أنت هنا

حال المسلم بعد الحج
28 ذو القعدة 1432
اللجنة العلمية

ما ينبغي لمن وفـق لأداء الحج

ما الذي ينبغي لمن وفقه الله تعالى لإتمام نسكه من الحج والعمرة؟ وما الذي ينبغي له بعد ذلك؟
الجواب: الذي ينبغي له ولغيره ممن من الله عليه بعبادة أن يشكر الله سبحانه وتعالى على توفيقه لهذه العبادة، وأن يسأل الله تعالى قبولها، وأن يعلم أن توفيق الله تعالى إياه لهذه العبادة نعمة يستحق سبحانه وتعالى الشكر عليها، فإذا شكر الله، وسأل الله القبول، فإنه حري بأن يقبل، لأن الإنسان إذا وفـق للدعاء فهو حري بالإجابة، وإذا وفق للعبادة فهو حري بالقبول، وليحرص غاية الحرص أن يكون بعيدا عن الأعمال السيئة بعد أن مـن الله عليه بمحوها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:  الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة  .، ويقول صلى الله عليه وسلم:  الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارة لما بينهن، ما اجتنبت الكبائر  .، ويقول صلى الله عليه وسلم: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما  وهذه وظيفة كل إنسان يمن الله تعالى عليه بفعل عبادة، أن يشكر الله على ذلك وأن يسأله القبول.

 

للطاعات علامات تظهر على صاحبها

هل هناك علامات يمكن أن تظهر على المقبولين في أداء الحج والعمرة ؟
الجواب: قد تكون هناك علامات لمن تقبـل الله منهم من الحجاج والصائمين والمتصدقين والمصلين، وهي انشراح الصدر، وسرور القلب، ونور الوجه، فإن للطاعات علامات تظهر على بدن صاحبها، بل على ظاهره وباطنه أيضا، وذكر بعض السلف أن من علامة قبول الحسنة أن يوفق الإنسان لحسنة بعدها، فإن توفيق الله إياه لحسنة بعدها يدل على أن الله عز وجل قبل عمله الأول، ومن عليه بعمل آخر، ورضي به عنه.

 

الواجب على من عاد إلى بلاده تجاه أهله بعد أداء الحج

ما الذي يجب على المسلم إذا انتهى من حجه وسافر عن هذه الأماكن المقدسة؟ وما الذي يجب عليه تجاه أهله وجماعته ومن يعيش في وسطهم؟
الجواب: هذا الواجب الذي تشير إليه واجب على من حج ومن لم يحج، واجب على كل من ولاه الله تعالى على رعية؛ أن يقوم بحق هذه الرعية، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن:  الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته  .
فعليه أن يقوم بتعليمهم وتأديبهم، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، أو كما كان يأمر بذلك الوفود الذين يفدون إليه أن يرجعوا إلى أهليهم فيعلموهم ويؤدبوهم، والإنسان مسئول عن أهله يوم القيامة؛ لأن الله تعالى ولاه عليهم، وأعطاه الولاية، فهو مسئول عن ذلك يوم القيامة، ويدل لهذا قوله تعالى:  يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة  فقرن الله تعالى الأهل بالنفس؛ فكما أن الإنسان مسئول عن نفسه يحرص كل الحرص على ما ينفعها، فإنه مسئول عن أهله كذلك، يجب عليه أن يحرص كل الحرص على أن يجلب لهم ما ينفعهم ويدفع عنهم بقدر ما يستطيع ما يضرهم.

 

آثار الحج على المسلم

ما هي آثار الحج على المسلم؟
الجواب: من آثار الحج: أن الإنسان يرى من نفسه راحة وطمأنينة وانشراح صدر ونور قلب. وكذلك قد يكون من آثار الحج، ما يكتسبه الإنسان من العلم النافع الذي يسمعه في المحاضرات وجلسات الدروس في المسجد الحرام، وفي المخيمات في منى وعرفة. وكذلك من آثاره أن يزداد الإنسان معرفة بأحوال العالم الإسلامي، إذا وفـق لشخص ثقة يحدثه عن أوطان المسلمين. وكذلك من آثاره غرس المحبة في قلوب المؤمنين بعضهم لبعض، فإنك ترى الإنسان في الحج وعليه علامات الهدى والصلاح فتحبه وتسكن إليه وتألفه.
ومن آثار الحج أيضا: أن الإنسان يكتسب أمرا ماديا بالتكسـب بالتجارة وغيرها، لقوله تعالى:  ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام  ولقوله تعالى:  ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم  وكم من إنسان اكتسب مالا بالتجارة في حجه، شراء وبيعا؛ وهذا من المنافع التي ذكرها الله سبحانه وتعالى.
ومن آثار الحج: أن يـعـود الإنسان نفسه على الصبر على الخشونة والتعب، لا سيما إذا كان رجلا عاديا من غير أولئك الذين تكمل لهم الرفاهية في حجهم، فإنه يكتسب بذلك شيئا كثيرا، أعني : أن الذي يكون حجه عاديا يكتسب خيرا كثيرا بتعويد نفسه على الصبر والخشونة.

 

نصيحة لمن أدى الحج

ما هي نصيحتكم لمن أدى فريضة الحج؟
الجواب: نصيحتي له أن يتقي الله عز وجل في أداء ما ألزمه الله به من العبادات الأخرى؛ كالصلاة، والزكاة، والصوم، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الخلق وإلى المملوكات من البهائم، وغير هذا مما أمر الله به. وجـماع ذلك كله قوله تعالى:  إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكـرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون.