2 جمادى الثانية 1433

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله بركاته..
أسأل الله الكريم أن يجزكم خير الجزاء على ما تقدمونه.
أنا فتاة تقدم لي رجل متزوج ويكبرني بـما يقارب 15عاماً، وهو من قرابتي وأعرف زوجته الأولى وأمه وأهله كلهم؛ فأنا لا أكره التعدد، ولست ممن يرفضه، لكن الأمر الذي أود معرفته هل ردي إياه بسبب الخوف من المشاكل التي قد تكون في المستقبل أمر معتبر شرعاً؟ لأني أخاف إنْ رددته لهذا السبب أن أكون ممن ألتمس رضا الناس بسخط الله، أو أكون ممن تسبب في فتنة في الأرض كما في الحديث؟ وأود أن أسأل هل من يأخذ من لحيته (ولا يحلقها كاملة) أو ممن يتساهل في الإسبال يجوز رده بحكم أننا لا نرضى دينه؟ أم أن هذا من التفاوت في التمسك بالدين؟ جزاكم الله خيراً ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

أجاب عنها:
أسماء عبدالرازق

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبارك الله فيك أيتها الفاضلة.
عند التفكير في قبول أو رفض الخاطب ركزي في صفاته الذاتية؛ دينه، وأخلاقه. وما دام من أقاربكم وله زوجة وأبناء فمن الممكن معرفة سلوكه مع أهل بيته، وبالتالي معرفة كيف يمكن أن يعاملك. ونص الحديث الذي أشرت إليه: (إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه. إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)، وذلك لأن الخلق مدار حسن المعاش، والدين مدار أداء الحقوق، لأن الحسب والمال دون دين وخلق مدعاة للفساد عادة، ولأن الاقتصار على تزويج ذوي الحسب والمال يتسبب في عدم زواج الكثيرين من الجنسين وبالتالي تكثر أسباب الفتن والفساد.
أما المشكلات فلا شك أنها متوقعة في كل الأحوال سواء كنت زوجة وحيدة أو ثانية، تعرفين أهله أو لاتعرفينهم، لذا لا يمكن الإحجام عن الزواج لمجرد الخوف من المشاكل، لكن من الممكن من البداية تجنب كثير من المتاعب بالتحكم في أسباب المشكلات قدر الإمكان. مثلاً من الممكن اشتراط عدم السكنى قريباً من زوجته الأولى ليقل الاحتكاك بينكما، ولتجنب المشاكل الناتجة عن نقل الكلام بينكما من الجارات وما أشبه ذلك. كذلك التأكد من أنها تعرف أنه عازم على الزواج بغض النظر عن رضاها عن ذلك من عدمه، لضمان العدل بينكما في النفقة والمبيت، ولكيلا تكتشف فيما بعد ثم يحولك لزوجة في الظل إرضاء لها. والتأكد أيضاً من أنه جاد في الاستمرار في الزواج وأنه لن يتخلص منك لأبسط مشكلة ولن يمنعك من الإنجاب. المهم المقصود أنه من الممكن ضمان حصولك على حقوقك قبل الاقتران به وهذه أكبر المشكلات، أما المشاكل الأخرى فتحدث في كل الأحوال وتتخطاها أو تتعايش معها الزوجة العاقلة كما تتعايش مع سائر مشكلات الحياة الأخرى.
أما الأخذ من اللحية والإسبال فهما مخالفتان شرعيتان عند كثير من الفقهاء، وينبغي النظر في جوانب أخرى، مثل الفرص المتاحة أمام المخطوبة، والوسط الذي تعيش فيه. فمن تجاوزت الثلاثين مثلاً ولا تضمن إن ردت هذا الخاطب لا سيما إن كان مرضي الخلق، مرضي الدين إجمالاً أن يتقدم لها من هو خير منه أو مثله. كذلك بعض المجتمعات فيها جهل بالشرع، والحالق المسبل فيها لا يظن أن يخالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثلما تظن بعض النساء في بعض المجتمعات أن الحجاب هو تغطية الشعر، فيلبسن الضيق وربما البنطال مع قطعة صغيرة فوق الرأس ويسمين ذلك حجاباً! وربما يقع بعض الشباب في مثل هذه المخالفات الشرعية رغم معرفتهم بذلك مجاراة لمن حولهم، وقد يكون تغيير الصحبة، أو النصح، أو غير ذلك سبباً في إقلاعهم عنها. ومنهم من يقع في شيء من ذلك لتغلب هواه عليه، وهو في قرارة نفسه راغب في اتباع السنة لكن يحتاج من يأخذ بيده ويعينه.
في مثل هذه الحالات من الأفضل قبول الخاطب، ولتحرص الزوجة بعد ذلك على حثه على التمسك بالسنة وتعينه على أمر دينه.
أسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك، والذرية الطيبة التي تنفعك في دنياك وأخراك.