اغتيال العولقي.. حكم أمريكي بالإعدام خارج القضاء
6 ذو القعدة 1432
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

طرح اغتيال الزعيم الإسلامي الأمريكي الجنسية واليمني الأصل أنور العولقي على يد الولايات المتحدة والذي كانت تعتبره "آخر عدو لها" في ما يسمى بالحرب السرية على "الإرهاب" تساؤلات أخلاقية وقانونية فيما يتعلق بحق الرئيس في السماح بقتل مواطن أمريكي في الخارج باسم "مكافحة الإرهاب" في جريمة أخلاقية وخرق واضح لتعليمات الدستور الذي يحمي المواطنين الأمريكيين.

 

وفي عملية لم يكشف البيت الأبيض عن تفاصيلها باعتبار أنها جرت في سرية تامة، قتل العولقي أحد ما يسمى ب"قيادي تنظيم القاعدة" منذ يومين في غارة لطائرة بدون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية في اليمن ، ونقلت وسائل الإعلام الأمريكية عن مسئولين أن "سي آي ايه" ما كانت لتقتل مواطنا أمريكيا بدون موافقة خطية من وزارة العدل.

 

هؤلاء المسئولون زعموا أنه لم يكن هناك خلاف بشأن شرعية القضاء على العولقي الذي يعد أول أمريكي يدرج على لائحة سي آي ايه لقتله أو اعتقاله،حيث  اعتبروا أن "استهداف قياديين في القوى المعادية أيا تكن جنسياتهم وهم يتآمرون لقتل أمريكيين، قانوني".

 

كما تحدث البعض عن حق أمريكا في التحرك بشكل أحادي في حالة "إذا لم تكن حكومات تريد أو تستطيع اتخاذ الإجراءات اللازمة بنفسها"، وقد رفض مسؤولو الإدارة الأمريكية الكشف بدقة عن التحليل القانوني الذي استخدم لتشريع استهداف العولقي.

 

لكن بارديس كيبرياي المحامية في منظمة «مركز الحقوق الدستورية»، قالت إنه «إذا حدث ذلك في غياب تهديد وشيك أو خطر الموت، فهو قتل غير قانوني بموجب الدستور الأمريكي والقانون الدولي".

 

كما أوضحت أستاذة القانون الدولي في مدرسة القانون بجامعة نوتردام، ماري ايلين اوكونيل، أن حقيقة أن العولقي يحمل الجنسيتين الأمريكية واليمنية، تعني أنه يملك حماية أكبر، وفقا للدستور الأمريكي عما كان سيملكه إذا كان يحمل الجنسية اليمنية فقط، لذا فقد فعل الرئيس شيئا، في رأيي، محل تساؤل كبير وفقاً لدستورنا، بحد قولها.

 

وبعد ساعات من مقتله، ندد المركز الاسلامي "دار الهجرة" في ضاحية واشنطن الجمعة باغتيال خطيبه السابق أنور العولقي، واصفين عملية اغتياله بأنها "خارج نطاق القضاء"، وأنه كان من الأجدر إطلاق ملاحقات قضائية بحق العولقي، تنفيذاً لأحكام القانون، مشيرة إلى أنه كان يمارس عمله الدعوي المعتدل في الولايات المتحدة ويحوز على إعجاب الكثير من الناس.

 

وللمرة الأولى وصف الرئيس الأمريكي باراك أوباما ومسؤولين في إدارته العولقي بأنه قائد "العمليات الخارجية" في تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، وهو تصنيف أراد به أوباما التركيز على "خطورة" العولقي كزعيم تنظيمي مثل تهديدا حقيقيا.
وكانت الإدارة الأمريكية قد دافعت في مناسبات عديدة عن حقها في استهداف نشطاء القاعدة والمتورطين في قتل مواطنين أمريكيين، وأن "الجنسية الأمريكية لا يمكن أن تستخدم كدرع واق لأولئك الذين يرتكبون جرائم بحق الأمريكيين".

 

ويقول مسؤولون أمريكيون طالبين عدم كشف هوياتهم إن  23 ممن تطلق عليهم "إسلاميا متطرفا" من الصف الأول قتلوا أو اعتقلوا منذ أغسطس 2009 في عمليات أمريكية أو للحلفاء في باكستان واليمن وكذلك في الصومال وإندونيسيا.

 

 
والعولقي الذي عاش في فرجينيا قبل أن يغادر الولايات المتحدة بعد فترة قصيرة من هجمات 11 سبتمبر، كان أول مواطن أمريكي يرخص البيت الأبيض بقتله منذ هذه الهجمات قبل 10 أعوام.

 

وبحسب المزاعم الأمريكية فإن العولقي تولى دورا قياديا في القاعدة في جزيرة العرب وتورط في هجمات "إرهابية" فاشلة على أهداف أمريكية. واتهموا العولقي أيضا بأن لديه اتصالات بطبيب نفسي عسكري اتهم بتنفيذ عملية إطلاق نار عشوائي دموية أودت بحياة 13 شخصا في عام 2009 بقاعدة فورد هوود العسكرية في تكساس.

 

وكتب موقع انتل سنتر المتخصص في رصد المواقع الإسلامية أن مقتل العولقي «سيؤثر بشكل خاص على قدرة المجموعة على تجنيد ناشطين جدد وعلى جمع الاموال»، وذلك نظرا إلى التأثير الذي كان العولقي يتمتع به عبر الإنترنت وقدرته على التخاطب مع المتحدثين بالانجليزية في سائر أنحاء العالم، بحد قوله.

 

وفي المقابل يرى خبراء أن قتل العولقي لن يكون له أي تأثير على مستقبل القاعدة، مؤكدين أنه "لم يكن يتمتع بأي مكانة تنظيمية".

 

وتتشابه مهمة اقتناص العولقي، التي حملت مسمى "عملية تروي"، تلك التي أفضت لمقتل زعيم تنظيم القاعدة، أسامه بن لادن، في باكستان مايو الماضي، بقيادة وكالة الاستخبارات المركزية وبالتنسيق مع قيادة العمليات الخاصة المشتركة. وكلتا العمليتين تأتي قبل الانتخابات الرئاسية التي يطمح أوباما في الفوز فيها بفترة ثانية ليبقى في حكم أمريكا.

 

وعددت المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات «هود» الجرائم المرتكبة في عملية اغتيال العولقي فهي "جريمة قتل خارج إطار القانون"، و"انتهاك السيادة اليمنية من قبل الولايات المتحدة، و"التفريط بالسيادة اليمنية من قبل الحكومة اليمنية". وبحسب وصف المنظمة فإن أنور العولقي هو أول مواطن أمريكي يعدم بقرار رئاسي خارج القضاء.

 

وتضاف جريمة قتل العولقي إلى جرائم "إرهاب الدولة" الذي تمارسه الولايات المتحدة بشكل مستمر والتي يتوقع أن تزيد من كراهية وعداء المسلمين تجاه الغرب بشكل عام، فضلا عن تكريس ثقافة قانون الغاب الذي تنتهجه أمريكا وصديقتها "إسرائيل" ضد العرب والعالم الإسلامي.