13 شعبان 1433

السؤال

أنا أرتجف من هول الصدمة التي تلقيتها، مشكلتي تكمن في ابني المراهق الذي يبلغ من العمر 16 عاماً، هو ولد طيب وحنون، لكنه عنيد ولا يسمع الكلام أبداً، لا يذاكر دروسه، لا يحافظ على صلاته أبداً، نصحته كثيراً لكنه لا يحب سماع أي شيء مني أو من أبيه.. الآن بعد أن وصل أولى ثانوي تغيرت حاله كلياً، أصبح كثير الخروج من البيت ولا يعود إلا متأخراً.. أهمل دروسه حتى أيام الاختبارات لا يذاكر، في شهر رمضان هذا العام وجدت بالصدفة أكياساً فيها بودرة كريهة، لكنه أنكر تماماً، أصبحت أراقبه وأفتش أغراضه، وهو لم يترك أصحاب السوء الذي يمشي معهم ومتمسك بأصحابه بشدة، قبل أيام دخلت الكمبيوتر الخاص به وجدت صوراً له وهو يدخن مع زملائه ويشرب الشيشة، وعندما قرأت المحادثة وجدت الكارثة، وجدت أحد أصحابه يتكلم معه بطريقة قذرة جداً، صعقت عندما كان يردد ألفاظاً تدل أن بينهم شيء مخجل من العلاقات الجنسية، ويتكلم عن أولاد آخرين، أخذت ذاكرة جواله ووجدت فيها بلاوي لا يتخيلها عقل، صور أولاد صغار وأفلام لرجال يعملون الفاحشة مع بعضهم.. لكم أن تتخيلوا صدمتي وتحطم آمالي..أنا من بيت دين وتقوى وصلاح وأبوه رجل مستقيم لا نعرف هذه القذارات، كنت أعلم الخطأ ولم أكن أقوى على التغيير أدركوني!!

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

السيدة الكريمة، أتفهم قدر آلامك وقدر صدمتك التي تتحدثين عنها في ولدك وقد اضطررنا لاختصار شكواك الطويلة جدا لضوابط النشر لكنني قد قرأتها جيدا وتابععت نواحيها وأستطيع أن أضع الأزمة في نقاط محددة:
- كون والده عصبيا وقليل الاهتمام بتنشئة أولاده
- كونك أنت كأم ضعيفة التأثير على الولد ولا تملكين إلا الصراخ عليه ومراقبته داخل البيت
- كون اصدقاء الولد هم المتسببون الأوائل في إفساده
- كون الولد قد ولغ كثيرا في الانحراف الجنسي وشرب الدخان والمخدرات
والحقيقة أن شكواك من أشد الشكاوى صعوبة وأكثرها ألما وتحتاج منك ومن والده جهدا كبيرا إذا أردتما التعديل وأستطيع أن اضع لك عدة نقاط يمكنك الاستعانة بها في الحل:
أولا: يجب أن نضع ايدينا على المشكلة بوضوح وجلاء، فيجب أن تجلسوا مع الولد – يقوم بهذا والده والأخصائي الاجتماعي أو اقرب المربين أو المعلمين له أو أحد الدعاة القريبين – وإن كان أثر الاب في ذلك سلبيا فليكن هذا الداعية أو المربي ومعه معين له ومساعد، ثم عليهم فتح الموضوع بجلاء جدا ووضوح وتفهيمه بأن الأزمة عليها أكثر من دليل ولا يتركونه إلا بعد الاعتراف بالأزمة والمشكلة والاعتراف بمدى وقوعه في الانحراف، يمكن أن يقوم بهذه النقطة ايضا طبيب نفسي متمرس، ثم تجلسون مع هؤلاء المربين أو الأخصائي النفسي وتتفهمون منه الموقف عن طريق تقريره العلمي الذي سيعده للحالة.
ثانيا: لدينا ما يمكننا أن نسميه بحث التشخيص، يعرفه النفسانيون والمربون المتخصصون، يستطيعون أن يكتبوا فيه وصفة تشخيصية للحالة، ومدى وصول الانحراف إلى قناعات الولد، وهل هي مجرد عادات أم أنها قد تجذرت فيه وأثرت على قناعاته فلن يستطيع المساعدة في الحل
ثالثا: لدينا خطوات متدرجة للحل، أولها تجميد موقفه الذي هو فيه، بمعنى محاولة إيقافه فقط مع عدم المعالجة، ثم محاولة تصحيح مفاهيمه تجاه الخطأ، ثم بداية العلاج، فلا تظني أن علاجه سيتم من خلال موعظة أو مثاله، لكنها خطوات متتابعة وطويلة الأجل
رابعا: التغيير هو عنصر فاعل وأساسي في علاجه، فيجب تغيير مكان معيشته بالكلية، لكن إلى مكان آخر أفضل وليس أسوأ، كما يجب تغيير أصدقائه ولن يتم ذلك إلا بإبعاده عنهم مكانيا لأنك مهما ابعدتيه عنهم وهو في مكانه الحالي فلن ينصلح حاله وسيعود إليهم وستنفقين الأوقات في الغضب معه والتثوير وكل هذا هباء لاقيمة له
خامسا: على مستوى دوركما الأسري، يجب أن يشعر الولد بالاحتواء، لأنه لو شعر منكما بالنفور سيزداد نفوره، وهذا الاحتواء ليس معناه الموافقة على أفعاله السيئة، لكن معناه عدم الاصطدام معه وعدم التصعيد لأنه معرض في هذه المرحلة لزيادة الانحراف
سادسا: يجب أن يبتدىء العلاج بعلاج موقفه من المخدرات لأنها المدخل إلى باقي الخطايا، وهو علاج لن يستطيع أن يقوم به إلا أطباء مختصون، فيجب إجراء تحاليل له لمعرفة مقدار تعاطيه، ثم إنقطاعه في مستشفى متخصصة للعلاج حتى يتم علاجه منها ومتابعته بعد ذلك جيدا.
سابعا: علاج الانحراف الجنسي يتم عبر مراحل أيضا أولها إبعاده عمن ينحرف معهم، ثانيا محاولة تغيير البيئة المحيطة به إلى بيئة إيجابية كبيئة مسجد أو بيئة صالحة، مع ملاحظته جيدا خلال وجوده في البيئة الجديدة لئلا يحاول التأثير السلبي فيها ايضا وهو دور المربين الجدد فلنحك لهم عن مشكلاته بغير تخويف لهم منها وبغير تفصيل لها، يعني نخبرهم بالعموم أن لديه استعدادات للخطأ وأنه يجب مراقبته جيدا.
ثامنا: يأتي دور تغيير القناعات، وهو دور لن يؤتي أكله إلا بعد إزالة التاثير الضاغط عليه وهوالتأثير المرضي، ويمكن أن يقوم بذلك بعض أهل العلم أو طلبته أو الدعاة أو شىء من هذا القبيل.
تاسعا: يجب أن تتبتلوا إلى ربكم كي يصلحه ويشفيه ويقومه فلا تتركوا الدعاء والرجاء لله أبداً.
وأسأل الله لكم التوفيق في تقويمه وعلاجه وارجو أن تتابعوا معنا خطوة بخطوة والله المستعان.