اجتماعات المصالحة إنجاز أم مناورة
6 صفر 1433
حمزة إسماعيل أبو شنب

تتعالى التصريحات المتوالية من القاهرة التي شهدت اجتماعات بين الفصائل الفلسطينية في محاولة منها لرأب الصدع الفلسطيني منذ منتصف عام 2007 ، فالكل يحاول أن يرسم صورة جميلة لما يجري لعله يكسب قلوب المتفائلين من أبناء الشعب الفلسطيني الذي يحاول أن يرسم مع كثرة اللقاءات لوحة تبشر بخير لإنجاز تحقيق المصالحة ، حيث أنهم يحاولون أن يتناسوا مرات الفشل العديدة التي كانت تمنى بها المحاولات السابقة من قبل أطراف عديدة .

 

ما جرى في القاهرة من اجتماعات ومداولات بين العديد من الفصائل أسفرت عنها العديد من التصريحات التي كانت تتحدث عن تقدم في الملفات التي أنجزت مثل لجنة الانتخابات حيث تم التوافق عليها كما تم الاتفاق على تفعيل لجنة المصالحة المجتمعية وهي من أهم الملفات المطلوب أن تنجز حتى لو فشلت باقي الملفات ولو استمر الانقسام ، فحل هذا  الملف مطلب جميع شرائح المجتمع الفلسطيني وهناك إجماع عليه ولا يمكن أن يخضع للمناكفات السياسية أو الجدل الدائر على صعيد كافة ملفات المصالحة .

 

بالإضافة إلى التقدم في المصالحة المجتمعية ولجنة الانتخابات تم الحديث عن إنجاز الملف الأعقد وهو علامة نجاح المصالحة برمتها ألا وهو ملف المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ولعل العقدة تكمن في الضفة الغربية نتيجة أن الاعتقالات هناك مبنية على الارتباط الأمني بين أجهزة الضفة وأجهزة الاحتلال مما يصعب المهمة التي ستقوم بها اللجنة المكلفة ، في الوقت الذي تحاول فيه أجهزة الضفة تحويل بعض المعتقلين للمحاكمة المدنية وتحولهم إلى جنائيين مما يعقد الإفراج عنهم أو يسهل عمليات الاستدعاء لهم كونهم أصحاب سوابق جنائية .

 

يقابل هذا التقدم على الجانب الآخر تأجيل العديد من الملفات التي كان من الممكن أن يبنى عليها تقدم حقيقي في ملفات المصالحة ، ولعل أبرز هذه الملفات ملف الحكومة الذي تم تأجيله إلى نهاية شهر يناير من العام القادم ، وهنا مربط الفرس حيث رُبط الفرس باجتماعات اللجنة الرباعية التي ستعقد في 26 من نفس الشهر والعام ، فهذا كفيل بنسف التفاؤل بالإيجابية لدى المواطن الفلسطيني بالإضافة إلى تأجيل تفعيل المجلس التشريعي المعطل منذ الانتخابات وهو ملف مرتبط بملف الحكومة ومن ثم البدء مجدداً بالحديث عن تأجيل موعد الانتخابات.

 

لقد علمتنا التجربة منذ بداية الانتفاضة أن الفصائل مجتمعة لم تتمكن من الوصول إلى نتائج حقيقية وهذا ما كان يجري خلال اجتماعات لجنة المتابعة أثناء انتفاضة الأقصى ، حيث يعقد اجتماع بين فتح وحماس ويتم الاتفاق عليه ثم يطرح على الفصائل فتوافق ، وعندما لا يتفق الطرفان لا يخرج موقف من قبل اللجنة وهذه هي حالة اجتماعات القاهرة .

 

ربط ملف الحكومة بلقاءات الرباعية الدولية يعطي مؤشراً بأن عباس والذي يعاني من أزمة داخلية بينه وبين رئيس حكومته فياض نتيجة موقف الأخير من الذهاب للأمم المتحدة وإفصاحه للعديد من القيادات العربية والأمريكية عن عدم جدية عباس في قضية التوجه للأمم المتحدة ، مما أضعف عباس الذي  قد حاول اللعب على عامل الوقت لكسب نقاط على حركة حماس التي تعيش حالة من الضيق في الخارج نتيجة الأوضاع في سوريا ، لذلك أجل بعض الملفات لكسب الوقت لصالح المبادرات التي تطرح لاستئناف المفاوضات مع الاحتلال وهو خياره الأول و الاستراتجي وهذا أحد السيناريوهات المتوقعة لما يجري في القاهرة .

 

تبقى قضية المعتقلين والتنسيق الأمني الذي حرّمته القوى الفلسطينية في اجتماعات القاهرة في نهاية 2009 م هي بالون الاختبار الذي يمكن أن نرجح بواسطته كفة البوادر الطيبة والنوايا الصادقة على المناورة السياسية .