الشيخ د.خليف: يحاربون التيار السلفي بتونس لأنه رفض التدجين.. ينقصنا التنسيق مع شركاء المنهاج
10 ذو الحجه 1432
عبد الباقي خليفة

شهدت تونس في المدة الأخيرة وتحديدا منذ ثورة 14 يناير، تحولات عميقة، أو بالأحرى ظهرت على السطح الكثير من الحركات والتيارات العقائدية والسياسية ، وقد غطت الأحداث اليومية على الخارطة الجديدة في تونس. ورغم التعتيم الاعلامي على الحركة الاسلامية كجذور وواقع وآفاق إلا أنه أبرزها في المدة الأخيرة بأساليب كيدية، وجعلها هدفا لنباله ونصاله . فما هو واقع الحركة السلفية اليوم في تونس، ما أهدافها ، وما هي مشاريعها ، وكيف تنظر للأمور.

 

في هذا الحوار مع الشيخ الدكتور محمد عبد الرحمن خليف ابن العلامة التونسي المعروف عبدالرحمن خليف، رحمه الله ، ورئيس الجمعية الشرعية للعمل بالقرآن والسنة ، ومن خلاله  نقدم لقراء" المسلم" جانبا من الساحة الفكرية والجمعياتية المتنوعة في تونس.

 

ماذا تعني الجمعية الشرعية للعمل بالقرآن والسنة ؟
الجمعية الشرعية للعاملين بالقرآن والسنة حصلت على الترخيص القانوني في منتصف رمضان 1432 هجرية بعد التغيير الحاصل في تونس ، وأصبحنا ننشط في إطار القانون وكما هو واضح من اسم الجمعية هدفنا نشر العلوم الشرعية مع التمسك بالقرآن والسنة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم . وقد بدأنا نشاطنا في الصائفة الماضية أي قبل الحصول على الترخيص ونشكر كل من ساهم  في تشكيلها وهم طلبة علم ساهموا في انجاح المشروع. وقد أتممنا حتى الآن الدورة الصيفية الأولى في تعليم القرآن  من 20 يونيو إلى 20 أغسطس 2011 م واستمرت شهرين كاملين، وكان فيها التزام بالحضور اليومي من قبل شباب جاؤوا من الشمال والجنوب ورغم الامكانيات المادية الصعبة التزم الاخوة بالحضور ووفرنا لهم المبيت والطعام المجاني. وهذه فرصة لنشكر المساهمين ماديا ومن ساعدونا على تقسيم الراغبين إلى ثلاثة مجموعات ، واستمرت الدورة  60 يوما والحمد لله نجحت بامتياز. وهذا ما جعل الكثير من الشباب يطالبون بدورات مكثفة أخرى.
وهناك من طلب فتح فروع للجمعية في أماكن أخرى . وفي سوسة فتح مشروع لتحفيظ القرآن على نفس المنوال . وقد قمنا في الحفل الختامي بتوزيع الجوائز على المتبارين

 

هل هذا هو المشروع الأول للجمعية ؟
هذا المشروع الاول الذي قمنا به، وبعد رمضان بدأنا في مشروع العلوم الشرعية، أي المبادئ الاولية للعلوم الشرعية، من عقيدة، وفقه ، وتفسير، علوم حديث، وسيرة نبوية،  وما زالت مستمرة إلى ديسمبر وسيقع اختبار للطلبة وسيمر الناجحون إلى المستوى الموالي. وافتتحت الجمعية كذلك كتاب للأطفال وعندنا مشروع منة الرحمن ، صاحبته مصرية، وإن شاء الله  سنكون إطارات وكوادر لرياض الاطفال بطريقة مبتكرة على طريقة منة الرحمن . حيث يبدأ الأطفال منذ سن الثالثة الالتحاق بهاته الرياض والكتاتيب وعندما يكون عنده 4 سنوات يستطيع قراءة القرآن بقواعد التلاوة وعندما يصبح له 6 سنوات يكون قد حفظ 6 أحزاب بإذن الله .

