينتفضون بشكل جماعي ضد سنوات من التمييز والتضييق عليهم لتصبح ثورة على غرار ثورات الربيع العربي ولكن هذه المرة بصبغة إسلامية يكون من شأنها الكشف عن الوجه الحقيقي للحضارة الغربية الذي يزعم المحافظة على الحريات وتحقيق المساواة ؟