ياصاحب الهم ... لاتحزن
3 محرم 1433
أميمة الجابر

تتعدد الهموم وتتكاثر على كثير منا  , ولايكاد أحدنا يخلو من هم أو حزن  , وتبقى الحياة هكذا إلى أن يقول أصحاب الجنة عند دخولهم الجنة  " الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن " ..

 

لكن سنن الله في الأرض جعلت دوما مع العسر يسرا ومع الضيق فرجا , فالحزن تتبعه سعادة والجوع يتبعه شبع والظمأ يتبعه ري والتعب يتبعه راحة والمرض يتبعه عافية والهجر يتبعه لقاء ووصال والظلام يتبعه نور, بل والدموع تتبعها البسمات والخوف يتبعه أمن والفزع يتبعه طمأنينة وسكينة .

 

فالنار كانت بردا وسلاما على إبراهيم حينما كانت الرعاية الربانية محيطة به ورفض كل معين ومنج غير الله سبحانه وقال " حسبي الله ونعم الوكيل "
والبحر رفض إغراق موسى حينما لجأ لربه ونطق قائلا :" كلا إن معي ربي سيهدين "

 

وهو وحده سبحانه الذي يفرج الكروب ويزيل الهموم ويذهب الأحزان , وهو سبحانه الملتجأ والمدعو في السراء والضراء , ينج الغريق , ويرد الغائب , ويعافي المبتلى , وينصر المظلوم , ويهدي الضال , ويشفي المريض ,قال سبحانه :" وإذا سألك عبادي عني فإني قريب "

 

والطيبون أكثر بلاء , والصالحون أشد تألما وأعمق اختبارا , ففي الحديث:" إذا أحب الله عبدا ابتلاه " , لكنهم دوما يطهرون وينقون ويخرجون كالذهب الإبريز .

 

ويذكرنا موقف المحنة التي تعرض لها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما أويا إلى الغار في طريق الهجرة , بينما يخشى أبو بكر ويخاف على رسوله صلى الله عليه وسلم ودعوته , إذ تتنزل السكينة عليهما , إذ يقول أبو بكر :" لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا " لكن النبي صلى الله عليه وسلم بقوة يقينه وثقته بالله قال له : ياأبا بكر ماظنك باثنين الله ثالثهما " إنه اليقين الراسخ في قلبه , والمعية الإلهية التي تحمل السكينة والرحمة والنصر إذا التجأ إليها العبد وأخلص .

 

وينبهنا موقف آخر لنبي صالح هو يونس عليه السلام , حينما التقمه الحوت وهو مليم , إذ سبح ربه سبحانه واستغفر وأناب , وكانت له سابقة تسبيح ولجوء وعبادة , فنجاه الله سبحانه :" وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " ... فقد تعرض يونس لظلمات ثلاث , أحدهما ظلمة البحر والثانية ظلمة بطن الحوت والثالثة ظلمة الليل , لكنه مع كل هذه الظلمات وهو في قعر البحر وفي بطن الحوت صحبته معية الله سبحانه وسمعه الله واستجاب له الرحمن الرحيم .

 

فياصاحب الكرب والألم , عليك أن تفكر في ذاتك وتتفكر في نفسك , وتذكر ما كنت فيه من نعمه , وتعلم قدرها , حتى إذا ذهب الكرب لم تعد إلى تفريطك وغفلتك  .

 

ويا من يمر عليه اليوم " آمنا في سربه معافا في بدنه عنده قوت يومه " .. أنت تملك الدنيا بحذافيرها , وعليك أن تغتنم خمسا قبل خمس : " شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك "أخرجه ابن ماجه