 

 ماذا عن الامكانيات؟
هذا المشروع سنبدأه ، الامكانيات تحول دون انجاز المشاريع الفرعية هذا ما تم في الثلاثة أشهر الاخيرة ولدينا مشاريع أخرى تحول الظروف المادية دون تحقيقها. ومنها فتح فرع خاص بالنساء لأننا نشعر بأن الجانب النسائي مهمل في الدعوة على الأقل في تونس. ونريد فرعا تشرف عليه النساء وتتعلم فيه النساء ويكون خاصا بالنساء فقط، ويكون فيه جناح للأطفال بحيث تأتي الام مع طفلها أو أطفالها وتترك الابناء في الحاضنة الخاصة بالأطفال وتكون هي في الجناح الخاص بالنساء ونأمل أن تكون لدينا سيارة، ميني باص، لنقل النساء في أطراف المدينة، وتنقصنا المكتبة

 

هناك مكتبة طالب العلم التي توزعها مؤسسة احياء التراث في الكويت، وكذلك مكتبة طالب العلم التي توزعها بعض المؤسسات العلمية في المملكة العربية السعودية هل حصلتم على أي نسخ منها
للأسف لم نحصل عليها، لأنه ليس لنا تواصل مع الاخوة هناك ، وكما ذكرت فنحن لم نحصل على الترخيص القانوني سوى منذ فترة قصيرة ، وما ينقصنا هو التنسيق مع هذه الجمعيات، وهذا النقص موجود حتى داخل الجمعيات التي تشاطرنا المنهج داخل تونس نفسها. الجمعيات التي تنشط في سوسة وبنزرت وقبيلي مثلا نبحث كيفية التنسيق معها حتى في كيفية استقبال المشايخ من الخارج.
إذن هناك نقائص كثيرة، فإلى جانب المكتبة وما سلف ذكره ، نحن لا نملك مقرا خاصا بنا، فالمقر الذي زرتموه مستأجر، ونأمل أن يكون للجمعية مقر خاص بها، إذ أننا ندفع ألف دينار كإيجار شهري. وأحيانا نشعر أن المشروع أكبر من امكانياتنا، الطلبات تزداد والاقبال كثير والامكانيات محدودة.

 

هل تدعون لمؤتمر للسلفية في تونس تجمعون في الشتات وتنسقون فيه الجهود، وتتواصلون فيه مع الخارج.
هذه هي المشكلة، ما ينقصنا هو التنسيق، فنحن نعرف بعضنا على مستوى الأشخاص، ولكن على المستوى الجمعياتي مازلنا نسعى، وقد بدأنا بالتحرك على هذا المستوى من خلال مؤتمر" الدفاع عن المقدسات الإسلامية في تونس" والذي حضره السلفيون وغير السلفيين ممن يهمهم هذا الأمر الهام والمصيري لمستقبل الهوية في بلادنا. وذلك كرد على ما تقوم به الفضائيات من خروقات وتعدي على المقدسات وقد شاركت فيه بين 40 و50 جمعية في تونس. وهذه نقطة انطلاق لتوحيد الصفوف والعمل.

 

 

