"تطمينات" الإسلاميين.. كمين للخصم من رصيدهم
17 صفر 1433
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

انتشرت ظاهرة بعد فوز الاسلاميين بالانتخابات في عدد من الدول العربية وهي ظاهرة "التطمينات" حيث يخرج كل فترة تيار إسلامي ليرسل عدة تطمينات للداخل والخارج؛ وذلك بعد حملة من الافتراءات والانتقادات تعرض لها التيار الاسلامي بحجة أن هناك مخاوف من وصوله للحكم.

 

ففي الداخل تنوعت الرسائل التي يبعثها الاسلاميون فمرة يوجهونها لغير المحجبات ومرة "للفنانين" ومرة للعاملين في مجال السياحة, أما تطمينات الخارج فهي مرة للغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة ومرة للكيان الصهيوني, ويصاحب هذه التطمينات لغطا شديدا ومساجلات ومحاولات من قبل أعداء التيار الاسلامي للصيد في الماء العكر, وتنتهي هذه التطمينات إلى حالة من البلبلة والغموض بعكس المقصود منها...

 

المشكلة أن الكثير من هذه التيارات لم تصل للحكم بعد كما أنها تحتاج إلى تركيز أكبر خلال المرحلة المقبلة لتثبيت نجاحها حتى لا تختطفه قوى أخرى تسعى لدفعها للعبة التطمينات هذه لتشتيت جهودها وإغراقها في التفاصيل, كما أنها تحتاج لوقت لبلورة مناهجها وبرامجها للتعامل مع الواقع بالاضافة إلى امكانية دخولها في تحالفات مع اتجاهات أخرى مما سيؤثر على بعض خياراتها, كذلك بعض هذه التطمينات تحتاج إلى الرجوع لمرجعيات شرعية تحدد الاحكام والاولويات في إطار المصالح والمفاسد, والاندفاع باتخاذ مواقف تفصيلية الآن بشأن بعض الموضوعات مثل "السياحة والفن والعلاقة مع الخارج" هو توريط لهذه الاتجاهات..

 

ما أفهمه أن تعرض هذه الاتجاهات برامج عامة تنتخب على أساسها ـ كما حدث بالفعل ـ  وعندما يشكلوا حكومة بالفعل تبدأ الخطط التفصيلية وتوضح للناس جميعا بمختلف طوائفها, وليس من المطلوب أن توافق جميع الفئات على برنامج الحكومة وإلا لما كانت هناك أغلبية ومعارضة, والعبرة في النهاية بتحقيق طموحات الاغلبية كما هو معمول به في شتى البلاد التي تتبنى "الديمقراطية" التي ينادي بها العلمانيون, أما ما يسعى إليه البعض الآن بعد خسارتهم للانتخابات فهو مناورات لسحب رصيد الاسلاميين في الشارع وإحداث فرقعات إعلامية..

 

من الامور السلبية التي صاحبت قضية التطمينات ظهور ضعف عند بعض التيارات الإسلامية في عرض موقفهم واستعداد لتقديم تنازلات لا حاجة لها وهو ما شجع الاطراف الاخرى على التبجح والتعدي والمطالبة بالمزيد بل وصل الامر بهم أن رفضوا الجلوس مع الاسلاميين من الاساس بدعوى أنهم "لا يتنازلون عن مبادئهم"..

 

أما بالنسبة للخارج فتم توريط متحدث باسم التيار السلفي في مصر في حوار مع صحفي صهيوني استغل مسأل التطمينات هذه وأخذ منه عدة تصريحات عن السلام والعلاقة مع "إسرائيل" واتضح بعد ذلك أن المتحدث لم يكن يعلم هوية الصحفي وطبعا خرج التيار العلماني ليشن حملة عنيفة ضد "التطبيع", كذلك تم نفس الامر بشان اللقاء مع مسؤولين أمريكيين..

 

التيار الاسلامي في غنية عن كل ذلك في هذا الوقت فالموقف من هذه القضايا بشكل عام معروف من قبل الانتخابات ولا حاجة للدخول في تفاصيل الان خصوصا وهناك تحديات ضخمة وأولويات داخلية تهم المواطن ويسعى لعلاجها سريعا وفي الغالب ستظل معظم هذه الملفات التي تضمنتها التطمينات بعيده عن أيدي الإسلاميين على الاقل في الفترة الاولى خصوصا مع تبني نظام برلماني رئاسي مختلط في معظم البلدان التي شهدت ثورات مما سيجعل الملفات الخارجية في أيدي الرئاسة والتي وعد الإسلاميون بالابتعاد عنها مؤقتا, كما أن الإسلاميين شكلوا وسيشكلون في الغالب حكومات ائتلافية مع أحزاب أخرى سيكون لها نصيب من الوزارات ورؤية معينة في تسييرها ..

 

لا حاجة للإسلاميين للتنازل حتى يحصلون على اجماع وهمي فهو لن يحدث, كما لا حاجة لهم للدخول في التفاصيل ما دامت لم توكل لهم هذه الملفات بشكل فعلي..إنه كمين مكتمل الاركان للحصول على مكاسب غير شرعية فوجب الحذر.