مخالفة الفلاسفة المسلمين لحقائق الطبيعة في القرآن
20 ذو القعدة 1432
منذر الأسعد

الكتاب: مخالفة الفلاسفة المسلمين لطبيعيات القرآن الكريم-مظاهرها، وآثارها، وأسبابها –
- قراءة نقدية تكشف مخالفات هؤلاء الفلاسفة لطبيعيات القرآن وما ترتب عنها من آثار وخيمة-
المؤلف: الأستاذ الدكتور خالد كبير علال
الناشر: دار المحتسب/ الجزائر

*******

عرض: مهند الخليل

 

هذا السِّفْر القيّم "طازج" جدّاً، فقد صدر في شهر شوال الذي ارتحل عنا قبل أيام قلائل، ومؤلفه المؤرخ الجزائري المسلم ذو باع طويل ورصيد متميز في بحث القضايا الثقيلة التي تثير جدلاً عريضاً وتحظى بعناية واسعة لدى جمهور المثقفين فهي قضايا ذات عمق فكري يتطلب تراكماً معرفياً ضخماً في الباحث الذي يتصدى لها، لتمحيص الحق من الباطل في تشابكاتها وتداخلاتها، وبخاصة أن أكثر هذه القضايا يجري التلاعب فيها من قِبَل أهل الأهواء من تغريبيين أو أتباع للفرق الضالة قديمها وحديثها.

 

يقول الدكتور علال في تقديمه لكتابه المكوّن من 142 صفحة: إنه أراد من عمله الكشف عن المخالفات التي وقع فيها الفلاسفة المنتسبون إلى الإسلام في الجوانب المتعلقة بالطبيعيات بسبب تقليدهم لفلاسفة الإغريق وإعراضهم عن الحقائق التي وردت في القرآن الكريم، وهو يروم بيان الآثار السلبية التي ترتب على ذلك الخلل الفادح، مع السعي إلى معرفة الأسباب التي جعلتهم يرفضون طبيعيات القرآن، ويتبنون طبيعيات اليونان.

 

وفي خضم هذا الإبحار الموضوعي الرائع، يفضح الكتاب ما اقترفه كثير من الباحثين المعاصرين من التحريف والتضليل والتدليس، في غلوهم في هؤلاء الفلاسفة من جهة؛ وتضخيم صوابهم القليل، وإغفال أخطائهم وانحرافاتهم الكثيرة بالتستر والتهوين، والتبرير والاعتذار من جهة أخرى.

 

أما الحَكَم الذي اختاره علال للجزم بانحراف هؤلاء الفلاسفة عن الحق والصواب، فيتصدره الوحي الصحيح ثم العقل الصريح ونتاجه من علم صحيح، وهنا تبدو المفارقة الكبرى حيث يؤيد العلم الحديث ما جاء في كتاب الله عز وجل في الطبيعيات ويتجلى حجم الغلط في مقولات الفلاسفة المسلمين الذين قلدوا الإغريق تقليداً على غير بصيرة!!

 

يتألف الكتاب من فصلين، يحمل الفصل الأول عنوان: نماذج من مخالفات الفلاسفة المسلمين لطبيعيات القرآن الكريم وفيه عدة نقاط، هي:

= قول الفلاسفة المسلمين بأزلية الكون وأبديته وموقف هؤلاء الفلاسفة من طبيعة العناصر المكوِّنة للعالم،
= قول هؤلاء الفلاسفة بوجود عقول أزلية تحرك الأفلاك
= مخالفات تتعلق بحرارة الشمس والكواكب
= قول هؤلاء الفلاسفة بأزلية أنواع الكائنات وحدوث أفرادها
= مخالفات تتعلق بظواهر أرضية
= خلود النفس

 

أما الفصل الثاني فعنوانه: آثار وأسباب مخالفة الفلاسفة المسلمين لطبيعيات القرآن الكريم، وفيه العناوين الفرعية الآتية:
= آثار واستنتاجات من مخالفات هؤلاء الفلاسفة لطبيعيات القرآن
 = أسباب مخالفة هؤلاء الفلاسفة لطبيعيات القرآن
= اعتراضات وردود

 

فمن أبرز الآثار والاستنتاجات من مخالفات أولئك الفلاسفة المنسوبين إلى الإسلام بالرغم من اعتقادهم بما يصطدم مع قطعياته: مخالفتهم الصريحة لطبيعيات القرآن الكريم مخالفة جذرية شملت أصولها والفروع، كقولهم بأزلية الكون وجحود البعث بعد الموت-والعياذ بالله-...وينقل المؤلف بعض نصوص هؤلاء الفلاسفة التائهين لتبين منها تفاهة الفكر التبعية المقيتة للدهريين الهالكين من فلاسفة الإغريق وهو ما أوقعهم في مواقف مخزية اتضح سخفها بالتجربة لدى عامة الناس قبل العصور الحديثة!!

 

ويعيد الدكتور علال تلك المخالفات التي يبلغ بعضها حد الكفر والشرك، إلى سبب جوهري هو ضعف الإيمان بالإسلام أو انعدامه، وأسباب ثانوية أهمها هزيمتهم النفسية أمام الفلسفو الإغريقية فقد كانوا ببغاوات وليسوا عقولاً نقدية تناقش ما تقرأ فتقبل وترفض بمنهج علمي رصين!!

 

ثم يكر المؤلف على حذلقات مبجلي هؤلاء الضائعين من المعاصرين وغيرهم من المعتذرين عن ضلالاتهم بأعذار باهتة لا تثبت أمام النقد الجاد والبحث النزيه، فينسف تلك الترهات نسفاً قوياً ناصع الحجة وفصيح اللسان.

وأخيراً نطالع خاتمة موجزة لخص الباحث فيها أهم النتائج التي خلص إليها.

 

ومما يزيد من قيمة الكتاب الحرص على تزويده بصور وبيانات علمية حديثة تشهد على الخلل الفظيع الذي قاد هؤلاء الفلاسفة أنفسهم إليه بسبب بعدهم عن كتاب ربهم وانسياقهم وراء أرسطو وأضرابه انسياق القطيع وراء راعيه!!