ضرب إيران حقيقة أم خيال؟
20 ذو الحجه 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

ليست المرة الاولى التي تهدد فيها بعض الدول الغربية و"إسرائيل" بمهاجمة إيران فقد حدث ذلك من قبل ثم انتهت الزوبعة بعد عاصفة من الكلام والتهديد دون أن يتحرك أي طرف رغم أن طهران واصلت برنامجها النووي كما هو مخطط له تماما بل كانت تعلن بين الحين والآخر عن آخر انجازاتها وتمنع المفتشين من الوصول إلى مواقعها النووية..ردود إيران العنترية على التهديدات السابقة والحالية كان دائما قويا ليس من باب الشجاعة والإقدام ولكن لمعرفتها بالحسابات التي ينطلق منها الغرب ومعه "إسرائيل" والصفقات التي تجري بينها وبينه في الخفاء بعيدا عن الصخب الإعلامي..

 

لا يمكن أن نأخذ التهديدات الغربية والصهيونية بشأن ضرب إيران على محمل الجد لأسباب كثيرة من أهمها أن سيناريو التهديد يتكرر دائما وكأنه متفق عليه حيث يبدأ عالي النبرة وحديث عن توقيتات للهجوم وعقوبات صارمة وتسريبات عن كيفية الهجوم والدول المشاركة ثم يخفت تدريجيا وتبدأ الاصوات "العاقلة" تخرج في الغرب للتحذير من عواقب الهجوم وتاثيره على المنطقة والعجيب أن هذا يحدث حتى داخل الكيان الصهيوني الذي من المفترض أنه "الاكثر تضررا من إيران" كما يزعم..

 

كذلك من المعروف أن هناك اتفاقات تحدث بين الغرب وإيران بشأن الاوضاع في العراق بعد سحب الولايا المتحدة لعدد كبير من قواتها من هذا البلد الذي يتمتع فيه النظام الإيراني بنفوذ كبير منذ سقوط نظام صدام ولا يمكن أن تغامر أمريكا بنفط العراق الذي تكبدت من أجله خسائر مادية وبشرية كبيرة في حال شنها لحرب ضد إيران التي لن تقف مكتوفة اليد حينها وستكون ورقة العراق وتفجير الوضع فيها من أهم ادواتها وهو أمر جد ميسور بالنسبة لها ..المعادلة في أفغانستان أيضا لا تصب في صالح الهجوم على إيران لأن هزيمة حلف الاطلسي فيها أصبح ظاهرا للأعين والغرب يحتاج لخروج مشرف من أفغانستان وفي حال توجيه ضربة لإيران ـ إحدى حلفائه ضد طالبان في أفغانستان ـ سيجد نفسه بين فكي كماشة وهو في وضع عسكري لا يسمح له بتاتا بذلك...

 

من الاسباب التي تجعل احتمال الحرب مستبعدا أيضا أن الولايات المتحدة تريد أن تلم شتات قواتها وإذا احتاجت لنشر بعضها فهو لأغراض الحماية والتأمين لمصالحها وليس من أجل المواجهة العسكرية التي تجد معارضة داخلية قوية فمنذ 10 سنوات وهاجس فيتنام يلح على الشعب الامريكي بشدة بعد ان رأى الصناديق المحملة بالجثث تتوافد عليه من العراق وأفغانستان..والسؤال الآن هل الضربة العسكرية محض خيال؟ والإجابة تتلخص أن في لعبة السياسة هناك أوراق ظاهرة وأخرى خفية يتم الكشف عنها في وقت لاحق وبالتالي لا يمكن الجزم بما سيحدث على وجه الدقة وتبقى التوقعات هي المتاحة ولكن لا يمكن استبعاد ضربة محدود من "إسرائيل" لبعض المواقع النووية الإيرانية وهو ما يخدم العديد من المصالح أولها: يخدم حكومة نتنياهو التي تحتاج إلى إلهاء الشعب عن الازمة الاقتصادية الطاحنة التي يمر بها وتكاد تؤدي إلى سقوط الحكومة وعملية محدودة تفي بالغرض..

 

كذلك تحتاج أمريكا لمبرر منطقي لكي تزيد عدد قواتها في الخليج بعد انسحابها من العراق لحماية مصالحها والتوتر مع إيران يخدم هذا الهدف..

 

أيضا محاولة إضفاء نوع من البطولة على إيران لإخفاء العلاقات السرية الوطيدة معها يتحقق الكثير منه عن طريق هذه الضربة..

 

في الوقت نفسه لا يمكن إغفال تعارض المصالح وتجاوز إيران لحدود المتفق عليه معها بشأن تضخم قوتها لإخافة جيرانها دون المساس بأمن الولايات المتحدة أو "إسرائيل" فإذا تم ذلك وهو أمر يحتاج لمعلومات استخبارية دقيقة فقد يؤدي للضربة المحدودة ..المهم في هذه القضية هو تأثير هذا التوتر في حال وقوع الضربة المحدودة أو عدم وقوعها على الدول المجاورة وكيف سيؤثر هذ الامر على أمنها في مرحلة دقيقة من تاريخها ومع شهود العديد منها لحركات احتجاجية وهو أمر يحتاج إلى تأمل وتحليل مستقل.