عشتم الفترة ما قبل الثورة وإبان التدافع الذي أفضى لما نحن فيه اليوم، كيف تقرأون واقع الدعوة في ظل هذه الظروف
على إثر الثورة، من الواضح أن هناك حرية في التعبير، وهذه النقطة من الوضوح ما لا يستطيع أحد انكارها، وهناك أناس لا يزال لديهم هاجس الخوف، والشعور الأمني بأنه لا يزال مراقبا. من جهة أخرى هناك جانب فوضوي في سلوك بعض الناس. والبعض فهم الثورة بشكل خاطئ على فهم أنه ما دام هناك ثورة فنحن نثور على كل شيء، على العلاقات بين البشر، على العادات، على نظام الحياة، فهناك تموقع خاطئ لعربات التجار، وهناك عدم احترام للإشارات الضوئية، وهناك من يقود السيارات بدون رخص. وقد ساهم انسحاب الأمن من الأماكن العامة في انتشار هذه الفوضى بداية الثورة، والأمور تعود إلى طبيعتها.
من الناحية الدينية، برزت جميع التيارات بعد الثورة، ومن كان ينشط في الخفاء أصبح ينشط جهارا كحزب التحرير، والشيعة بدأوا ينشطون ويعلنون عن عقيدتهم، والسلفية بطبيعة الحال كانت تنشط ولكن ليس بالكيفية والصبغة التي عليها الآن، حيث لدينا منابر، ونحن مكون من مكونات المجتمع التونسي.

 

وفي المقابل هناك فلول اليسار التي كانت تعمل بكل حرية في السابق ولكن لم يكن الشعب يوليها آذانا صاغية، رغم أن وسائل الإعلام تحت إدارته وإشرافه وتأثيره. ولذلك كانت ردود أفعاله هستيرية بعد الثورة حيث هاجم المقدسات الاسلامية، وفي نفس الوقت يزعم أنه مسلم. ويقولون نحن مسلمون ولا يحق لأحد أن يتحدث باسم الإسلام، وفي نفس الوقت يطعنون في الإسلام، فكيف يستقيم هذا؟ من يدعي أنه مسلم ويشهد أن لا إله إلا الله ولسان حاله يؤكد عدم اسلامه، فمن يقول " مازلنا نقول للذكر مثل حظ الانثيين" ويستهزئ بالدين ويجسد المولى سبحانه، ويطالب بزواج الشاذين والشاذات ومع ذلك يقول أنه مسلم

 

.
 تحدثتم عن المنابر، وهي منابر تقليدية بعض المساجد وبعض المقار، ماذا عن المنابر المعاصرة، الإذاعة والتلفزيون، والانترنت والمجلات والصحف، والأفكار أصبحت تدخل بدون اسئتذان إلى البيوت وإلى خدور النساء وغرف الأطفال وصالات الجلوس للأسرة وغير ذلك ويبدو أن امكانياتكم لا تسمح لكم بذلك وبالتالي الصراع غير متكافئ ؟
ما تلاحظونه صحيحا، فالمنابر المعاصرة التي ذكرتموها هي في يد اليسار والعلمانيين عموما، ولا وجود لأي منبر اعلامي في تونس يدافع عن الاسلام. حتى إذاعة الزيتونة كان يرأسها شخص بقطع النظر عن عقيدته، وأصبحت تديرها امرأة متبرجة، وهذا له دلالة. فكيف يمكن فهم ما يدور فيها. ومع ذلك لم ترض هذه الإذاعة فلول اليسار التي طالب بإغلاقها، على الرغم من إبعاد عديد المشايخ منها، مثل الشيخ بشير بن حسن على سبيل الذكر لا الحصر. وقد بلغني أن العديد من الأشخاص تقدموا لتأسيس إذاعات تم رفضها، كذلك طلبات على مستوى الإعلام المرئي تم رفضها،( بمعنى السماح لقنوات تسب الدين وعدم الترخيص لقنوات تنشر الدين) وهذه هي الليبرالية التي يوعدوننا بها، وإن شاء الله بعد تأسيس المجلس التأسيسي تتحسن الأمور وإن كنت غير متفائل.. والانسان لا ييأس من روح الله ، فخروج بن علي من السلطة كان نعمة ونسأل الله أن يرزقنا شكر النعم. ونحن نسعى لتأسيس إذاعة للقرآن الكريم بالقيروان .

