جولة هنية.. وفشلت "إسرائيل" في عزل حماس
10 صفر 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

من غزة لمصر والسودان إلى تركيا ثم البحرين وتونس وقطر .. جولة بدأها رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية هي الأولى منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في عام 2007 لكنها تأتي في ظل ثورات عربية أطاحت ب3 حكام عرب وخطوة تهدف لكسر العزلة عن حركة حماس والحصول على دعم من تلك الدول التي يزورها هنية.

 

وفي جولته التي بدأها هنية من مصر في 24 ديسمبر الماضي حرص رئيس الحكومة الفلسطينية على مناقشة ملفات إعادة الإعمار لقطاع غزة والتنمية والبطالة مؤكدا على حق الشعب الفلسطيني في القدس المحتلة وعدم اعترافه بما يسمى بدولة " إسرائيل"، داعيا لبناء جيش عربي باسم القدس، كما بحث أيضا الحصار الصهيوني لغزة ، والمصالحة الفلسطينية وانعكاسات التغيرات العربية على الواقع الفلسطيني واستثمارها لصالح تعزيز القضية الفلسطينية.

 

وبحسب قيادات فلسطينية فإن الهدف الأساسي من زيارة هنية هو تقديم الشكر للشعوب والدول العربية والإسلامية التي وقفت مع الشعب الفلسطيني في أثناء العدوان الصهيوني على غزة والحصار ومراحله الشاقة التي مرت على الشعب الفلسطيني، فضلا عن بحث العلاقات الثنائية مع الأطراف التي يلتقيها رئيس الوزراء الفلسطيني.

 

ويقرأ المراقبون الفلسطينيون جولة هنية باعتبارها تصب في إطار دعم حماس معنويا وماديا لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال في عدوانه الأخير على قطاع غزة ،بالإضافة إلى رفع الحصار المفروض منذ 2007 وتحديدًا بعد توقيع حركة "حماس" على اتفاق المصالحة الوطنية الأخير في القاهرة، وهو ما يعني انتفاء كل الأسباب التي كانت تدفع بها بعض العواصم العربية للامتناع عن تقديم الدعم المالي المباشر للحكومة الفلسطينية، لإعادة إعمار ما دمره العدوان.

 

هذا بالإضافة إلى فك الحصار السياسي عن حماس وحكومتها والاعتراف بالحركة كشريك بالعملية السياسية على الصعيد الفلسطيني والعربي خاصة أن المحيط العربي أصبح أكثر تأييدا للإسلام السياسي، وبالتالي أصبح أكثر قربا من حركة حماس.

 

كما يشيد المراقبون بتوقيت الزيارة التي تأتي بعد ربيع الثورات العربية، والتي نجحت حتى الآن في الإطاحة بالعديد من الأنظمة العربية، وفي مقدمتها نظام الرئيس المصري حسني مبارك، عدو حماس وصديق "إسرائيل" وأحد المسئولين الرئيسيين عن الحصار.
وتؤكد هذه الزيارة فشل "إسرائيل" في عزل الحكومة الفلسطينية عن المحيط العربي والإسلامي من جهة وفشل الإجراءات العقابية التي قامت بها السلطة الفلسطينية لإسقاط حكومة غزة من جهة أخرى، كذلك جاءت هذه الزيارة للتأكيد على فشل شروط الرباعية الدولية، والتي اشترطت مقابل الاعتراف بالحكومة الفلسطينية في غزة، اعتراف الأخيرة بحق "إسرائيل" في الوجود، وهو الأمر الذي لم يحدث.

 

جولة هنية أقلقت "إسرائيل" حيث قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" إنها تعزز المخاوف الصهيونية من النتائج السلبية لثورات "الربيع العربي"، وتقصد تحديدا وصول الإسلاميين للحكم في دول مثل مصر وتونس والمغرب، حيث غيرت كثير من الدول العربية والإسلامية من سياستها تجاه حركة حماس فعلى سبيل المثال يتعامل المجلس العسكري الحاكم في مصر الآن بود وترحيب خلافا لما كانت تلاقيه الحركة في عهد الرئيس المخلوع.

 

كما أن الأمر الذي يزعج الكيان الصهيوني الآن هو أن نجاح هذه الجولة العربية، سيشكل رافعة لاتفاق المصالحة الوطنية، لأنها ستؤكد للسلطة الفلسطينية أن الربيع العربي يعمل لمصلحة حركة حماس وأنه لم يعد هناك ما يبرر لها الانتظار أكثر لتعطيل المصالحة الوطنية، والقبول بالشراكة السياسية مع حماس والابتعاد أكثر عن المفاوضات مع "إسرائيل".

 

وأظهرت جولة هنية فشل "إسرائيل" في عزل حكومة حماس وعدم اعتراف الدول العربية والإسلامية بها ومن ثم فشل الكيان الصهيوني في تمرير ما وصفه المحللون بمشروع " الاستسلام" في المنطقة العربية حتى نهايته.

 

وبحسب المحللين فإن حماس لم تعد ترى نفسها "جزيرة معزولة" وأنها بدأت تستشعر وجود عمق استراتيجي لها، كما أنها على وشك اتباع نموذج الأحزاب الإسلامية في الدول العربية التي أبدت استعدادها لتقاسم السلطة مع تيارات علمانية وليبرالية حيث إن رسالة التعددية السياسية والتحالفات مع الفصائل الفلسطينية بدأت تتردد الآن على ألسنة قادة حماس.