المؤامرة الإيرانية غباء أم تهور؟
18 ذو القعدة 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

لا تخفي إيران عداءها الشديد للمملكة العربية السعودية التي تمثل لها أكبر داعم لأهل السنة في العالم وهو ما يغيظ رجال الحكم في طهران, وإيران تعرف جيدا أن المملكة أكبر حائط صد لمخططاتها لنشر التشيع؛ فهي تستطيع أن تضحك على المؤسسات الدينية في بعض الدول العربية والإسلامية باسم "التقارب" والاتحاد ضد "العدو الصليبي" وتمرر سمومها من خلال المتصوفة وجمعيات ما يسمى بـ "محبي أهل البيت" , ولكن في السعودية لا تفوت مثل هذه الألاعيب؛ نظرا لانتشار المنهج السلفي ووضوح الرؤية الشرعية عن الشيعة ومعتقداتهم وخصوصا الإثنى عشرية السائدة في إيران..

 

في نفس الوقت إيران ترى أن دول الخليج بعد الإطاحة بصدام حسين في العراق وسيطرتها على الحكم هناك أصبحت لقمة سائغة يسهل ابتلاعها رويدا رويدا باستثناء السعودية لأنها الاكبر والاقوى, وكانت تظن أن المعركة مع السعودية يسهل تاخيرها مادامت ستبدأ بالاطراف الاضعف مثل البحرين ولكن وقوف السعودية وبقية دول الخليج في وجه المخطط الإيراني للاستيلاء على البحرين أصاب ملالي طهران بالصدمة وأربك حساباتهم وجعلهم يعيدون ترتيب أوراقهم وتخيلوا أن مناوشة السعودية ستدفعها للتراجع وترك الدفاع عن محيطها وعمقها الاستراتيجي وأرسلت تهديدات صريحة للرياض بتفجير الاوضاع داخلها, كما زعمت أنها قادرة على هزيمة أي قوة تقف في وجهها في المنطقة بما تمتلكه من أسلحة حديثة, وعندما رأت ثبات في الموقف السعودي أشعلت أحداث القطيف وحرضت الشيعة على التظاهر ومهاجمة رجال الامن في محاولة للاختباء خلف الثورات التي تجتاح العالم العربي ضد الانظمة الفاسدة, متناسية أن هذه الثورات لا تحمل أي أبعاد طائفية ولكنها رغبات شعبية عامة للتغيير بعد عقود طويلة من الظلم والفقر والاضطهاد, ولأن الرياض تمكنت من السيطرة على الاوضاع وفضحت الجهات الخارجية المتورطة لم تجد طهران إلا استخدام سلاح الاغتيالات خارج حدود الدولة لتلقي بالاتهامات على أطراف أخرى وتبعد الشبهة عنها وقررت أن تبدأ في بلد مفتوحة مثل أمريكا لتنفيذ مخططها ولكن تاتي الرياح بما لا يشتهي الحرس الثوري الذي أرسل أحد عناصره المدربين لأداء المهمة التي باءت بالفشل وأصبحت فضيحة تلوكها أجهزة الإعلام ..

 

ولعل اختيار إيران للولايات المتحدة لتنفيذ مثل هذه الجريمة جاء لسبب آخر هام وهي أنها على علاقة متوترة بطهران بسبب الملف النووي ـ على الأقل إعلاميا ـ وبالتالي إذا تم الكشف عن العملية يسهل اتهام واشنطن بفبركتها وهو ما تسير فيه الحكومة الإيرانية وإعلامها الآن وهي حيلة مكشوفة تم استهلاكها في مرات عديدة ..

 

هدف المؤامرة كما هو واضح الضغط على السعودية لتليين مواقفها ضد المخططات الشيعية في المنطقة وإظهارها في مظهر الضعيف الذي لا يستطيع حماية مسؤوليه المهمين..الموقف السعودي الحاسم في الرد على المخطط خصوصا بعد الاطلاع على الادلة كان في غاية الاهمية, وتاكيد وزير الخارجية السعودي على أن بلاده لن تسكت على مثل هذه الافعال وسترد عليها كان موفقا لأن تمادي إيران لن يتوقف إلا بردود حاسمة يعقبها أفعال رادعة..

 

غباء إيران أو قل تهورها وضعها في موقف لا تحسد عليه ووضعها في مرمى السهام كما أبان حقيقة ممارسات "التقية" الشيعية التي تمارسها ليل نهار حيث تبدي في العلن عكس ما تقوم به في السر وهو ما سيساعد في حشد تحالف واسع ضدها يمنعها من استغلال حالة التشرذم العربي في وقت يوشك محور تحالفها مع سوريا على الانهيار..وقوف العالم العربي في وجه المخططات الإيرانية بشكل واضح سيمنعها حتما من المضي قدما في تنفيذها وسيحمي هذه الدول من شرور كثيرة تظن بعضها أنها بعيدة عنها و"إنما أكلت يوم أكل الثور الابيض".