كيف يواجه الإسلاميون حملات التشويه؟
17 ذو الحجه 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

يتعرض الإسلاميون لحملات تشويه شديدة في الفترة الاخيرة بعد صعودهم الملحوظ إثر الثورات العربية التي اجتاحت مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا؛ فقد ظل حكام هذه البلاد لعقود طويلة فارضين أسوارا عالية على مشاركة الإسلاميين الفعالة في المجتمع وإذا تمت هذه المشاركة تمت بصعوبة وبطرق ملتوية, حتى أزالت الثورات هذه الاسوار وفتحت الابواب لدخول التيار الإسلامي إلى مناطق كانت محظورة تماما من قبل وبدأنا نسمع عن إمكانية وصول الإسلاميين إلى الحكم عن طريق الإرادة الشعبية وبصورة شفافة بعيدة عن استخدام العنف الذي كانت تروج له الانظمة البائدة لتخويف الناس من الإسلاميين وكانت خطوة جيدة أكد الإسلاميون من خلالها مسارهم السلمي, لكن هذا الانفتاح جاء معه عداوات مختلفة تريد إبعاد الإسلاميين عن قيادة الامة وعلى رأس هؤلاء المعادين التيارات اليسارية بمختلف طوائفها من شيوعيين واشتراكيين وناصريين وهم في عداء تاريخي مع الدين بشكل عام ومع الإسلام بشكل خاص حيث تنص أبجدياتهم على أن "الدين أفيون للشعوب" والمعتدل منهم يرى أنه أمر شخصي يحبسه الفرد في قلبه أو في بيته وكأنه جريمة يتبرأ الإنسان منها, وينضم لهؤلاء من يسمون أنفسهم الليبراليون وهؤلاء أقل حدة في عداوتهم ولكنهم يتفقون مع الفريق الاول في رفض تدخل الدين في شؤون الدولة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ولكن ما يزيد من خطورتهم عن الفريق الاول في هذه المرحلة تنامي قوتهم وتزايد عددهم وحصولهم على دعم خارجي قوي من الغرب خصوصا بعد زوال الدول الشيوعية الكبرى التي كانت تدعم التيارات اليسارية, كذلك هناك أصحاب مصالح خالصة استفادوا من الانظمة السابقة ويرون في الإسلاميين عدوا لطموحاتهم الغير مشروعة والتي تعتمد على النهب والرشوة وسرقة أموال البنوك والاحتكار..

 

إلى الآن لم نر خطة للإسلاميين واضحة لمواجهة هذه الحملة المنظمة والتي رغم اختلاف توجهات أصحابها إلا أنها متناغمة ويتم توزيع الادوار فيها بصورة منظمة.. ومن أهم المشاكل التي يعاني منها الإسلاميون غياب فكرة التحالف المبني على الثوابت المشتركة ولا أقول الاتحاد فهو أمر بعيد المنال في الوقت الحاضر على الأقل, والعجيب أن الاتجاهات السلفية التي تكاد الخلافات بينها تدور حول شكليات أو اجتهادات سائغة أو أمور إدارية وتنظيمية لا تستطيع التوصل إلى هذا التحالف بشكل قوي وتجد تناحرا فيما بينها أحيانا يصل إلى الشقاق, ففي مصر على سبيل المثال هناك ثلاثة أحزاب سلفية ظهرت إلى النور بعد الثورة وهناك حزب رابع يكافح للظهور ومع ذلك لم نستمع حتى الآن إلى خطة واضحة تجمعهم لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة معا نعم سمعنا عن تحالفات جزئية ولكن ليست شاملة ولعل ما ذكره أحد قيادات الجماعة السلفية في مصر بشأن ظهور أمراض الرغبة في الرئاسة وحب التصدر والظهور وتولي المناصب داخل أفراد الجماعة يلخص أحد أهم الاسباب التي تمنع هذا التحالف..

 

ثم ناتي للاطروحات التي يقدمها الإسلاميون لتعريف الناس بهم نجد إما أطروحات تفصيلية تحتوي على موضوعات شائكة يستغلها المعادون لشن حملاتهم خصوصا مع عدم حسن عرضها, أو متميعة تسعى لاجتذاب أكبر عدد من الناس دون سند شرعي مما يزيد الشقاق داخل الصف الإسلامي..كذلك يعتمد الإسلاميون في مواجهة الحملات على سياسة رد الفعل وليس على سياسة المبادرة فكلما خرج اتهام ما يقومون بالرد وأحيانا تاتي الردود عصبية وتورطهم في مشاكل لا حصر لها مع عدم تحديد واضح للمسؤول عن الحديث نيابة عن كل حزب أو جماعة فإذا وجه اتهام لحزب أو جماعة ما يخرج أي فرد للرد بأي شكل دون اتفاق مسبق على طريقة الرد ثم ياتي الاعتذار بعد أن تكون الامور قد خرجت عن السيطرة..كذلك يتورط الإسلاميون أحيانا في تصريحات لا داعي لها وتدخل في إطار السذاجة السياسية مثل الإعلان عن الاعداد التي تؤيدهم والتي تنطوي تحت رايتهم والمقاعد التي يتوقعون الحصول عليها, والكلام في هذا الاتجاه سيؤدي إلى تخويف أطراف كثيرة لا تعلن معاداتها للإسلاميين صراحة وقد تكون محايدة أو تبدو كذلك ومن المصلحة أن تبقى على هذا النحو...

 

على الإسلاميين أيضا أن يحذروا من بريق الإعلام ووهجه فليس كل برنامج يطلبون له يلبون الدعوة وليس كل محاور يصلح للنقاش معه وهو ما يجعلنا نؤكد على اهمية وجود إعلام إسلامي سياسي متميز يجذب نظر الناس إليه بشكل مهني حتى لا يضطر الإسلاميون لتوضيح مواقفهم دائما من خلال برامج تتعمد الإيقاع بهم وتحريف تصريحاتهم..

 

يركز المعادون للتيار الإسلامي هجماتهم أحيانا على أن ما يشغل بال الإسلاميين هو تطبيق الحدود وفرض الحجاب على النساء وغير ذلك من الامور الشرعية, لذا على التيار الإسلامي أن يؤكد على القضايا الاخرى التي تهم الناس مثل حقوق الفقراء وقضايا التعليم والصحة وغيرها من الامور العامة التي تهم الناس, ولا يستسلمون للكلام فقط عن القضايا الشرعية فالإسلام له رؤية شاملة لإدارة الدولة ينبغي أن توضح للجماهير وكانت من عماد الدولة الإسلامية على مر عصورها وتمكنت الدولة الإسلامية من الرقي الاجتماعي والحضاري حتى أنارت أوروبا التي كانت تعيش في عصور الظلمات في ذلك الوقت.