عام على الثورة المصرية..أمل وطموح
2 ربيع الأول 1433
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

في ذكرى مرور عام على الثورة المصرية التي تعد من اعظم الثورات التي شهدها العالم في تاريخه بشهادة عدد من المحللين والكتاب الغربيين البارزين, تنتاب الكثيرين مشاعر متضاربة بين الفرح والخوف والقلق وتتعدد المطالب والمحاذير, وتختلف التفسيرات حول النتائج والاهداف, ولكن كل ذلك لا يمكن أن يطمس عدة حقائق اظهرتها الثورة ولعل من اهمها: الامل الذي تجدد في نفوس المصريين بشان المستقبل بعد ان كان الياس هو سيد الموقف ولم يعد امام الناس من باب سوى اللجوء إلى الله بالدعاء على الظالمين والفاسدين واصبح الشغل الشاغل عند الشباب هو كيفية الهروب من هذا الواقع المرير بالهجرة ولو كلفهم ذلك حياتهم بالغرق في البحر, أو بيع مبادئهم واخلاقهم والانضمام للحزب الحاكم من اجل الحصول على وظيفة ما داموا لا يملكون واسطة وبعد ان احتكرت حاشية مبارك ونجله جميع المنافذ ناهيك عن فقدان الامل في الاصلاح السياسي إثر البدء في تفعيل مخطط التوريث على ارض الواقع..

 

الحقيقة الثانية التي لا يمكن تجاهلها هو منح الشعب لاول مرة منذ أكثر من نصف قرن الحرية لاختيار حكامه وممثليه والتصالح مع هوية الامة الاسلامية التي طالما حرصت الانظمة السابقة على طمسها والتنصل منها واذا ما جاءت على ذكرها فهو من باب ذر الرماد في الاعين والضحك على البسطاء أما في واقع الامر فكانت هناك حرب لا هوادة فيها ضد كل ما هو إسلامي في أي مجال من المجالات فعندما تتصاعد شهرة داعية اسلامي يتم ملاحقته والتضييق عليه وعندما يتصاعد حجم تيار اسلامي توجه له الضربات وتعتقل قياداته, وعندما ينجح مشروع اقتصادي اسلامي يغتال فورا ويتهم اصحابه بالسرقة وتلفق لهم اتهامات كاذبة, بالاضافة لقصر المساجد على الصلاة فقط دون القيام بواجبها الدعوي وتدخل امن الدولة في شؤونها وتحديد الموضوعات التي يتكلم فيها الخطباء ومنع الحديث عن القضايا الملحة التي يعيشها الناس وتؤرقهم بحجة ان ذلك من "السياسة المنهي عنها", ولعل الجميع راى كيف استطاع التيار الاسلامي أن يسيطر على اول برلمان بعد الثورة ويتمكن من حصد ثلثي مقاعده رغم الحملة التي شنت عليه من بعض القنوات الاعلامية العلمانية, وراينا عددا كبيرا من اصحاب اللحى بداخله بعد أن كانوا لا يستطيعون المرور من امامه..

 

الحقيقة الثالثة: الهمة العالية التي كشفت عنها احداث الثورة والتي كان البعض يتخيل أن المصريين لم يعودوا يتمتعون بها من كثرة الظلم والقمع الذي تعرضوا له على مر العقود, فلقد كشفت الاحداث أن المصريين كانوا ينتظرون بشارة فقط لإزالة التراب الذي انهال على همتهم وتراكم عليها وكانت البشارة في الثورة التونسية والتي أضاءت شعاعا من النور في نهاية الطريق ومن هنا انطلق المصريون مصرون على إسقاط النظام ولم يلتفتوا إلى عدد القتلى والجرحى والمعتقلين فقط كان الهدف أمام اعينهم واضحا براقا وخرج أكثر من 20 مليون شخص في الميادين رافضين جميع الحلول المائعة في مفاجئة أذهلت النظام المتمرس وسهلت من انهياره في وقت قياسي..

 

الحقيقة الرابعة التي كشفت عنها الثورة المجيدة أن الحكام مهما تجبروا وتسلطوا فهم أضعف ما يكون أمام الشعوب إذا توحدت وراء أهدافها, وان تمادي هؤلاء الحكام في غيهم نابع من خنوع الشعوب وليس من قوة الحكام ..

 

الحقيقة الخامسة: هي القضاء على أسطورة أمريكا وضرورة موافقتها ومباركتها على أي نظام لكي يتمكن من الحكم فأمريكا هنا كانت آخر من يعلم وظلت مذهولة مضطربة غير مدركة لحقيقة ما يجري وتضاربت تصريحاتها وعندما رأت اصرار الشعب تخلت فورا عن أحد أهم أوليائها في المنطقة وفتحت الابواب للتفاوض مع أعدى اعدائها وهم الاسلاميون بعد أن كانت تنعتهم "بالتطرف والارهاب"..

 

رغم هذه الحقائق وغيرها الكثير إلا أننا لا يمكن أن نقول أن الثورة بعد عامها الاول قد وصلت إلى كل ما تريد بل هناك الكثير والكثير من الامور التي لم تتم وكان بعضها ينبغي أن يتم منذ شهور ولكن لاسباب عديدة جرى تعطيلها ولكن الامل كبير بعد انطلاق برلمان الثورة ثم وضع الدستور وتنظيم انتخابات الرئاسة خلال الشهور القليلة القادمة أن تعود الامور الى نصابها فلست مع المتشائمين بشان المعوقات التي يمكن ان يضعها المجلس العسكري او فلول النظام السابق لسبب بسيط وهو أن الشعب عرف طريقه أخيرا من أجل الحياة الكريمة ولن يعود مرة أخرى للاختباء داخل الجدران, وهذا أعظم تحذير يمكن أن يوجه لأي جهة حاكمة الآن أو ستحكم غدا.