مضيق هرمز.. وتهديدات "النفط" المتبادلة بين إيران والغرب
12 صفر 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

جاءت التهديدات الإيرانية للغرب بإغلاق مضيق هرمز -المنفذ الوحيد لدول الخليج العربي صاحبة أكبر احتياطي نفطي في العالم –لتثير أزمة جديدة قد تؤثر على العالم أجمع حال حدوثها، حيث إن الإغلاق يعني توقف الحركة التجارية والاقتصادية لكل دول العالم و خاصة الدول الآسيوية الصناعية الكبرى، فضلا عما يهدده من أزمة طاقة عالمية.

 

ففي أعقاب التهديد الأمريكي الأوروبي بفرض حظر على الصادرات النفطية لإيران ضمن العقوبات الغربية للرد على المشروع النووي، هددت طهران وعلى لسان النائب الأول للرئيس الإيراني، محمد رضا رحيمي، بإغلاق مضيق هرمز، في حال تم فرض مثل هذا الحظر.

 

وجاءت تحذيرات مماثلة من المندوب الإيراني في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، محمد علي خطيبي، بقوله: "على الغرب التراجع عن فكرة فرض مثل هذا الحظر، لأنه سيؤدي إلى وضع استثنائي، يجعل كل شيء قابل للحدوث، بما في ذلك إغلاق مضيق هرمز"، وكذلك من قائد البحرية الإيرانية، الأدميرال، حبيب الله سياري، الذي قال "يعرف الجميع أن هذا المضيق، بأهميته وإستراتيجيته، يقع تحت السيطرة الكاملة للقوات المسلحة الإيرانية، التي من السهل عليها إغلاقه".

 

 وفي المقابل هدد الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية، (البنتاجون)، طهران قائلاً: "لن يتم التسامح مع أي عرقلة لحركة الملاحة في مضيق هرمز".

 

وفي أحدث تطور للأزمة أعلن مسؤولون أوروبيون توصلهم إلى اتفاق مبدئي يحظر استيراد النفط الإيراني في الاتحاد الأوروبي إذا لم تتعاون طهران مع المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي ،الأمر الذي قللت طهران من شأنه .

 

 وتستمد إيران، وهي ثاني منتج في (أوبك)، 80% من مواردها من العملة الصعبة، من صادرات النفط ، لكن 18% فقط من صادرات ايران النفطية تباع في اوروبا، في الوقت الذي تؤكد فيه طهران أنه سيكون من السهل الالتفاف على العقوبات الاوروبية بالتوجه الى الدول الاسيوية.

 

 وبالعودة للتهديدات الإيرانية بغلق هرمز، فإن المضيق يربط أكبر خزان نفطي بالسوق العالمية، ويمر عبره 40% من تجارة النفط الدولية، بل ويلعب منذ القرن السابع الميلادي، دوراً مهماً في التجارة العالمية بشكل عام، باعتباره المنفذ البحري الوحيد الذي يربط الخليج العربي بخليج عمان.

 

وتمتلك دول الخليج العربي أكبر الطاقات الإنتاجية من النفط وتصدر إلى العالم أكثر من 24 مليون برميل يوميا، و أغلبها أو ما يزيد عن أكثر من 60% من هذه الكميات تستهلك في قارة آسيا وهي من أكبر كبار مستهلكي النفط الخليجي مثل الصين واليابان وكوريا والهند وفيتنام وباكستان وأندونيسيا، ومعظم إنتاج الدول الخليجية تضخ وتمر عبر مضيق هرمز أي ما يساوي 27% من استهلاك العالم، ومن الصعب الاستغناء عن هذا المضيق الحيوي الذي يعد الشريان الرئيسي للطاقة لدول العالم.

 

 
وستعتبر الأسواق الآسيوية الأكثر تضررا من غلق مضيق هرمز ومعظم دولها لا تمتلك احتياطيات استراتيجية من النفط الخام عدا اليابان وأستراليا، وتعتمد على أكثر من 90% من استهلاكها من النفط على الصادارات النفطية الخليجية من النفط الخام و المنتجات النفطية و الغاز الطبيعي.

 

كما يأتي التهديد بمنع إيران من تصدير إنتاجها من النفط الى الخارج ليضر أيضا الدول المنتجة للنفط التي لا تستطيع ان تحل أو تسد محل الإنتاج الايراني والبالغ حوالي 6 ر3 ملايين برميل في اليوم.

 

 

وكانت إيران قد استخدمت سلاح النفط كورقة ضغط أساسية في حربها مع العراق، حيث لجأت إلى إغلاقه أمام السفن العراقية في مرحلة حرب الناقلات عام 1984، ما دفع العراق في حينه إلى خيار الاستفادة من خطوط الأنابيب التي تمر عبر تركيا والسعودية. ولا يخفى على أحد تاريخيا أن أول من استخدم سلاح النفط للضغط كانت الولايات المتحدة والدول الأوروبية.

 

 

وبحسب خبراء في النفط فإن التهديدات الأخيرة المتبادلة تسببت في رفع أسعار النفط العالمية خلال الأسبوع الجاري لكنهم استبعدوا أن تكون الزيادة في الأسعار دائمة مشيرين إلى أنه بمجرد عودة الهدوء فإن الأسعار ستتراجع.

 

ويقلل الكثير من الخبراء من التهديدات الإيرانية حيث يقولون إن طهران تعي إن تنفيذ هذه التهديدات سيكلفها الكثير ويعرض المنطقة الى مخاطر غير محسوبة حينها، لكنها تستخدم المضيق للمناورة والضغط على دول العالم والحصول على مكاسب سياسية.

 

وبحسب الخبراء فإن تهديدات طهران بغلق المضيق هى رسالة تحذيرية فقط تبعثها للغرب، لأن إيران تعتمد بنسبة 80% من دخلها على قطاع النفط، وستتردد كثيرا قبل غلقه لأنه يمر منه 40% من صادرات العالم، وبالتالى إقدامها على هذه الخطوة ستدخلها فى مواجهة مباشرة مع الغرب.

 

 

كما تمنع كل المعاهدات الدولية إيران من إغلاق المضيق أو تهديد أمنه لكنها تحاول التأثير على دول العالم للوقوف معها اذا ما شنت الولايات المتحدة هجوماً عليها حيث تريد أن تقول إنها قادرة على إثارة أزمة اقتصادية على المستوى الخليجي والعالمي.