ما زلنا ندور في نفس الدائرة
1 ربيع الأول 1433
حمزة إسماعيل أبو شنب

بعد التقدم الطفيف الذي حدث في بعض الملفات المتفق عليها ضمن اتفاقية المصالحة وبعد تشكيل اللجان الخاصة بالعديد من الملفات ، كل هذا الخطوات تبقى طفيفة وتبقى غير كافية ، وهذا أمر متوقع وليس بغريب على أجواء المصالحة التي تراوح مكانها .

 

لقد كتبت قبل ذلك العديد من المقالات حول المصالحة ، وعند مراجعة هذه المقالات لا أجد في كل مرة  شيء يتغير سوى التواريخ ، وهذا ناتج عن أن الأوضاع بين الطرفين لم تتغير وأن المصالحة هي مجرد مناورة تستخدم في الأوقات الصعبة وثم سرعان ما يتم تأجيلها أو إهمال خطواتها ، مما يجعلها تتعثر على حد وصف الذين نسوا أن التعثر قائم منذ ذهاب منظمة التحرير وحركة فتح إلى خيار التفاوض الانبطاحي واللهث وراء السراب الأمريكي الإسرائيلي  .

 

هذه العثرات القديمة الجديدة في جميع مراحلها لم يتم تقديم الحلول المناسبة والصحيحة لها بالرغم من تنظيم العديد من مؤتمرات الحوار الداخلي ، فمرة في نابلس عام 1997م  ومرة في غزة عام 1998م ، حيث لم ينجح اللقاء رغم التصفيق الحار لوفد حركة حماس الذي كان يتألف من الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي  والشهيد المهندس إسماعيل أبوشنب و القائد المرموق أحمد الجعبري ، ولم ينجح عناق الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات للدكتور الرنتيسي في كسر حاجز الخلاف بينهم أو إحراز تقدم يذكر في القضايا الخلفية بين حركتي حماس وفتح .

 

مشهد عرفات و الرنتيسي ظل يتكرر في كافة اللقاءات بين الحركتين ولكن بوجوه جديدة وبطرق مختلفة و بحضور ورعاية مصرية وعربية في بعض الأحيان ، ولكن الخلاف ها هو لم يتغير فخلاف حماس مع فتح في الماضي هو نفس الخلاف ولم يتغير عليه شيء ، و جوهر الخلافات يتمحور حول ملف المفاوضات مع إسرائيل والمعتقلين السياسيين والتنسيق الأمني ، هي ملفات متعددة ولكن منبتها واحد هو الاعتراف بدولة إسرائيل  .

 

هذه القضايا ظلت تطرح في كافة اللقاءات بين الحركتين على مدار العشرين عاماً الماضيين وحتى يومنا هذا ولا اختلاف في الحديث أو بين الطرفين ، فقضية الانقسام أخذت أكبر من حجمها في التوصيف فجغرافياً الضفة الغربية غير متصلة بقطاع غزة ، وقبل احتلالهما من قبل إسرائيل في حرب عام 1967م كان قطاع غزة تحت إدارة المصرية والضفة الغربية كانت تحت إدارة الأردن ، وبعد احتلالهما حتى يومنا هذا الحواجز والطرق لم يتغير عليها شئ فالحواجز متواجدة  منذ زمن وإن اختلفت طريقة إدارتها ، وهذا لا يعني بأني من مؤيدي الانقسام الفلسطيني لكن هذه حقائق لا يمكن أن نتجاهلها   .

 

ما ذكرته سابقاً هو الحالة العامة التي نعيشها ، عشناها منذ عشرين عاماً ولكن هناك فترة كانت مفصلية في حياة الشعب الفلسطيني زالت فيها هذه الاختلافات وتوحدت فيها كافة القوى وعلى رأسها حركة فتح وحماس ، وأصبح هناك عمل يجمعهم ويشكل الركيزة التي مرت بها فترة أربع سنوات من انتفاضة الأقصى ، حيث أصبحت المنافسة بينهم على الإبداع في العمل المقاوم والتفنن في كيفية إيلام العدو الصهيوني وقد سخرت العديد من العقول في خدمة مشروع المقاومة ، هذه الأجواء الإيجابية الحقيقية نتج عنها العديد من العمليات البطولية المشتركة بين فتح وحماس .

 

إذن القواسم المشتركة التي كانت توحد الجميع هي البندقة ضد الاحتلال ، وعند النظر إلى نتائج البندقية ونتائج المفاوضات العبثية نجد أن البندقية حققت إنجازات فشلت المفاوضات في تحقيقها طوال عملية التفاوض ، ولعل تجربة قطاع غزة وتحرره وصفقة تبادل الأسرى هو خير دليل على هذه النجاحات ، لذلك عند البحث عن القواسم المشتركة بين المختلفين علينا أن نبحث عما كان يجمعهم فلن نجد أقوى وأفضل من البندقية .

 

إنها البندقية التي جلبت لنا العزة والنصر لا _كما يصف عباس _الدمار والخراب اللذان هما نتاج هذه البندقية ، فكيف نصب وقدم له الدعم الخارجي إلا عندما حارب هذه البندقية واعتقل حاملها وعذبهم وفتحت مكاتب التنسيق الأمني والأجهزة الأمنية لتسخر كل جهودها لقمع هذه الحالة المقاومة .

 

الحل يكمن في العودة إلى هذه البندقية فلا أعتقد بأن الانتخابات تصلح لتولي رئيس يسير بتصريح من قوات الاحتلال بمدة محددة يمنحه إياها الأمن الإسرائيلي ، إنها المقاومة المسلحة التي ستعيد لنا الحقوق أما الحديث عن المقاومة الشعبية فقط فهذه طريق جيدة ولكنها لا تؤلم ، بل تبقى أحد وسائل المقاومة و هذا لا يعني أن التوافق عليها حل ، فالحل يكمن في رص الصفوف حول المقاومة بكافة أشكالها وعلى رأسها المقاومة المسلحة وبدون ذلك سنبقى ندور في نفس الدائرة دون تقدم .