 

 السلفيون في تونس تحت المجهر أو باللهجة التونسية ( في فم المدفع ) لماذا ؟
 أعداء الدين دائما كالولايات المتحدة وغيرها من دول الغرب، لا يستطيعون العيش بدون عدو ، وبعد انهيار الشيوعية توجهوا نحو الاسلام وبعض أتباعهم وأذنابهم من بني جلدتنا ويتحدثون بألسنتنا، انقلبوا من الولاء للشيوعية إلى الولاء للرأسمالية ( تحولوا من مناهضين للإمبريالية إلى حمالين في السوق الرأسمالية ) هؤلاء وحتى يعيشوا أوجدوا لهم عدوا هو الاسلام، ولأنهم لا يستطيعون مواجهته مباشرة، فقد عمدوا لوسائل أخرى مدعومة رسميا ( الاسلاموفوبيا ) وذلك من خلال الطابور الخامس. وأذكر أنه لما كنا نصلي في السبعينات كانوا ينعتوننا ب" الاخوانجية " نسبة للإخوان المسلمين. ولم يكن لدينا آنذاك أي انتماء سياسي، ( وبالتالي ساهموا في تسييس المصلين في تونس) . ومحاربة الدين بدأت منذ الستينات بإغلاق جامع الزيتونة، ومنع التعليم الزيتوني. والآن توسعت الدعوة الاسلامية، وبرزت تيارات عدة من بينها السلفية، والتي هي منهج عقائدي يعتمد القرآن والسنة ، ولأن الغرب لا يستطيع محاربة الاسلام ككل فإنه قسم الامة إلى أطراف وخرائط وبدأ بمحاربة التيار السلفي عموما، لأنه رفض التدجين وتمسك بعقيدته ومنهجه ، وهذا هو الدين ولا يمكن أن يتغير. الربا يبقى ربا والزنا هو الزنا والمواريث التي فصلها المولى في القرآن بما لم يفعله مع الصلاة والزكاة والحج وهذا دلالة على أن لا مجال للاجتهاد في هذا الأمر أحبوا أم كرهوا . وقد اتخذت السلفية  كمطية لضرب الاسلام، فهم لم يستطيعوا أن يواجهوا الاسلام مباشرة حتى لا يستفزوا الامة بكاملها فاتخذوا لهم السلفية هدفا لضرب الاسلام .

 

 ما الذي يلام عليه السلفيون وهل ترون ذلك مبررا ؟
لماذا يلام على السلفية ، هل لأن الرجل أطال لحيته، ولأن المرأة تلبس النقاب؟

 

 في المدة الأخيرة تظاهر الشعب ضد الإساءة للمقدسات الاسلامية ولكن في وسائل الاعلام يقولون أن السلفيين تظاهروا ؟
لأن وسائل الاعلام في يد اليسار، لجعل السلفية فزاعة ، وحاولوا التأكيد على ذلك من خلال ردود الافعال على فيلم برسيبوليس، والهدف تخويف الناس من أن الاسلام ، والقول بأنه إذا حكم في تونس فستكونون مثل ايران .
 يتحدثون عن تحرير المرأة وهم يريدون تحرير الوصول للمرأة . هل المنقبة في تونس هن وحيدات في العالم هناك منقبات في الكويت والسعودية والبحرين ومصر وفي الغرب هناك منقبات ولا يمنع ذلك من الدراسة أو الحصول على جواز السفر والولايات المتحدة احتجت على منع النقاب في فرنسا. يقولون المرأة حرة " اعتقني" اعتقونا أنتم ودعوا المنقبات يواصلن دراستهن . عندما نطالبكم بالالتزام تقولون حريتنا وعندما تطالب المنقبة بحريتها ، يقولون يجب أن نعرف مع من نتحدث!

 

 أنا طبيب وأعرف أنه في العمليات الجراحية يلبس الطبيب نقابا ويتحدث مع الجميع ، النقاب لا يمنع الحديث وفي التأكد من الهوية قبل الدخول يمكن وضع امرأة على الباب تتأكد من هوية الطالبة وغير ذلك.. أذناب الاحتلال يحاربون ديننا بينما يدخل الشباب الغربي في الاسلام.