إخوان ليبيا.. على خطى " النهضة" التونسية ؟؟
26 ذو الحجه 1432
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

لم يكن أحد يتصور أنه بعد 25 عاما من العمل السري خارج البلاد، تتمكن جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا من إجراء أول مؤتمر علني لها داخل بلدهم التي طالما ذاقوا فيها على أيدي نظام العقيد الراحل معمر القذافي قمعا شديدا أجبرهم على العمل بسرية وخارج البلاد لكنهم حاولوا خلالها فضح النظام الليبي وهاهم الآن يعودون لينعموا بحرية قد تمكنهم مستقبلا من المشاركة في الحياة السياسية.

ففيما وصفه أعضاء الجماعة بأنه "يوم تاريخي ونقلة نوعية" للإخوان المسلمين في ليبيا، افتتحت الجماعة قبل أيام المؤتمر التاسع لهم والأول الذي يعقد في العلن في عهد ما بعد القذافي بمدينة بنغازي معقل الثوار، حيث عقدت الدورات الثماني السابقة في السر خارج البلاد، وقد حظي المؤتمر بحضور إعلامي كثيف وشارك فيه مسؤولون في المجلس الوطني الانتقالي وأعضاء بالمكتب التنفيذي للجماعة وبعض قادة الثوار، وخلال المؤتمر الذي استمر 4 أيام تم اختيار بشير الكبتي(المسئول السابق وأستاذ المحاسبة من جامعة هارفت الأمريكية) كمسؤول عام جديد للجماعة، مع تأكيد المشاركين على أن مشروع الإخوان "حضاري يتوجه لإقامة دولة قائمة على دستور يكفل الحقوق والحريات، مرجعيتها الشريعة الإسلامية بمفهومها الواسع المتدرج".
 
وكانت الجماعة تحاول في العهد السابق أن تجد لها موضع قدم داخل ليبيا لكن الأبواب أغلقت أمامها، مما اضطرها إلى العمل السريإذ كانوا يجتمعون بانتظام ولكن في شكلٍ سري خشية الاضطهاد، وفي المقابل، كانت الجماعة تنظم مؤتمراتٍ علنية في الخارج، وبحسب أفرادها فإن وسائل الإعلام في عهد الرئيس الراحل كانت تعمل بشكل مستمر على تشويه صورتها.

 

وعقدت الإخوان في ليبيا في عهد القذافي مؤتمرين داخل البلاد الأول عام 1992 كان المسؤول فيها "عبد المجيد بالروين" غادر فيها ليبيا قبل أن تكتمل الدورة، والثاني عام 1995 كان المسؤول فيها عن الجماعة "عبد الله عز الدين" الذي اعتقل عام 1998 قبل أن تكتمل الدورة أيضا.

 

 

وبعد اعتقال وخروج أغلب أفرادها إلى أوروبا عقدت الجماعة مؤتمرها الثالث في بريطانيا سنة 1998 وكان المسؤول عنها "بشير الكبتي" واستمرت الدورة لأربع سنوات، وفي عام 2002 عقد المؤتمر الرابع أيضا في بريطانيا والمسؤول كان "عبد المجيد بالروين" وكان المؤتمر الخامس عام 2004في سويسرا تكملة سنتين للدورة السابقة وكان المسؤول فيها "سليمان عبدالقادر" وعقدت بعدها الجماعة ثلاث مؤتمرات كلها في سويسرا سنة 2006 وسنة 2008 وسنة 2010 كان المسؤول فيها أيضا "عبدالقادر".

 

 

وكانت المؤتمرات الأخيرة يتم انتخاب مسؤولها من الخارج لأن من في الداخل كانوا في السجن، وخلال مرحلة العمل بالخارج أقامت الجماعة مؤسسات حقوقية وإعلامية متخصصة بحكم حرية التحرك وكان التركيز فيها  على الجانب الحقوقي خاصة فيما يتعلق بانتهاك حقوق الليبيين والقمع الذي يتعرضون له خلال عهد القذافي وكان من بينها "مؤسسة التضامن" وهي إحدى مؤسسات الإخوان التي كانت أول من فضح النظام في قضية مذبحة "أبو سليم" سنة1996م التي راح ضحيتها 1269 شخص بينهم مسؤول الجماعة "إدريس ماضي" وأحد قياداتها "مصطفى الجهاني" .
 

 

 

ويعود تاريخ نشأة جماعة الإخوان في ليبيا في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي حيث لجأ عدد من الإخوان المسلمين المصريين إلى ليبيا طالبين اللجوء عند الأمير إدريس أمير برقة الذي رفض تسليمهم لمصر وقتها حيث كانت السلطات تلاحق الإخوان المسلمين آنذاك وقد سعى هؤلاء إلى نشر فكر الإخوان في ليبيا.

 

 

وتم الإعلان عن أول جماعة رسمية رسمي للإخوان في ليبيا عام 1968 وبعد قيام ثورة الفاتح عام 1969 شارك أعضاء من الإخوان المسلمين بشكل فردي في الوزارات المختلفة التي تشكلت حتى العام 1973، وفي هذا العام اعتقلت السلطات الليبية قادة الإخوان الذين أجبروا على الظهور تلفزيونيا وقتها والإعلان عن حل الجماعة.

 

 

وفي عام 1980 عاد طلاب ليبيون من الدراسة في الخارج حامليين فكر الإخوان وأعادوا بناء الجماعة وظلوا يعملون سرا حتى اكتشفوا في بداية التسعينيات وتم اعتقال أكثر من 152 من قياداتهم ، باعتبار أن النظام الليبي يحظر قيام تنظيمات سياسية. وفي 16 فبراير من 2002 أصدرت محكمة الشعب الخاصة التي شكلت لمحاكمتهم حكمها بالإعدام على المراقب العام للإخوان المسلمين في ليبيا عبد القادر عز الدين ونائب المراقب سالم أبو حنك وحُكم على ثلاثة وسبعين متهما آخرين بالسجن المؤبد

 

والآن وبعد أن أعلنت الجماعة عن عودتها في ليبيا ما بعد القذافي، هل ستحذو حذو الإسلاميين في دول الربيع العربي مثل النهضة في تونس والإخوان المسلمون في مصر وتشارك في العمل السياسي، وتنشئ حزبا سياسيا لها؟ أم أنها لنفسها بعض الوقت الذي تستعيد فيه حيويتها فكل الخيارات أصبحت مطروحة الآن بالنسبة لها في ليبيا الجديدة.