ساحة الثورة بموسكو.. هل تطيح ببوتين؟
15 محرم 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

في تحرك غير مسبوق هو الأكبر منذ التسعينيات، اندلعت احتجاجات شعبية هائلة في موسكو خاصة في "ساحة الثورة" الذي يذكرنا بميدان التحرير -مهد الثورة المصرية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك-، لكن هذه الساحة الروسية تشهد الآن موجات غضب متتالية منذ نحو أسبوع للاحتجاج على تزوير نتائج الانتخابات التشريعية التي أظهرت فوز الحزب الحاكم (روسيا الموحدة) بحوالي 50% من الأصوات ومكنت بذلك رئيسه فلاديمير بوتين رئيس الوزراء الحالي بتسجيل اسمه رسمياً مرشحاً للانتخابات الرئاسية العام المقبل.

 

وقوبلت هذه الاحتجاجات -التي جاءت استجابة لدعوات من ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت- بالقمع واعتقال مئات المحتجين  الذي خرج الآلاف منهم مرددين شعارات "روسيا بدون بوتين" و"اللص بوتين" وذلك في سيناريو مماثل لثورات الربيع العربي التي أطاحت بزعماء 3 دول عربية حتى الآن.

 

وتحدثت منظمات حقوقية داخل وخارج روسيا عن حدوث تزوير في نتائج الانتخابات التي حصل بموجبها حزب بوتين على 238 مقعدًا في مجلس الدوما،  حيث قالت منظمة "المراقب المواطن" غير الحكومية الروسية إن النتيجة الحقيقية للحزب الحاكم تقل عن 30 بالمئة من الأصوات أي أقل بعشرين نقطة عما أعلنته اللجنة الانتخابية الروسية في النتائج الأولية الرسمية. كما أكدت بعثة مراقبة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أنها لاحظت انتهاكات متكررة وما وصفته بحشو صناديق الاقتراع في الانتخابات الروسية.

 

وصدرت دعوة من ميخائيل جورباتشوف رئيس الاتحاد السوفيتي السابق تجاه قيادة البلاد إلى الإقرار بحدوث تزوير لنتائج الانتخابات وإلغائها باعتبار أنها لا تعكس إرادة الشعب وتنظيم انتخابات جديدة، واصفا إياها ب"أنها كانت غير نزيهة".

 

ومثلما هو حال دول الربيع العربي التي اتهم حكامها السابقين والحاليين عناصر خارجية بالوقوف وراء الاحتجاجات المناهضة لهم لنشر الفوضى، اتهم بوتين الولايات المتحدة بتدبير حركة الاحتجاج لإشاعة الفوضى في البلاد، مشيرا إلى أن "المعارضين يتصرفون بدعم من واشنطن، وأن جزءا من منظمي التظاهرات يتحركون وفق سيناريو معروف، متهما المعارضة بتلقي مئات الملايين من الدولارات لتمويل أنشطتها.

 

كما اتهم رجل الكريملين القوي والذي يسعى لإحكام سيطرته على روسيا وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي انتقدت أكثر من مرة سير الانتخابات الروسية بأنها "أعطت إشارة الانطلاق" للاحتجاجات التي جرت على نتائج الانتخابات.

وفي الوقت الذي تواجه فيه روسيا هذه الاحتجاجات غير المسبوقة، تثار معركة ساخنة حاليا مع واشنطن حول الدرع الصاروخي الذي يريد حلف الناتو نشره في أوروبا وترفضه موسكو التي ترغب في الحصول على ضمانات بأن الدرع - الذي يهدف بحسب الناتو صد التهديدات الصاروخية من الشرق الأوسط - لن يُستخدم ضد صواريخها وأنه سيجري إشراك موسكو في التخطيط.

 

وبحسب مراقبين فإن هذه الحركة التي ربما تمثل أكبر احتجاجات جماهيرية تشهدها روسيا منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي, قد تحدث ما يشبه التصدع في النظام الحاكم وقد يؤثر على القضايا الإقليمية والعالمية الأخرى ومن بينها قضية الدرع الصاروخي، متوقعين أن يبدأ بوتين فى إبعاد نفسه عن حزب روسيا الموحدة، وهو الحزب الذى أنشاه بنفسه، وربما يتراجع عن وعده بجعل الرئيس الحالي ديمترى ميدفيدف رئيساً للوزراء ويحمله مسئولية تراجع شعبية الحزب، كما أنه قد يخسر شعبيته خاصة مع قرب الانتخابات الرئاسية في مارس المقبل .

 

كما تأتي الاحتجاجات الروسية في الوقت الذي تعارض فيه موسكو فرض عقوبات دولية أو إدانة للنظام السوري الذي يرتكب أبشع أساليب القمع ضد شعبه منذ 9 أشهر ، مستخدمة بذلك حق النقض "فيتو" في مجلس الأمن، كما ترفض أيضا أي قرار بتدخل عسكري في سوريا كما كان عليه الحال في ليبيا. ويرجع الخبراء هذا الدعم إلى ارتباط روسيا بمصالح اقتصادية مع سوريا ومن بين هذه المصالح الاقتصادية صفقات بيع أسلحة بين البلدين.

 

وبالعودة إلى الاحتجاجات الروسية، يثار تساؤل: هل هي مجرد احتجاجات لوقت معين ثم تنتهي أم أنها بداية لثورة حقيقية سترفع من مطالبها لتصل إلى إسقاط النظام، وهل ستستغل واشنطن الفرصة للإطاحة بالمنافس الروسي أو الضغط عليه فيما يخص قضايا أخرى خاصة ملف الدرع الصاروخي أم لا؟