العراق.. من الاحتلال إلى الوصاية
18 محرم 1433
تقرير إخباري ـ نسيبة داود

تصريحات الرئيس باراك أوباما الأخيرة حول الدور الأمريكي التالي في العراق بعد انسحاب القوات المقاتلة منه تشي بالتوسع في الأطماع الاقتصادية والسياسية عن حدود ما أسماه بـ"المصالح". وفي ظل الحديث عن استمرار عملية سحب القوات الأمريكية تمهيدا تأتي تلك التصريحات لتضع اللمسات الأخيرة على الصورة التي يحاول العراق رسمها لمرحلة ما بعد خروج الاحتلال. وكلمة "خروج" يجدر التحفظ عليها لأن القوات المقاتلة ستخرج ولكنها ستُبقي قوات تحت مسمي فرق تدريب للجيش العراقي. كما ستشمل البعثة الأمريكية المتبقية في العراق نحو 16 ألف شخص!! وهذا عدد ضخم بالنسبة لبعثة دبلوماسية وهو عدد كاف لاحتلال دولة، خاصة إذا علمنا أن الولايات المتحدة ستبقي على ستة آلاف عسكري في أربع قواعد عسكرية، و170 جنديا بالملابس العسكرية الرسمية، ونحو 763 متعاقدا مدنيا لمساعة العراقيين على تدريب قواتهم تحت إمرة وسلطة السفارة الأمريكية الضخمة في العراق. ومن هؤلاء الباقون مقاتلو شركة "بلاك ووتر" سيئة السمعة التي حولت اسمها إلى "زي" بعد فضحية قتل المدنيين العراقيين. لكن الشركة غيرت اسمها أمس مجددا إلى "أكادمي" في استعداد جديد لمرحلة ما بعد الانسحاب. هذا "الانسحاب" و"البقاء" يتم بمباركة رئيس الوزراء العراقي والحليف الأمريكي القوي نوري المالكي، الذي شارك أمس الاثنين أوباما في وضع أكاليل الزهور على مقابر الجنود الأمريكيين الذي قتلتهم المقاومة العراقية الباسلة. أما القضايا الرئيسية التي تناولها الجانبان حول عراق ما بعد الاحتلال فركزت على الأمن والطاقة والتعليم والقضاء، وذلك في حوار شارك فيه أوباما ونائبه جون بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وعدد من الشخصيات البرلمانية البارزة. تصريحات أوباما وهذه الأعداد وتلك القضايا التي وضعها الأمريكان أعلى سلم أولوياتهم في العراق، كلها تفسر المطامع الأمريكية الجديدة في العراق المتمثلة في وصاية أمريكية واسعة النطاق في المجال الأمني والاقتصادي بالأساس. فقد أبدى أوباما التزامه بما طالبه به المحافظون الجدد من ضرورة الحفاظ على مصالح أمريكا في مجالي النفط والاستثمار والتجارة. أوباما قال إن الجنود الأمريكيين "يخرجون من العراق مرفوعي الرأس"، وأضاف أن الولايات المتحدة ستبقى شريكاً قوياً ودائماً للعراق. أما المالكي فقد أكد على ذلك بالقول إن الحرب قد انتهت بالالتزام المشترك، وقدم الشكر للولايات المتحدة على ما قدّمته، نافيا أن يكون الانسحاب الأمريكي نهاية للعلاقات بين البلدين؛ إذ اعتبر أن العراق بحاجة إلى مساعدة أمريكية لإعادة بناء الجيش، وكذلك "بحاجة لتعاون سياسي" وصفه بـ"الضروري للمصلحة العراقية"، الأمر الذي تولى وزيرا خارجية البلديين صياغته، حيث دشنا في واشنطن "لجنة تعاون مشترك".