مخاوف الحرب الأهلية بليبيا..حقائق أم أوهام؟
13 صفر 1433
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

لا ينبغي بأي حال تجاهل تحذيرات رئيس المجلس الانتقالي الحاكم في ليبيا مصطفى عبد الجليل بشأن إمكانية انزلاق الوضع في البلاد  إلى حرب أهلية؛ فالاشتباكات المسلحة بين مجموعات ثورية في العاصمة طرابلس وفي خارجها والتي تكررت عدة مرات تشير إلى وجود أزمات حقيقية تعيشها ليبيا بعد زوال حكم معمر القذافي وحاشيته..

 

كثير من المشاكل التي تواجهها ليبيا الآن كان متوقعا بسبب طبيعتها أولا وبسبب الطريقة التي حكم بها  القذافي للبلاد لأكثر من 40 عاما ثانيا..

 

ليبيا مجتمع قبلي يمتد لمساحة كبيرة معظمها صحاري, وطوال حكم القذافي لم يهتم بتطوير البلاد صناعيا وزراعيا وتكنولوجيا ولكن اكتفى باستخدم الثروة النفطية الكبيرة بتكوين ثروات كبيرة له ولأولاده ولحاشيتهم وللقبائل القريبة لهم ولم ينل بقية الشعب الليبي إلا الفتات, ورزخت مناطق كثيرة في ليبيا تحت الفقر والإهمال وانعدام الخدمات التعليمية والصحية ومن الطبيعي أن يشعر غالبية الشعب بحقه في ثروات بلاده التي حرم منها لعشرات السنين بينما تتنعم بها فئة قليلة, وكان هذا أحد أهم الاسباب التي عجلت بزوال القذافي واجتماع الشعب الليبي خلف الثوار ..

 

هناك استعجال عند الكثيرين للحصول على ظروف معيشية أفضل كما أن الثوار ليسوا جماعة واحدة تدين بالولاء لقائد واحد ولكنها مجموعات شتى ولكل مجموعة قائد ولكل قائد طموحات لنفسه ولجماعته ولقبيلته ولمنطقته وهو ما ظهر في الخلافات على توزيع المناصب في الحكومة الانتقالية , في نفس الوقت يتدخل الغرب ـ الذي يرى أنه صاحب فضل في نهاية حكم القذافي ـ  في شؤون ليبيا وفي طريقة إدارة البلاد وتولي المسؤولين ويعطي ملحوظات علنية في هذا الشأن مما يزيد من توتر الاوضاع خصوصا توجيهاته المتعلقة باستبعاد الإسلاميين من المناصب الكبيرة وبخاصة في الجيش رغم مساهماتهم المؤثرة في الثورة وتوليهم الجزء الاكبر من معركة طرابلس الحاسمة..

 

المشكلة الاصعب أن القذافي طوال عهده منع تماما أي محاولة لإجراء انتخابات لتشكيل برلمان يمثل الشعب ولو بالتزوير كما كان يحدث في بلاد مجاورة مثل تونس ومصر وبالتالي الخيار الذي لجأت إليه الثورة في هذه البلاد بشأن الاحتكام لصناديق الاقتراع لحل الخلافات والوصول لتشكيلة تعبر عن إرادة الشعب كان مقبولا ومتاحا ولكن في ليبيا سيواجه مشاكل كبيرة من حيث تشكيل الاحزاب وانتشارها وفهم المجتمع لطبيعتها وتنظيم الانتخابات وقبول المجتمع للنتائج إلا أنه سيظل الحل الاكثر ملائمة ولكن حتى يتم تنظيم الانتخابات على الحكومة الليبية أن تضع خطة واضحة لدمج المجموعات المسلحة في الجيش النظامي ولا تستثني أحدا وأن تفرق بين قوات القذافي التي شاركت في قتل المدنيين والقوات التي لم تتورط في ذلك مع استبعاد جميع من كانت له صلة بنظام القذافي من المناصب العليا والدنيا , واعتماد الشفافية في العقود البترولية القادمة وإطلاع الشعب على الوضع الاقتصادي بوضوح وعدم الانصياع للشروط الغربية في طريقة ترتيب شؤون الحكم مع عدم استبعاد أو تهميش أي تيار وطني شارك في الثورة, والحذر من فلول القذافي الذين يأتمرون بأوامر أبنائه الهاربين والذين يمتلكون ثروات طائلة لن يضنوا بها للانتقام من الثوار ومن الشعب الذي عزلهم, مع بناء روابط قوية مع دول الجوار العربي, الذين أفسد القذافي العلاقات مع معظمها بممارساته الجنونية, للحصول على دعمهم  خلال هذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد .