ربيع نيجيريا ووهم بوكوحرام.. ثورة مقبلة؟
3 ربيع الأول 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

يجد الرئيس النيجيري جوناثان جودلاك المسيحي الديانة نفسه أمام ثورة محتملة من جانب سكان بلاده التي تعد أكبر دولة إفريقية وغنية بالنفط ولكن تموج باضطرابات عنيفة يحاول الغرب تصويرها على أنها طائفية بالدرجة الأولى دون التطرق للأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للأزمات التي تغرق فيها نيجيريا وتجذب إليها أطماع الغرب والصهاينة. 

وتزامنت الاحتجاجات على قرار الحكومة برفع الدعم عن الوقود وارتفاع أسعاره بصورة هائلة مما تسبب في إضرابات شملت كافة قطاعات الدولة مع موجة عنف وهجمات شديدة الأسبوعين الماضيين استهدفت مسيحيين ومسلمين وكنائس ومساجد.

ويشير محللون إلى أسباب كثيرة تقف بالأساس وراء الاضطرابات في نيجيريا وعلى رأسها العوامل الاقتصادية من انعدام التوزيع العادل للثروة وانتشار الفساد في البلاد التي تعاني من حالة تردي اقتصادي ملحوظ، رغم أنها ثاني أكبر اقتصاد في أفريقيا وتحتل المرتبة الثامنة على لائحة أكبر مصدري النفط في العالم.

 إلا أن دخل النفط يستفيد منه واحد في المئة فقط من المواطنين البالغ عددهم 140 مليون نسمة، يعيش أكثر من نصفهم بأقل من دولار واحد فى اليوم ، كما تصل نسبة البطالة بين الشباب إلى 4ر9 %.

ويبدو أن العديد من النيجيريين الذين لا يتوقعون الكثير من قادتهم المتهمين معظمهم بالفساد بإمكانهم مطالبة السلطات بالتغيير فيما يتعلق بأزمة الوقود وتمثل ذلك في خروج عشرات آلاف النيجيريين والنيجيريات الى الشوارع خصوصا في العاصمة الاقتصادية لاغوس وشلوا نشاط البلاد باضراب كلف البلد، نحو 1,3 مليار دولار.

ووصف المراقبون هذه التظاهرات بأنها غير مسبوقة كما شهدت تنظيما افضل بفضل الشبكات الاجتماعية على الانترنت مثل تويتر واستلهام بعضهم ثورات الربيع العربي وحركات "احتلوا وول ستريت" في الولايات المتحدة، مشيرين إلى أن الرئيس الذي انتخب في إبريل 2011 فقد مصداقيته وشعبيته بإعلانه انهاء دعم الاسعار في ظرف اساء اختياره وبدون سابق انذار.

وفيما يتعلق بالهجمات الطائفية الأخيرة فقد نسبتها الحكومات والصحف الغربية إلى جماعة بوكو حرام والذي حرص جوناثان منذ تنصيبه على اتهامها بأنها تقف وراء أي هجوم تشهده البلاد، بينما يغفل الهجمات التي يتعرض لها المسلمون من جانب منظمات مسيحية متطرفة.

وازداد التهديد المزعوم من بوكو حرام منذ أغسطس الماضي، عندما ادعى قائد القوات الأمريكية في أفريقيا الجنرال كارتر هام من أن الجماعة على علاقة بتنظيم القاعدة. وبعد فترة قصيرة من ذلك التحذير، تم قصف مقر الأمم المتحدة في أبوجا، وأصبح من المعتاد الصاق الاتهامات لبوكو حرام في أي هجوم بنيجيريا.

كما ظهرت العديد من الجماعات الإجرامية التي تدعي الانتماء لجماعة بوكو حرام حيث أصدر جهاز أمن الدولة النيجيري بيانا في 30 نوفمبر الماضي يحدد من خلاله أعضاء أربع عصابات إجرامية تقوم بإرسال رسائل تهديد نصية باسم جماعة «بوكو حرام». ويقوم النيجريون الجنوبيون - وليس المسلمون في الشمال - بإدارة ثلاث من هذه العصابات الأربع، بما في ذلك تلك العصابة التي دفعت السفارة الأمريكية وغيرها من البعثات الأجنبية لإصدار التحذيرات التي جعلت كل المقيمين في الفنادق الراقية في أبوجا يتركونها بسبب الخوف.

وقد اعتقلت قبل نحو أسبوعين أجهزة الأمن جنوبيا مسيحيا يرتدي زي الشماليين المسلمين بعد أن أضرم النار في إحدى الكنائس في منطقة دلتا النيجر.

كما يعتقد كثير من النيجيريين أن الولايات المتحدة تقدم الدعم لحكومة جوناثان على الرغم من ضعفها وعيوبها خاصة من جانب المسلمين في الشمال الذين يرغبون في الأمن الشخصي، وتحسين أوضاعهم المعيشية.

وتتصاعد المطامع الغربية والصهيونية في نيجيريا مستغلين الأحداث التي تمر بها الآن، وقد جاء عرض رئيس البعثة "الإسرائيلية" فى أبوجا جورج ديريك للحكومة النيجيرية مساعدتها فى القضاء على جماعة "بوكو حرام" خير دليل على ذلك.

وتركز "الحركة الصهيونية" على نيجيريا باعتبارها أكبر دولة إسلامية في إفريقيا، فهناك أكثر من 40 شركة صهيونية تختفي وراء واجهات متعددة تسلب المجتمع النيجيري ملايين الدولارات، تجد طريقها للمصارف الصهيونية لتقوي وضعها.

وأسهم الضغط الأمريكي الجديد على نيجيريا بفتح الأبواب النيجيرية للشركات الصهيونية والتغلغل التجاري والاقتصادي فيها، حيث تظل في نظر أمريكا والكيان الصهيوني أرضاً خصبة للنهب والاستغلال.

وقد عبر عن هذا المستوى الدكتور إبراهيم صالح الحسيني رئيس دائرة الإفتاء في نيجيريا حيث ذكر في حديث سابق له: "متنبهون لكل دسائس اليهود في نيجيريا ونتحرك لإحباط التغلغل الصهيوني في نيجيريا وإفريقيا بشكل عام". وقال: "لقد نجحنا في منع أكثر من شراكة صهيونية أو مشبوهة من الدخول إلى أكثر الولايات النيجيرية الشمالية، ولنا إعلامنا وصحفنا الإسلامية الخاصة بولاياتنا حيث نركز فيها دوماً على قدسية القدس وفلسطين ومساندة إخوتنا المجاهدين المرابطين في أرض الإسراء والرباط".

ويتساءل المحللون إن كانت كل هذه العوامل ستؤدي إلى ثورة تتفجر في وجه جوناثان على غرار دول الربيع العربي، خاصة مع تصاعد النفوذ الصهيوني وتهميش المسلمين الذين يشكلون 65% من سكان العملاق النفطي.